رواية( فارس وبيسان) للأسير البطل ثائر حمّاد – رشاد أبوشاور
كاتب هذه الرواية أسير محكوم ب11مؤبدا، وكان عندما حُكم في حدود العشرين من عمره. أمّا سبب هذا الحكم ففعل سيروى بتفاصيله ذات يوم غير بعيد في عمل روائي يسجّل هذه المأثرة المذهلة، وإن انتشرت بعض التفاصيل على مواقع التواصل، وفي الصحافة العربية، والعالمية، وحتى في صحافة العدو التي انبهرت بما فعله شاب فلسطيني وحده، وحصد ببندقيته القديمة أرواح كل هذا العدد من جنود ( الجيش الذي لا يُقهر)!.
بجده، وبدعم ورعاية من سبقوه في الأسر حصل على الشهادة الثانوية، والجامعية، وثقّف نفسه، وها هو ذا يقدّم روايته الأولى متحديا جدران الزنازين والسجون، التي حمّلها رسالة غنية متعددة، وهي أن الأسير لا تنتهي حياته بعد الحكم عليه، وإغلاق باب الزنزانة عليه، فدوره أكبر من جدران الزنازين، ومواصلته المقاومة بالثبات والصبر والتثقّف والتعلّم والكتابة والتواصل مع مجتمعه، وحضه على الفعل، والتماسك، والتعاون، والأخذ بيد كل محتاج، والتكافل، تحملها هذه الرواية وأكثر…
مأثرة ثائر حمّاد التي أنجزها بما يشبه المعجزة يجد القارئ جذورها هنا، في هذه الرواية، وثائر حمّاد سيكتبها حتما بتفاصيلها المدهشة، كما وعدنا.
رواية فارس وبيسان وطنية، أخلاقية، اجتماعية، مكتوبة ببساطة، ولذا تتسرب إلى العقل والقلب والضمير، لأنها تُعرّفنا بما لا نعرف.
أدب السجون، وكتابات الأسرى، بدأت تلفت الانتباه، وتجذب القرّاء في فلسطين، والوطن العربي الكبير، لما يضيفه الكتّاب الأسرى عن معاناتهم جسديا،ونفسيا،هم أحرار العقول والإرادات، من غنى للأدب العربي الروائي.
حمّلني ثائر حمّاد واجب الاهتمام بالرواية، والعناية بها، ولذا بذلت في العناية بها أقصى ما استطيع من جهد، ولم أغيّر فيها شيئا، ولكنني اعتنيت بالتدقيق في اللغة، خاصة وقد وصلتني (مُهرّبة) بخط اليد، وبأحرف عانيت في قراءتها، وفك تشابك وتداخل حروفها، ومن بعد أعيد إرسالها مطبوعة، ويا لها من طباعة، ومن جديد استأنفت الجهد في إعدادها للنشر.
سعدت بسماع صوت ثائر مرارا، بلهجة الفلاّحية الأصيلة، وشعرت عبر الهاتف كم أنه طالع من تراب فلسطين وصخورها، ويحمل كبرياء قمم جبالها، وفيه رقّة بحرها وحقولها، وأصالة زيتونها…
رواية ( فارس وبيسان) جديرة بالقراءة الجادة، لا تعاطفا لأن كاتبها أسير،ولكن لأنها تقدم جوانب لا نعرفها عن معاناة أهلنا، وثائر يلفت انتباهنا لها، وهو من وراء جدران الزنازين التي نُقل إليها مرارا، لا يغيب عن وعيه دوره تجاه شعبه، ومجتمعه، وواجبه في مواجهة الاختلالات الاجتماعية التي يتسبب في الكثير منها احتلال لئيم شرير يعمل باستمرار على تدمير صلات شعبنا، وقيمه، وأصالته…
اقرأوا رواية ثائر حماد بما يليق بها، ولننتظر روايته القادمة التي ستبوح بأسرار (معركته) البطولية التي أذهلت العدو، ورفعت رأس شعبنا ببطولة هذا الفتى الثائر الذي جسّد روح شعبنا، وتراث ثوّار شعبنا منذ بدأ شعبنا مقاومته للمشروع الصهيوني والاحتلال البريطاني الذي رعاه.
أدب الأسرى والسجون إضافة كبيرة متميزة لأدبنا الفلسطيني والعربي، فلنهتم به، ولنركز الضوء عليه…
وبعد: الشكر الجزيل لدار( الفينيق) ومديرها الشاب الصديق مالك العالول، على المبادرة بتبني نشرها بكل ترحاب…