سـلام فـيـاض عـلى الـبـاغي تـدور الـدوائـر..!!
بـقـلـم : عـادل أبو هـاشـم
باغلاق مؤسسة ” فلسطين الغد ” التي أسسها ويرأس مجلس إدارتها سلام فياض ، وقيام النيابة العامة الفلسطينية بحجز أموال تلك المؤسسة بحجة نشاطات لمال سياسي يديرها فياض في مناطق السلطة في غزة والقدس والغور تذكرنا قول الباري عز وجل :
” وكَذَلِكَ نُوَلِي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ “
من هو سلام فياض ؟
سلام فياض ليس شخصية سياسية فلسطينية ، هو ليس زعيماً ، ولا قائداً ، ولا مناضلاً .!
سلام فياض ليس قومياً ، وليس وطنياً .!
لا هو في اليمين ، ولا في الوسط ، ولا في اليسار .!
ليس إسلامياً ، وليس عروبياً ، وليس ليبرالياً .!
بين المناضلين ليس له مكان .!
بين المقاومين ليس له موقع .!
بين الأسرى والمعتقلين ليس له سجل .!
بين المحرضين على الاحتلال ليس له تاريخ .!
بين الجرحى ليس فيه رمية برمح أو طعنة بخنجر.!
لم يمسك رصاصة ، ولم يحمل قنبلة ، ولم يمس حجراً ولا ” مقلاعاً “.!
لم يكتب مقالاً ضد الاحتلال ، ولم ينظم مؤتمراً ، ولم يشارك في ندوة معارضة للعدو .!
وكما استعمل محمود عباس للإطاحة بياسر عرفات ، يستعمل سلام فياض للإطاحة بمحمود عباس .!
ولأن فياض هو ركيزة المشروع الأمريكي ــ الأوروبي ــ الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية ، وتثبيت الاحتلال ، والقضاء على المقاومة ، وإسقاط حق العودة ، وضرب حركة ” فتح ” ، وإسقاط فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فيجب وضعه على رأس المشروع .!
فكل مشروع سياسي يحتاج إلى من يحمله ويسير به .
وكل فكرة أو نهج تحتاج إلى أدوات تنفيذ .
ولكل مرحلة رجالها ، ولكل فترة خصائصها .
و لكل مخطط مجموعة تتبناه وتدافع عنه.
وتاريخ منطقتنا حافل بالمشاريع والمخططات والتدخلات والمؤامرات ، وكل مشروع أو مخطط أو مؤامرة كان له جنوده المخلصون ، الذين يسيرون به حتى نهايته أو .. نهايتهم .!
عام 2002 م كان هناك مخطط إسرائيلي مدعوم من واشنطن لتجفيف الرئيس ياسر عرفات ومحاصرته ، والتضييق عليه ، وكان مال الدول المانحة إحدى أدوات ذلك المخطط .!
تم تسمين سلام فياض وأصبح وزيراً للمالية ، جيء به من البنك الدولي ليستخدم كأداة لمحاصرة الرئيس ياسر عرفات ، وللقضاء على مصادره المالية ، وقد اضطر عرفات لابتلاع الطعم لأن المال لم يعد يأتي إلا من هؤلاء ، وحاول التكيف مع فياض .!
و بعد فشل الرهان الأمريكي على محمد دحلان نتيجة لحسم حركة ” حماس ” العسكري و سيطرتها على قطاع غزة في يونيو 2007م ، لاقى دحلان تهميشا ً أمريكياً ، وانتقل الرهان الأمريكي إلى سلام فياض ، وعين رئيسا للوزراء في 15 / 6 / 2007 م حيث وجد الدعم المالي و السياسي و الأمني ليقوم بتنفيذ الأستراتيجية الأمريكية في فلسطين ، وصار هو الحاكم بأمره ومحمود عباس مجرد صورة :
الملفات الأمنية بيد سلام فياض .!
الملفات المالية مع سلام فياض .!
إدارات السلطة والوزارات مع سلام فياض .!
التوظيف والتعيين مع سلام فياض .!
