زغاريدُ الأكاليل شعر: مفلح طبعوني
وادي عبقر
نحنُ أيتامُ العصرِ
لا نعرفُ نومَ الفجرِ
والمركزُ يطردُنا نحوَ القهرِ
نعيشُ في لبِّ العجفِ
فتنطوي حضارتُنا وراءَ السواترِ
في الاْرحامِ تتقلّصُ إفرازاتُ البعثِ
عاتبَنا السيفُ
وبكتِ الخيلُ
أنكرَنا القلمُ
وانتصرَتْ آبارُ الغدرِ …
صُلبْنا عندَ شفا جرفٍ منْ عبقرَ
فصاحَتْ شياطينُ القولِ
ذرفَكُمْ سيّدُهُ الكهفُ
هذيان
أخذَتْنا الكمائنُ
لملاذِ المتاهاتِ
تنكرَّتْ مذلَّةُ الندبِ
فانفرجَتْ خلايا الألفَةِ
لرائحةِ الوهمِ
وتقاريرِ البيعاتِ
تدجَّنَتْ أمواجُ الزحفِ
كعيونِ الفاسدينَ والفاسداتِ
ابتلعَ البحرُ عشّاقَهُ
وطاردَتْ فناراتُهُ جداريّاتِ الأصدافِ
تأتأتْ فقاقيعُ الخطاباتِ
التزمَتْ بهذيانِ الطموحاتِ
اللعاب
أنفاسٌ تالفةٌ
تسقطُ فوقَ كهولةِ النبضِ
تُعرِّقُها زخّاتُ الحطبِ
ومعَ الفتنةِ تمشي
تلوكُ لعابَها
تخلعُ ما تبقّى عليْها منَ القناعاتِ
فتتلبّسُها الدهشةُ
(تتعبّاها كلابُ البرّ)
معْ سرابٍ يجترُّهُ الخيالُ
ودعاءُ الجوعِ المؤمنِ بالقدرِ
يتفرّسُهُ الإجهاضُ
الذوبان
ذابَتِ التوباتُ
عَلِقَتْ أحزانُها فوقَ الكوابيسِ
كوصايا ذابلةٍ
وقرابينَ جائعةٍ
معْ مزايا زائفةٍ
عذارى اللوز
الندى يشاكسُ عذارى اللوزِ
يتبخَّرُ كالصدى
بعتمةِ المدى
وهيبةِ الأسى
انتقام
أزالَ لونَ جلدِهِ
خلعَ نعاسَهُ
ليطلقَ الرثاءَ على الفجرِ
وجهاً لوجهٍ
وعلى وطنٍ أنكرَ بقاياهُ
نفى أيتامَهُ
وعانقَ أعداءَهُ
مغالطة
مغالطةُ الرغباتِ
تأخذُني إلى طعمِ تفّاحِها
أغازلُ خربشاتِ أمنياتِها
فينتصبُ شبقُها المتخمُ بالخدرِ
في سريرِ أحلامِها
وتداعياتِها المأزومةِ
أرسمُها بلونِ الرمّانِ
فوقَ بقايا الإرثِ المنهوبِ
فترشقُني فوقَ ثديِها المكابرِ
قبلةً ماتعةً
تحملُني إلى حضوري
فيهامسُني غروري …
وخلودي يناجيني
جمود الخيال
تفيقُ التعاسةُ الهَمَّشتني
وتركتْني عندَ مفارقَ مهدومةٍ
انزلقَ العشقُ كالعراءِ
فعادَتِ البداياتُ
رافقَتِ الأبديّةَ إلى الزوالِ
وترنّحَتْ معْ جمودِ الخيالِ
انفلتَ الرذاذُ منَ العجافِ
كالعائدينَ معَ الجثثِ الشجاعةِ
على خيولِ الانتصاراتِ
وطني وطنُ الحفاءِ
وسيّدُ الخلاءِ
هلْ أنتَ
وطنُ التشبّثِ بالمالِ
وهلْ أنتَ
وطنُ الصادقينَ بالقيلِ والقالِ
العثرات
الإفراطُ بالعثراتِ
عندَ العتباتِ
دهاءُ الغموضِ الثاقبِ
