سـقـوط عـراب ” وثـيـقـة جـنـيـف ” ..!!
بـقـلـم : عـادل أبو هـاشـم
هناك فرق شاسع بين أن تعارض وأن تخون .!
أن تعارض نظامـًا وأن تخون وطنـًا يشبه الفرق بين السماء والأرض .!
وللأسف فإن الجهل أدى بهؤلاء المعارضين الخونة أن يصبحوا خونة معارضين .!
والمسيرة الفلسطينية مليئة بالخونة المعارضين الذين اصطفوا مع العدو الصهيوني ، بل فاقوا الإسرائيليين في هجومهم على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ أن لفظهم الشعب الفلسطيني في يناير من العام 2006 م ، وازدادوا خيانه وخسة ونذالة و حقارة وأكثر التصاقا بالعدو بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة في يونيو 2007م ، و تجلى هذا الأمر في السيد ياسر عبد ربه الذي أقيل من أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مع تمنيتنا أن يخرج هذا الرجل من الحياة السياسية الفلسطينية للأبد .!
فلم يعرف التاريخ الفلسطيني المعاصر شخصـًا أكثر انتهازية من هذا الرجل .!
ولم يعرف الشعب الفلسطيني شخصـًا أساء لقضيته ومقدساته وثوابته وشهدائه و جرحاه و أسراه ــ مع سبق الإصرار والترصد ــ كما أساء هذا العبد ربه .!
ولم تعرف القضية الفلسطينية شخصـًا تاجر بدماء شهدائها وجرحاها وعذابات أسراها ومعتقليها وآلام لاجئيها ومشرديها كما تاجر بها عبد ربه .!
ولا يشعر الفلسطيني في كل مكان بكم هائل من الشعور بالحزن و المهانة على ما وصلت إليه القيادة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو إلا عندما يشاهد المذكور .!
ولم ” تحرث ” حركة فتح على شخص كما حرثت على هذا الشخص الذي يطلق عليه البعض ” ثور الله في برسيم فتح ” .!
فالممارسات والمواقف المريبة والتصريحات المشبوهة لهذا الرجل تثير العديد من علامات الاستفهام حول دوره في تشويه مسيرة الشعب الفلسطيني ، وكيف أصبح هذا “الرفيق ” رمزًا من رموز التواطؤ مع العدو (الإسرائيلي)، وأحد أزلام التنازلات للدولة العبرية ممن نصبوا أنفسهم ــ زورًا وبهتانـًا ــ بالتحدث باسم الشعب الفلسطيني ، وأحد “فئران السفينة” التي تجمعت لإغراق السفينة الفلسطينية من الداخل .!
فمنذ أن كان عبد ربه قياديـًا في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين استخدمه ياسر عرفات لطرح برنامج السلطة الوطنية والنقاط العشرة عام 1974م ، وهو العام الذي عرف بعام التنازلات الفلسطينية ، إذ أقر عمليـًا التـنازل عن 78% من فلسطين لليهود .!
وقد تجلت انتهازية هذا الرجل بعد انشقاقه عن الجبهة الديموقراطية وتأسيسه حزب ” فدا ” كأول حزب علني فلسطيني في ظل الاحتلال (الإسرائيلي) ــ الذي لا يتجاوز عدد عناصره أصابع اليد الواحدة ــ ليضمن لنفسه منصبـًا وزاريـًا في جميع الحكومات المتعاقبة في السلطة .!
ووجد له ياسر عرفات مسوِّغاً للبقاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بصفته زعيم حزب ” فدا ” ، ولكن بعد طرده من الحزب بقي عبد ربه مستمرا في عضوية هذه اللجنة دون أيِّ مسوغ ، ومن منصبه هذا يعطي نفسه الحق في الإدلاء بدلوه فيما يجري على الساحة الفلسطينية رغم فقدانه لأية صفة تمثيلية .!
و تقرب عبد ربه من عرفات الذي يعتقد أنه استخدمه كبالون اختبار في مبادرات معينة مثل ما عرف بـ ” وثيقة جنيف ” التي طرحها في الأول من ديسمبر 2003 م ، وكشف فيها عن جوانب أخرى من نهجه السياسي ، وأعلن فيه بوضوح تفريطه بحق العودة .!
و”وثيقة جنيف” صاغها يوسي بيلين ووقع عليها عبد ربه حيث تم التنازل فيها عن حق العودة للاجئين مقابل نصف مليون دولار وضعت في حسابه الشخصي ، فضلا عن تنازلات أخرى كثيرة فيما يتعلق بالقدس وغير ذلك . !
ورغم الموقف الشعبي الغاضب من عبد ربه إلا أن عرفات بقي متمسكا به ، وبعد إغتيال عرفات وجد عبد ربه مكانا له في كتلة ” الطريق الثالث ” ، ولكن هذه الكتلة لم تجرؤ على ترشيحه ضمن قائمتها في الانتخابات التشريعيةعام 2006 م التي فازت بها حركة ” حماس ” ، خشية منها بأن يضرَّ ترشيحه مكانتها الضعيفة أصلا وسط الجماهير .!