مشاريع التنمية و قرارات الحكومة مع سلام فياض .!
تجفيف حركة فتح على يد سلام فياض .!
لم يكن سلام فياض رئيساً لحكومة ونقطة على السطر ..
بل هو مشروع مثل سايكس ــ بيكو ، أو كامب ديفيد ، أو 17 أيار ، أو أوسلو ، أو خريطة الطريق ..!
الأمريكيون تعاطوا مع سلام فياض كمشروع سياسي مستقبلي وليس كرئيس حكومة . !
وصفه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قائلاً : إنه رفيق جيد .!
وامتدحته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس قائلة : إنه شريك جيد للسلام ويجب العمل على دعم حكومته .!
حتى الرئيس الأمريكي باراك أوباما حرص على ذكره في خطابه للعالم الإسلامي في القاهرة في 4/ 6 / 2009 م ، كما أن المسؤولين الأمريكيين لايترددون في الإشادة بدور فياض وحكومته وضرورة دعمها .!
ولأنه ضعيف ، وليست لديه خبرة سياسية ، وغير محبوب شعبياً ، وليس شخصية قيادية ، احتاج سلام فياض إلى فريق عمل يساعده ويدير تحركاته ، ويبرمج مواقفه ،وقد استعان بعدد من المساعدين و المستشارين .
مستشارون لصناعة سلام فياض ، يديرونه ، يوجهونه ، يصقلون أفكاره ، يعيدون ترتيب وبرمجة خطابه السياسي ليتوافق ــ أو بالأصح ــ ليتطابق مع الاحتلال . !
ولهؤلاء المستشارين مواصفات واحدة ، أو قواسم مشتركة تجدها عندهم ، نذكر منها :
-
تبني نهج الاعتراف بالاحتلال والتفاوض معه .!
-
رفض المقاومة بجميع أشكالها .!
-
إسقاط حق العودة .!
-
الارتباط بدول مانحة وبمؤسسات تمويل أجنبية .!
-
كراهية حركة “حماس ” وقوى المقاومة بكافة ألوانها السياسية .!
-
فساد أخلاقي ومالي وانتهازية تاريخية .!
-
محاربة الانتفاضة الشعبية ووصفها بالعنف .!
-
معظم العاملين في فريق فياض تنقلوا من فصيل فلسطيني لآخر ، نقلوا البندقية من كتف إلى كتف ، انشقوا عن أحزابهم و شكلوا أحزاباً ثم طردوا منها ، لكنهم يستمدون نفوذهم من دعم مالي مخابراتي ، ودعم خارجي ، وتغطية إعلامية هائلة . !
كل فريق سلام فياض السياسي و الإعلامي ليس له قاعدة شعبية ، يبغضهم الناس بسبب مواقفهم السياسية وسلوكهم الشائن ، ولو شاركوا في أي انتخابات حرة و نزيهة لخسروها ، فما بالك إذا كان رئيسهم سلام فياض لم يحصل هو وكتلته على أكثر من 3% من الأصوات في الانتخابات التشريعية عام 2006 م . !
أغلق فياض عدة مؤسسات فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير وطرد موظفيها ، وأحال على التقاعد ستة آلاف كادر فتحاوي .!
ردت ” حركة فتح ” مزمجرة ومعترضة ، فجاء الجواب :
” من يرفع الصوت لن يقبض مرتبه “.!
قالت عنه ” كتائب شهداء الأقصى ” التابعة لحركة فتح في بيان لها بتاريخ 30 / 12/ 2007م :
” إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ، وإزاء التعاون والتنسيق الأمني الذي بات واضحاً من قبل حكومة فياض الأمريكية في رام الله ، وبعد تسليم الأجهزة الأمنية لثلاثة صهاينة مجرمين إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، فإن قيادة كتائب الأقصى تطالب عناصرها في أجهزة السلطة عدم السماع لأوامر حكومة فياض الأمريكية ” .!
وختمت بيانها بالقول :
” حان الوقت للضرب بيد من حديد الذين يعبثون بمقاومتنا الشريفة في الضفة الغربية ” .!
