سلامات من الباص الليلي – نضال حمد
آخر مرة كنت خرجت فيها من البيت يوم السبت ١١-١١-٢٠٢١ فمنذ السبت الذي سبقه في ٤-١١-٢٠٢١ أي حين شاركت في ندوة بمقهى بونوبو الثقافي، سوية مع مخرج قادم من لندن، في تقديم عمل مسرحي عن الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني. منذ ذلك الوقت التزمت البيت بانتظار تصليح السيارة ولغاية الآن لازلت أنتظر. في بعض الأحيان أقف قرب نافذة الغرفة وأغني “السيارة مش عم تمشي بدها حدن يدفشها دفشه”.
المهم ليلة أول أمس السبت كنت راجع بالاوتوبيس ولم يكن هناك كثير من الناس داخله. لكن لفت انتباهي أولاً صعود 3 شباب الى حافلة النقل العام، ربما كانوا طلبة جامعيين من أصول آسيوية. ممكن من فيتنام أو كوريا أو الصين أو اليابان لا أدري من أين بالضبط. فأنا لا استطيع التمييز بين مواطني تلك الدول الآسيوية بعكس إبني يعقوب الذي درس في اليابان. أثنين منهما كانا يرتديان الكمامة فيما كان الثالث بلا كمامة. نظرت في عينيه مباشرة وجحرته، فأزاح نظره عني ثم ذهب وجلس على المقعد خلف أحدى الصديقات. الصديقة بدروها تأففت لكنها صمتت. فماذا تقول لانسان غير سويّ وربما غبيّ أو أنها خشت أن تُتَهم بالعنصرية في حال وجهت له أي كلمة.
في المحطة التالية دخل شابان كانا أيضاَ طالبين أجنبيين، لم أر وجهيهما لأنها صعدا من الباب الخلفي وجلسا في المقعد الأخير بالأوتوبيس، أحدهما كان ثرثاراً وطوال الوقت تحدث على الهاتف بصوت مسموع للجميع وبلغة غير مفهومة. صديقتي التي كانت تجلس بعيداً عنهم لكن وجهها مباشرة باتجاههم، كانت بين الفينة والأخرى تنظر إليهما. أثار ذلك استغرابي فعرفت أن هناك شيء ما غير طبيعي. إلتفت خلفي فرأيت أبي سمرة الذي لا أعرف من أي البلاد هو، جلس الشاب الأسمراني، الأفريقي، بقناعه الأبيض المثير. كما ترونه في الصورة، التي إلتقطتها صديقتي لي وله في الباص. أبو سمرة غطى كل شيء لا يستدعي التغطية فيما ترك كل شيء يجب تغطيته مثل أنفه وفمه بلا تغطية. كما ولو أننا لسنا في عز انتشار وباء كورونا.
أبو سمرة وصديقه يبدو ضلا طريقهما وأستقلا حافلة النقل تلك بالغلط. لاحظت أنهما بقيا حتى المحطة الأخيرة، كنت أنا والصديقة وهما فقط لا غير آخر ركاب الحافلة. عندما هبطا منها تلفتا هنا وهناك، ثم هرولا باتجاه أوتوبيس كان متجها الى وسط المدينة من حيث أتينا من الاتجاه المعاكس.
فعلاً لله في خلقه شؤون.
نضال حمد 14-12-2021