سلام فياض خيبة فلسطينية جديدة
نضال حمد
أوردت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية في موقعها على الانترنت ما قاله سلام فياض للرئيس (الإسرائيلي) شمعون بيريس مساء السبت 29-12-2007 .. قال: ” إنني متألم لمقتل الجنديين الإسرائيليين في الخليل، وكل عمليات القتل أمر لا داعي له“.
لا أدري كيف يستطيع شخص مسمى رئيسا للوزراء في بلد محتل، مستباح، يُقتل أهله كل ساعة، أن يتفوه بمثل تلك الكلمات غير آبه بمشاعر ملايين الفلسطينيين.
لكن عندما نعرف كيف جاء السيد سلام فياض إلى السلطة الفلسطينية يبطل العجب. فقد جاء بقرار أمريكي كموظف من قبل البنك الدولي، ثم فرض على الرئيس الراحل ياسر عرفات.
حاول أبو عمار كل جهده لاستيعاب وتغيير مسلكية فياض لكنه لم يتمكن من ذلك. فهذا الرجل موظف أمريكي ودولي. لا يتعامل مع فلسطين كقضية بل كسلعة ومادة في السوق. تماماً كما تعامله مع العرض والطلب.
عندما قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بحل حكومة إسماعيل هنية رئيس الوزراء المنتخب من قبل حزب الأغلبية المنتخبة في المجلس التشريعي الفلسطيني. قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالإيعاز لعباس بتعيين فياض بديلاً لهنية في رئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني.
هكذا حصل لتصبح فلسطين المحتلة بحكومتين ومقاطعتين محتلتين محاصرتين مستباحتين. واحدة عباسية في الضفة الغربية وعاصمتها مقاطعة رام الله، وثانية حمساوية عاصمتها ومقرها قطاع غزة المحاصر.
الأولى برئاسة فياض تدعي الشرعية والثانية برئاسة هنية ليست بحاجة للادعاء لأن لديها شرعية الانتخابات الديمقراطية وشرعية المقاومة الشعبية الفلسطينية.
يبدو أن رموز السياسة الفلسطينية في حكومة رام الله و سلطة الضفة الغربية اعتادوا على الوقوف ضد شعبهم وعدم احترام تضحيات وآلام ومعاناة هذا الشعب. إذ وصلوا في تطاولهم على كرامة الشعب الفلسطيني بعيداً جداً حيث لم يجرؤ على مر التاريخ أي فلسطيني أن يقوم بما قاموا به من تنازلات وخدمات للاحتلال. حقيقة لا أدري هل تغير تفكير الفلسطينيين أم أن هؤلاء لا يخافون عواقب ما قاموا و يقومون به؟
يبدو كذلك أن الدم الفلسطيني المستباح مباحاً بالنسبة لهم ولا يزعجهم نزيفه اليومي المستمر. كما أنهم لا يتأثرون بالعذاب الذي يذوقه عامة الناس في الجُزُر المحاصرة بالحواجز والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. لأنهم يعيشون مكرمين لدى الاحتلال!. ربما يزعجهم ويقلق راحتهم سيل الدماء الصهيونية حتى ولو كانت لجنود صهاينة يقومون يومياً بترويع واعتقال ومطاردة وقتل وسحل وجرح وتعذيب الفلسطينيين من سكان الضفة والقطاع. ولأن أركان سلطة رام الله يتجولون براحتهم وبدون مشاكل هم وعائلاتهم وكل أصحابهم، لا يرون ما يراه الفلسطيني العادي، ولا يعيشون ما يعيشه يومياً على الحواجز والطرقات، وبين الحارات والأزقة، كما في البلدات والمخيمات والمُدن المُجزرة والمحاصرة بجيش الإرهاب وبعصابات المستوطنين المسلحة. العصابات التي تستبيح الإنسان والأرض.
لو كان رئيس وزراء سلطة رام الله إنساناً مسئولاً بالفعل لكان أكثر حرصاً على استخدام عبارات يمكنه عبرها الدفاع عن ضحايا شعبه الذين يسقطون يومياً بالعشرات في الضفة والقطاع. لكن هذا الشيء ليس في باله ولا هو على أجندة عمله أو من اهتماماته. أهم ما يريد تحقيقه هو إقامة منطقة صغيرة معزولة تابعة لسلطة الاحتلال أمنياً واقتصادياً. وعزل أو تصفية المقاومة الفلسطينية حيث أمكنه ذلك بدءً بمقاتلي فتح وانتهاءً بمقاومي حماس.
أما شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين يبدو أنه من اولوياته، حيث جاء برنامج حكومته ضد المقاومة وغير أمين لحق العودة. ومركزاً على التنسيق الأمني مع الاحتلال في مواجهة المقاومة الفلسطينية. ومن هنا لم نستغرب إعلان وزير أمنه أن قواته اعتقلت فلسطينيين من حماس والجهاد على أثر عملية الخليل الأخيرة. فيما قامت تلك القوات في بيت لحم وتحديداً كنيسة المهد بإطلاق سراح ثلاثة من المستعربين (قوات الأمن الخاصة الصهيونية التي تعتقل وتختطف وتغتال الفلسطينيين في بلداتهم ومدنهم ومخيماتهم) كانوا ينوون اختطاف أو اغتيال مطلوبين من المقاومة الفلسطينية. هذا بعدما اكتشف أمرهم وتم اعتقالهم في الكنيسة. قامت قوات الأمن الفلسطيني بتسليمهم فوراً للقوات الصهيونية. هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها قوات الأمن الفلسطيني بإعادة وتسليم مجرمين من القوات الخاصة كانوا ينفذون عمليات اغتيال واختطاف في أراضي السلطة الفلسطينية…
بعد هذا كله كيف لشعب فلسطين أن يستقبل السنة الجديدة بهدوء، فهو يرزخ تحت احتلالين، الأول صهيوني والثاني أوسلوي…؟؟
سلام فياض خيبة فلسطينية جديدة
نضال حمد
01/01/2008