وعمل عبد ربه لصالح هذه الكتلة في الظل ، وجنّد بعض رفاقه القدامى في ” فدا ” للعمل لصالح الكتلة التي تميزت بصرفها المالي الكبير خلال الحملة الانتخابية .
( نجح عن كتلة الطريق الثالث سلام فياض و حنان عشراوي .! )
ورغم نتيجة الانتخابات التشريعية التي أظهرت فوزا ساحقا لحركة “حماس ” ونهجها، إلا أن عبد ربه لم يتوار عن الأنظار أو يستقيل ، وإنما استمر في إطلاق مواقف معادية ليس فقط ضد ” حماس ” ، ولكن أيضاً ضد الإرادة الشعبية الفلسطينية .!
انضم عبد ربه بعد ذلك إلى فئة صغيرة في حركة فتح من المنتفعين ، والانتهازيين ، والمتسلقين ، والوصوليين ، الذين فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية إلى الهجوم على الحركة وتشويه تاريخها الجهادي .!
وبعد الأحداث في قطاع غزة في يونيو ” حزيران ” 2007 م و التي أدت إلى الأنقسام أصيب عبد ربه و الفئة السابقة بلوثة من الجنون أفقدتهم عقولهم ، و أوصلتهم إلى اتهام حركة ” حماس ” وفصائل المقاومة المجاهدة باتهامات لم تصدر عن أعتى عتاة الليكوديين في (إسرائيل)، ولا عن رمز من رموز المحافظين الجدد في أمريكا الذين يملأهم الحقد على الفلسطينيين ، وجعلتهم بكل نذالة وخسة يطالبون صديقهم القديم الجديد أيهودا باراك باحتلال قطاع غزة والقضاء على المقاومة فيه .!
إنهم جمع غريب وخليط عجيب التقوا في خط واحد دون اجتماع منسق ومهيأ له ، وساروا في تظاهرة ليس لها قائد علني ولا برنامج سياسي ، لا يجمع بينهم إلا شعار الإدارة الأمريكية والعدو (الإسرائيلي) بوجوب إفشال ” حركة حماس ” في قيادة الشعب الفلسطيني .!
إنهم نفس الجوقة الذين هبطوا علينا فجأة من السماء في براشوت أمريكي يحمل العلم (الإسرائيلي) بعد خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في 24/6/2002م والذي طرح فيه خريطة الطريق، وطالب فيه باستبدال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، فجاءت هذه الزمرة وخاصة من أولئك الذين ساهموا معه في عملية التفاوض ( العلني منها والسري في مراحل التفاوض وأشكاله المختلفة ) من أجل عزله سياسيـًا ، وبالتالي إسقاطه من قيادة الشعب الفلسطيني .!
إنهم نفس الزمرة الذين أطلقوا على أنفسهم ” المعارضون الجدد “. !
فقد عاش هؤلاء بفضل عرفات ، وضربوا بسيفه، واستفادوا منه إن لم نقل إنهم استغلوا انتمائهم إليه ، وأطاعوا أوامره في تحقيق أهدافهم المعيشية ، وكانوا أصحاب حظوة عنده ، وعندما جاءت أوامر الإدارة الأمريكية بوجوب استبدال القيادة الفلسطينية، أصبح عرفات هو المستبد والمتسلط الذي يأخذ القرار لوحده .!
وبالتالي يجب قتله بدس السم له .!
وكان لهم ما ارادوا . !
وبعد فشل العدوان الصهيوني على قطاع غزة في عامي 2008 ــ 2009 م ، والصمود الأسطوري لفصائل المقاومة الأسلامية و الوطنية و الشعب الفلسطيني بكل شرائحه لهذا العدوان ، مما جعل العدو يوقف إطلاق النار من طرف واحد ، كشفت مصادر فلسطينية عن أن ياسر عبد ربه انتقد وقف الاحتلال عدوانه على غزة ” دون أن يحقق أهدافه ” ، واعتبر ذلك ” خطأً كبيرا ” .!
وقال عبد ربه :
” إن وقف الحرب بهذه الطريقة هو خطأ كبير ، والحقيقة أن بقاء ” حماس ” في السلطة حتى الآن هو أمر سيئ لنا جميعاً “. !
قد يقول قائل بأن حالة من الغباء المركب قد أصابت ” عبد ربه ” بعد إلتفاف الشعب حول حركة ” حماس ” رغم الحصار و التجويع الذي وصل إلى حد الموت ، وأن هذا الغباء وصل إلى حد الخيانة الوطنية في التناغم مع العدو (الإسرائيلي) والإدارة الأمريكية في الهجوم والتحريض على الشعب الفلسطيني . !
ولكن قديمـًا قالت العرب ” حينما يتعلق الأمر بمصير الأوطان .. فإن الغباء والخيانة يتساويان”. !
في الفم ماء كثير ، خلاصته أنه ليس لدينا دموع نذرفها على ياسر عبد ربه ، لكن غاية ما نستطيع أن نقوله أن ندعو الله ــ سبحانه و تعالى ــ أن لا يغفر له ، فهذا الرجل يعلم ما يقول و ما يفعل ..!!