سقوط نتنياهو.. آخر معاقل ترامب – مي أحمد شهابي
لم يترك نتنياهو شيئاً إلا وفعله، من أجل البقاء في السلطة ليس فقط لأن هذا يحميه من الملاحقة القضائية والسجن، بل من المؤكد بسبب هول قضايا الفساد المتهم بها هو وزوجته وابنه، بل الأهم أنه بات يعتقد نفسه أنه؛ وكما كان يصرح لمن حوله بأن (الله يهوى) اختاره لقيادة الكيان الصهيوني، وأن لا أحد غيره، لذلك هو مؤهل للقيام بهذه المهمة. ومن أجل تكريس هذا الجنون فعل كل ما يستطيع لضمان هذا الهدف، من تدمير الحياة السياسية عبر شق الأحزاب الصهيونية من خلال الرشاوي بالمناصب، وتقديم المساعدات للأحزاب الدينية المتطرفة، وإطلاق يد المستوطنين بلا حدود، وإعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية. وتعميق الفوارق الطبقية والانحياز لمصالح الشركات الكبرى على حساب مصالح بقية الفئات، وفراغ المؤسسات الحكومية لاسيما وزارة المالية والخارجية من النخب العاملة فيها. ليتمكن هو وحده من اتخاذ غالبية القرارات في الدولة الصهيونية، وعلى الصعيد السياسي الداخلي، إنحاز إلى أكثر الاتجاهات الصهيونية تشدداً، وقد أدت سياساته هذه على الصعيد الداخلي بدفع المجتمع الصهيوني إلى أقصى مواقع اليمين، وساعده وسهل الأمر له وصول ترامب إلى الرئاسة، وبهذا التقى اليمين المتشدد في الولايات المتحدة الأمريكية مع مثيله في الكيان الصهيوني. وشكل نتنياهو صورة طبق الأصل عن ترامب والعكس صحيح. وقد أدى ذلك كله إلى نشوء معضلات كبرى داخل مجتمع هذا الكيان، من معضلات الهوية. وصولاً إلى الشكل السياسي للقانون والدولة. وصولاً إلى الهوية القانونية للدولة والمجتمع. دون أن ننسى المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وانحسار مفهوم دولة الرفاه الاجتماعي. وتراجع مستوى الخدمات الصحية وارتفاع مستويات العنف بشكل غير مسبوق وإلى آخره من المشكلات التي لا تعد ولا تحصى.
أما على الصعيد السياسي، فإن أكثر مواجهة نقد لنتنياهو، هو تجاهل المعضلة الكبرى وهي المتعلقة بالصراع الفلسطيني _ الصهيوني، والهروب إلى الخارج بدل مواجهة تحديات المسألة الفلسطينية. وهنا فإن من وقف في مواجهة نتنياهو في الصراع على السلطة، هم نفس حلفائه من اليمين المتشدد والأحزاب الدينية. والذين يلتفون معه في القضايا الرئيسية المتعلقة بالصراع الفلسطيني _ الصهيوني. بل لأسباب داخلية بالأساس طرحنا بعضاً منها، وهو ما ساهم بسقوطه بيد حلفائه وأعضاء من حزبه.
لاشك أن نتنياهو قد مثل أبرز ما في الصهيونية من عنصرية وفساد ونزاعات شعبوية دفع الشعب الفلسطيني ثمنها غالياً. ولكن مجرد سقوطه بهذا الشكل المهين سيترك آثار ليست بقليلة على صعد مختلفة. سواء على بعض المواقف الإقليمية والدولية لاسيما منها الموقف من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
من هنا يتخوف المراقبون من أن يعمد إلى افتعال إشكال ما خلال الأيام المتبقية له سواء بشكل حرب أو عدوان على إيران أو على الجبهة الشمالية أي لبنان. لمحاولة خلط الأوراق وإعادة توجيه الأنظار إلى الخارج لا إلى الداخل. وتصريحه الأخير بأنه يمكن أن يغلّب تهديد مصالح وعلاقات الكيان الصهيوني مع الولايات المتحدة، مقابل الموقف من إيران. فإنه سيختار تهديد العلاقات مع الولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى الإشكال على الخلافات معه حتى في أيامه الأخيرة، والتي لن يجد بعدها موقعاً إلا في مزابل التاريخ كسابقيه.
سقوط نتنياهو.. آخر معاقل ترامب
مي أحمد شهابي