– زهير اندراوس – “اعتزال” عبّاس سيدفع (إسرائيل) لإعادة احتلال الضفّة الغربيّة
مركز أبحاث الأمن القوميّ بتل أبيب: “اعتزال” عبّاس سيدفع (إسرائيل) لإعادة احتلال الضفّة الغربيّة والحلول المرحليّة ستُوسّع علاقات الكيان مع الدول السُنيّة المُعتدلِة
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
لا تُخفي إسرائيل قلقها وتوجسّها ممّا تُسّميه “اليوم الذي يلي محمود عبّاس في الساحة السياسيّة الفلسطينيّة”، وهذا الشعور يشمل صنّاع القرار في تل أبيب من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، والكثير من المُحلّين والمُستشرقين في تل أبيب، بالإضافة إلى الخبراء ومراكز الأبحاث التي تُحاول استشراف المُستقبل بدون رئيس السلطة الفلسطينيّة.
وفي هذا السياق، أجرى مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، الذي يُعتبر من أهّم مراكز الدراسات الإستراتيجيّة في كيان الاحتلال، أجرى بحثًا شاملاً ومُوسّعًا جدًا، بمُشاركة خبراء أجانب، ناقش خلاله التحدّيات والتهديدات التي تُواجِه إسرائيل في ظلّ المُتغيّرات على الساحة الفلسطينيّة، وسبل الردّ عليها، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ البحث لم يتطرّق بتاتًا إلى عرض حلولٍ سياسيّةٍ للنزاع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، كما جاء في الدراسة التي تمّ نشرها على موقع المركز الالكترونيّ.
الخبراء الإسرائيليون والأجانب، الذين أشرف عليهم أودي ديكل، مدير المركز، وكوبي ميخائيل، باحث كبير، توصّلوا إلى نتيجةً مفادها أنّ ترك محمود عبّاس الساحة السياسيّة الفلسطينيّة واستبداله بزعيمٍ فلسطينيٍّ آخر لا يؤمن كما عبّاس، برفض أيّ شكلٍ من أشكال “الإرهاب”، أوْ عدم وجود قيادة فلسطينيّة مُتفقٌ عليها، سيؤدّي إلى صراعٍ دمويٍّ على الوراثة، الأمر الذي سيدفع لانهيار السلطة الفلسطينيّة، كما شدّدّ البحث الإسرائيليّ.
وتابع البحث قائلاً إنّه نتيجة لهذه الحالة، انهيار السلطة بعد عبّاس، من المُتوقّع ارتفاع التحدّيات والتهديدات على إسرائيل، الأمر الذي قد يُلزمها، لمنع الفوضى العارمة في الضفّة الغربيّة، لإعادة احتلالها مرّةً أخرى وبسط نفوذها عسكريًا على جميع المناطق، بحسب تعبير البحث.
وتطرّق البحث إلى سيناريو دولتين لشعبين، مُوضحًا أنّ إخراجه إلى حيّز التنفيذ مشروط بدعمٍ من الدول العربيّة البراغماتيّة للسلطة الفلسطينيّة، وقدرة إسرائيل على التأقلم في الشرق الأوسط، والعمل على تلقّي المُساعدة في ذلك من مصر والأردن وربما المُساعدة من دولٍ عربيّةٍ أخرى للسلطة لكي تقوم بواجباتها الأمنيّة، مُوضحًا أنّ مبدأ دولتين لشعبين يُمكن تطبيقه أولاً في الضفّة الغربيّة، أمّا في قطاع غزّة، فأكّد البحث، على أنّ تطبيقه منوط بتغيير الأوضاع ونظام الحكم هناك.
وشدّدّ مركز الأبحاث على أنّه أخذ بعين الاعتبار الأهمية القصوى للاتفاقيات المُوقعّة بين مصر والأردن من جهة وبين إسرائيل من الجهة الأخرى، لافتًا إلى أنّ دعمهما للحلّ السياسيّ يُشكّل عامل استقرارٍ كبيرٍ في المنطقة، كما أنّه يُحافظ على استقرار المملكة الهاشميّة، كما أنّ ما أسماها البحث بالدول السّنيّة المُعتدلة أهمية كبيرة، إذْ أنّ دعمها للحلول السياسيّة سيُساهِم إلى حدٍّ بعيدٍ في “عزل” الساحة الإسرائيليّة-الفلسطينيّة من التأثيرات السلبيّة، كما أنّ هذا الدعم العربيّ سيدفع لبناء كيانٍ فلسطينيٍّ فعّالٍ، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ التوصّل لاتفاقياتٍ مرحليّةٍ بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيدفع لتوسيع علاقات الدولة العبريّة بدولٍ عربيّةٍ سُنيّةٍ أخرى، والتي تنتمي بحسب البحث إلى المُعسكر البراغماتيّ.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، ناقش البحث سيناريو قيام إسرائيل بضمّ مناطق واسعةٍ من الضفّة الغربيّة لسيادتها، وأكّد في هذا السياق، أنّ السلطة الفلسطينيّة ستنهار، وفي أحسن الأحوال ستتحوّل إلى سلطةٍ مُعاديةٍ، بالإضافة إلى ارتفاع قوّة حماس والحركات السلفيّة والجهاديّة، الأمر الذي سيضع حركة فتح المُعتدلة وتنظيماتٍ أخرى في حالةٍ من الخطر الشديد، وحذّر البحث من أنّ ضمّ مناطق فلسطينيّة لإسرائيل سيقضي على حلّ الدولتين، وسيؤدّي إلى تسريع حلّ الدولة الواحدة، على حدّ قول الباحثين الإسرائيليين.
وأوضح البحث بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل أنّه في جميع السيناريوهات التي تمّ نقاشها ودراستها فإنّ لإسرائيل مصلحةً حيويّةً للغاية في أنْ تكون السلطة الفلسطينيّة قائمة، ثابتة، وتقوم بأداء وظائفها على أحسن وجه، مع التشديد على أنْ تُقيم مع دولة الاحتلال علاقات طيبّة، وفي مُقدّمتها الحفاظ على التنسيق الأمنيّ بين الطرفين، الذي يعتمد على مصالح مشتركةٍ في الحرب ضدّ “الإرهاب” وضدّ حركة حماس.
وخلُص البحث إلى القول إنّ قطاع غزّة هو مشكلة بدون حلٍّ كاملٍ، وبالتالي فإنّ مُواصلة سيطرة حماس عليه يُشكّل عاملاً سلبيًا في التوصّل لحلٍّ يُرضي جميع الأطراف، ومن أجل كبح التوجهّات السلبيّة في القطاع، شدّدّ البحث، هناك حاجة ماسّة لجهودٍ إقليميّةٍ ودوليّةٍ من أجل تحسين الأوضاع في القطاع، من ناحية الخدمات المدنيّة والبنية التحتيّة، أوْ بكلماتٍ أخرى، الجهد لما يُسّمى إعادة تأهيل قطاع غزّة، بحسب ما ورد في البحث.