ورتابةُ كينونتِها المتهالكةِ
تتقوقعُ ومرادُها حولَ المجهولِ
فقدَ طعمَ القبلِ
تتواصلُ معَ الولوعِ
تُتابعُ المتابعةُ بالوهمِ
وطفولتُها المنشورةُ
على مشاجبِ النكباتِ
تعودُ إلى خيامِ الهلاكِ
وتهجيرِ الأبراجِ
معَ اليتامى الأذلّاءِ
رداءة الارتزاق
تتقرفصُ الأسلاكُ حولَ الزنازينِ
تزرعُ الأوهامَ
في لهيبِ الغمامِ
والسناسلُ حولَ كرومِ الطفولةِ
تعاندُ العيبَ
كيْ لا يأخذَني إلى مدنٍ عاشرَتْني بالمنامِ
أخرجُ منْ نصوصي
لأعودَ إلى التأويلِ
والأوغادُ يستنجدونَ الضياعَ
ويبيعونَ الموروثَ بالغموضِ
يستبدلونَ النزفَ بالورمِ
والقناعاتِ بخرافاتٍ مهزومةٍ
والمعاناةَ بخيانةِ الليلِ للنهارِ
رداءةَ الارتزاقِ برحابةِ الهروبِ
صهيل القلق
أخجلُ منْ تجاعيدِ خيبتِنا
منْ ثرثراتِنا العاريةِ
منْ همسِ سباتِنا
أخجلُ منْ وجعِ رعشاتِنا
وممّا تبقّى منَ الأرقِ
أناجي وجعَ الشواهدِ
أشرحُ مشاجبَ الخياناتِ
بعطشِ كعطبِ القصبِ
أطاردُ بصهيلِ القلقِ
توغّلَ المقنّعينَ بصولاتِ الرهابِ
الغمغمات
تغمغمُ أفكارُهمْ
فوقَ متاهاتِ النزقِ
يتسلّلونَ معْ غيبوبتِهمْ
إلى ذبولِ الهزائمِ
يتنكّرونَ في السهراتِ
تلوكُهمْ فاقةُ القداميسِ
ويفاوضونَ … يفاوضونَ
على ما تبقّى منَ الخيامِ
وعلى القطا المنفيِّ
فساد الوشوشات
يعكّرُها انتصابُ الفزّاعاتِ
فوقَ الشهقاتِ
يمازجُها خيالُ المرايا بالزوالِ
وانكسارُ الكمالِ
كبرقٍ فقدَ ملامحَهُ
في فضاءِ النسيانِ
يعكّرُها انسكابُ الدموعِ ببئرِ العبرِ
وانشقاقُ أرضِ الوفاءِ
اتّساعُ الحفرِ
لمْ تولمْ شراينَها عطايا الصورِ
فغفَتِ الأمنياتُ على نزيفِ الورمِ
لمْ تنسَ أنَّ الوصولَ إلى المحالِ
ليسَ بالمحالِ
وأنَّ الوشوشاتِ نوعٌ منَ الفسادِ
تبدأُ منَ الذاتِ
غيبوبةُ أفكارِها
نحيبُ الدماءِ
ومتاحفُ الغباءِ المستوردِ
زفيرُ الأمواجِ
وتدنيسُ الجداولِ المقدّسةِ
منَ الآفاقِ البائسةِ
موتُ معيب
وطني أخرجَني منْ دوائرِ اليبابِ
منْ رمادِ الهشاشاتِ
خذْني إلى مدافنِ الانبعاثِ
ما هوَ حقٌّ يداهمُني
يخرجُني منَ التوافقِ معْ ذاتي
يحاصرُني بانحناءاتِ التفاوضِ
معَ المجهولِ
يتعكّزُ على الحيادِ
ومنْ ملامحِ الهالاتِ
وطني …
أخرجْني وخذْني إلى شاهدِ أمّي
اتركْني وتراتيلَها الساهراتِ
معْ كفنٍ يليقُ بلقائِها
بعيداً عنْ هذا الموتِ
فهذا الموتُ معيبٌ