وأعلن غالبية أعضاء المجلس الثوري لحركة ” فتح ” في اجتماع نهاية الأسبوع الأول من يونيو / حزيران 2008م أن حكومة سلام فياض لا تمثل حركة ” فتح ” ولا منظمة التحرير الفلسطينية وأياً من قواها ، وأن كل ما تقوم به من إجراءات يستهدف حركة ” فتح ” .!
وأصدر الاجتماع المذكور للمجلس الثوري لحركة فتح القرار رقم ( 6 ) الذي دعا لـ ” تشكيل لجنة خاصة من عدد من أعضاء المكتب الحركي العسكري لحركة ” فتح ” ومن الكفاءات العسكرية ذات الخبرة سواء من العاملين بالخدمة أو ممن أحيلوا إلى التقاعد ، بهدف متابعة إلغاء أو وقف العمل بالقرارات والمراسيم التي كان سلام فياض قد أصدرها تباعا ً” .!
يوصف فياض برجل المتناقضات الذي يلعب على وتر الخلافات ، فهو الذي حارب حركات المقاومة و خاصة ” حماس ” بالقتل و الأعتقال و التعذيب ، و مصادرة السلاح ، و الفصل من الوظائف الحكومية ، و إغلاق الجمعيات الخيرية ، و مصادرة الأموال و الممتلكات ، و أقصى ” حركة فتح ” بهدوء ، كما يرى في الوحدة الوطنية خطراً يهدد مستقبله ، يسابق الزمن بشراء ذمم الفتحاويين و اليساريين و المستقلين ، بالمال تارة و بالمناصب تارة أخرى حتى يجعل منهم جنوداً مخلصين يدينون بالولاء المطلق له ليشكل جبهة قوية في وجه ” حركة فتح ” قبل ” حركة حماس ” بحيث يصبح بقوة المال و النفوذ رقماً يصعب القفز عنه .!
يعتبر سلام فياض صاحب مشروع التنسيق الأمني مع الاحتلال ، ودوره معروف في محاولة إقصاء المقاومة من الضفة الغربية و ضرب بنيتها التحتية المتمثلة في سلاح المقاومة ، و تجريم كل من يحمل السلاح ضد الأحتلال ، و سحب سلاح المقاومة وملاحقة المقاومين من أبناء ” كتائب شهداء الأقصى ” في الضفة الغربية ، والذي بدوره سهل على الاحتلال تصفيتهم أو اعتقالهم .!
خاطب فياض الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بعد العملية الفدائية في الخليل و التي أدت لمقتل جنديين صهيونيين في 28 / 12 / 2007 م قائلاً :
” يوم حزين لنا ولكم ، آلمنا مقتل الجنديين ، وإن كل حادثة قتل هي غير مجدية ، لا يوجد أقوال بل أفعال ، نحن نتعاون بجدية مع أجهزة الأمن الأسرائيلية ” .!
وقد أوضح يوفال ديسكن ، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية ، بتاريخ 25 / 3 / 2009م في اجتماع للحكومة الإسرائيلية أن ” التعاون الأمني مع حكومة سلام فياض في الضفة الغربية جيد جداً ، خاصة في محاربة الإرهاب وإغلاق المؤسسات “. !
نستطيع أن نسهب كثيراً عن الخطوات التي قام بها فياض من أجل اجتثاث المقاومة في الضفة الغربية حيث رفع شعار أن المقاومة تجر الويلات و الدمار على الفلسطينيين عبر مشروعه ” السلام الأقتصادي ” ، ولذلك وصفه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في فبراير 2010م بـ ” بن غوريون الفلسطيني ” في أعقاب طرح فياض خطة لإقامة دولة فلسطينية خلال عامين .
مما سبق غيض من فيض مما فعله فياض في شعبنا و قضيتنا ، واليوم بعد إغلاق مؤسسته ــ رغم اعتراضنا على ذلك ــ نقول له :
” من نصر ظالم علي مظلوم وهو يعلم … فسوف يأتي يوم يذل فيه الناصر علي يد نفس الظالم ” ..!!