زيارة لبلد عربي لم تتم
نضال حمد
سأقص عليكم بمناسبة افتتاح الحدود بين كل دول شنغن الأوروبية الأسبوع الماضي، حكاية حصلت معي مؤخراً على الحدود البريّة بين دولتين عربيتين. عزمت أمري قبل عدة أسابيع على زيارة إحدى العواصم العربية، التي تقيم اتفاقية سلام مع كيان الصهاينة. اعترف أنها كانت سوف تكون رحلتي الأولى إلى هذا البلد.. لو أنها تمت.
عند وصولي نقطة الحدود البرية لتلك الدولة وقفت مع حملة الجوازات الأجنبية. لم يكن أمامي سوى شخص تركي، لم يستطع ضابط المخابرات التفاهم معه بأي لغة. مع أن تركيا استعمرت البلاد العربية مئات السنين. هذا طبعاً يوم لم تكن هذه الدولة سوى جزءاً صغيراً من سوريا الكبرى وبلاد الشام التي خضعت بدورها لحكم الدولة العثمانية. لا أدري كيف انتهت الحكاية مع التركي، لكنها عجلت بمجيء دوري. فقدمت جواز سفري الأوروبي الذي فيه اسمي العربي كاملاً. مع أنه يمكنني قانونياً في بلدي الأوروبي أن أبدل اسمي وكنيتي بشكل قانوني. كي يرتاح المرء من سين وجيم العرب وشرطتهم وحدودهم ومطاراتهم ومخابراتهم. لكني لم ولن أفعل ذلك. لأنني أريد أن أحافظ على ما تبقى من أثر للعروبة في جواز السفر. كما أنني أريد دخول بلاد العرب أوطاني باسمي العربي وكنيتي العربية، باعتبار أنني عربي أصيل، في حين أن الكثيرين من المخبرين وأسيادهم عاربة ولا علاقة لهم بالعروبة.
أول سؤال واجهته: الأصل؟
قلت عربي فلسطيني… ( لاحظت فوراً التبدل على وجه الموظف)..
فلسطيني من أين؟
من النرويج…
أقصد من أي بلد عربي..؟
آه.. من لبنان..
من أي مخيم؟
قلت: ألا ترى جواز سفري النرويجي؟ … وأضفت أنا من أوسلو…
وكما المخابرات حاول تمييع الأمر، وأخذ يسأل أسئلة كثيرة، أجبته على ما أريد ولم أجبه على أسئلة أخرى تافهة وتعكس عقلية بائدة. أجبت طبعاً طمعاً بالحصول على إذن الدخول. لكن ألمخابراتي وبعد كل شيء جاء ليقول لي يمكنك الدخول لكن عليك ترك جواز سفرك هنا واستلامه من مركز المخابرات العامة في العاصمة. قلت له إما أدخل أوروبي أو لا أدخل.. و بصراحة لم يعد لدي رغبة بالدخول.. منذ هذه اللحظة لم أعد أرغب بالبقاء هنا.
قلت: أعطني جواز سفري..
قال: نحن لا نستطيع منعك من دخول بلادنا، أنت مواطن أوروبي.
قلت له أعرف ذلك، لذا انتم تتحدثون معي بلغة أخرى ومختلفة. لكنكم تريدون مني الذهاب إلى مخابراتكم لاستلام جواز سفري من هناك. لا أذهب إلى مخابراتكم ولا إلى مخابرات غيركم.. لأنني شخص عاشق، يحب زيارة المدن ورؤية كل شيء فيها من آثار وأماكن جميلة و متاحف وبشر يحبون الحياة. حيث يمكنه التعرف على بلاده العربية وأهله وناسه…لا على المخابرات ومراكز التوقيف والتحقيق والإذلال.
وقف ألمخابراتي مذهولاً أمام إصراري على العودة ورفض الدخول المشروط لبلده.
قال : رجوعك على مسؤوليتك..
لأنه يعرف أنه لا يستطيع منعي إذ ورائي دولة أوروبية تحترم مواطنيها وجواز سفرها.
قلت: نعم على مسؤوليتي فلست بحاجة لزيارة مخابراتكم… كنت أود فقط زيارة بلدكم والتعرف أكثر على شعبكم.
في الختام لا أعجب من تصرف هؤلاء إذ أن مدير مكتبهم القنصلي في إحدى عواصم البلاد الإسكندنافية يجلس وراء مكتبه، على رأسه القلنسوة اليهودية وخلفه صورة حاكم البلد العربي بزيه التقليدي.
زيارة لبلد عربي لم تتم
نضال حمد
Sunday 06-01 -2008