سوريا يا سورية!
سقوط الدولة السورية المعادية للصهيونية والامبريالية والمساندة للمقاومة… ضربة مؤلمة وقوية لمحور وحلف المقاومة والممانعة.
إن أسوأ شيء يقوم به الانسان هو التلون … يحترم الانسان على موقفه المبدئي والثابت من الأمور ولا يحترم من يتقلب في الموقف حسب صعود وهبوط الذين يعارضهم أو يقف ضدهم.
بعد انهيار (الدولة) وسقوط النظام السوري بدون قتال وفي صفقة لا نعرف كيف تمت ومن وقف وراءها وماذا احتوت خاصة أن الرئيس السوري بشار الأسد اختفى عن الساحة تماماً ولم نسمع منه تفسيرات لما جرى، باستثناء بيان مقتضب صدر ونشراسمه. سرعان ما تم سحبه من وسائل الاعلام. كل ما نسمعه صادر عن الذين عادوا النظام والدولة.
مهما كان النظام السوري دموياً أو قمعياً ومهما فعلت مخابراته التي لم تكن تحظى بمحبة غالبية السوريين والعرب إلا انه نظام على الأقل لم يضع بيضه في سلة أعداء العرب.. ولم يصالح الاحتلال ولم يعترف به أو يطبع معه كما فعلت غالبية الدول العربية والاسلامية. من مصر كمب ديفيد السادات إلى قيادة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بعرفات وعباس واتفاقية اوسلو، فالأردن واتفاقية وادي عربة، دول الخليج، قطر، البحرين، الامارات،عُمان.. ثم السعودية ليس بشكل رسمي وعلانية لكن بشكل منظم وبطيء، ثم المغرب والسودان وغيرها من الدول العربية المطبعة والمستسلمة.
النظام السوري أي (الدولة العربية السورية) لأننا الآن لا نعرف ناهية السلطة والنظام في سوريا الحديثة وهل سيكون الأتراك مرجعيتها أم من؟ رحم الله من عرف قدر نفسه والدولة السزرية ونظامها عرفوا حجمهم فلم يدخل جيش سوريا الذي دمرته (اسرئايل) بدون قتال بعد انهيار الدولة واستلام الحكم من قبل المعارضة وجماعة الجولاني. لم يدخل الجيش السوري في مواجهة مع العدو واكتفى بالدفاع عن البلد. ورغم كل الاعتداءات على سوريا بقيت وفية وعملت على دعم المقاومة الفلسطينية وكذلك مقاومة حزب الله في لبنان وتحالفت السلطة يعني (النظام) مع معسكر أعداء الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية وهذا كان وسيبقى مدى الحياة موقفاً مشرفاً يحسب لها.
حاولت الدولة السورية اي النظام السوري الاعتماد على سياسة الدفاع عن النفس في ظل تفوق “اسرائيلي” كبير، وتفاهمات مع روسيا تسمح للصهاينة بالعمل في سوريا وفق مفهوم يرضي كل من روسيا و”اسرائيل”، خاصة بعد سنوات طويلة من حرب منهكة ووحشية عصفت بسوريا وجيشها ومؤسساتها وأراضيها، وبعد جملات ارهابية قادتها هيئة تحرير الشام والمعارضة السورية مجتمعة مع دول وأطراف عالمية زاقليمية، تدخل فيها كل أعداء العروبة وسوريا وفلسطين، يعني كل أصدقاء “اسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية ومجموعات التكفير العالمية من كل العالم… وهب كل حلفاء عروبة سوريا من محور المقاومة وداعميه إضافة الى روسيا لمساعدة سوريا. روسيا من اجل مصالحها والبقية من أجل سوريا وفلسطين.
للأسف هناك فلسطينيين من سوريا ومن خارجها ، حتى أنه كان هناك أفراد فلسطينيين للأسف تركوا الصهاينة في بلادنا ولم يقاتلوهم لأن مشايخهم أقنعوهم ,افتوا لهم بأن الدهاد في سوريا والعراق وضد محور المقاومة أهم من الدهاد ضد الصهاينة وفي فلسطين المحتلة. أولائك جاءوا من كل فلسطين المحتلة ومن اجل الشفافية والدقة كانوا فئة قليلة من مجتعنا الفلسطيني. هؤلاء وغيرهم من المرسلين والمبعوثين والتمتطوعين الجهاديين من كل دول العالم التحقوا بما عرف بفصائل المعارضة أو “الثورة” وبالذات بالفصائل التكفيرية المتشددة مثل القاعدة ومشتقاتها “داعش والنصرة فهيئة تحرير الشام”. تلك الجماعات والمجموعات التي مارست كل أشكال الارهاب في سوريا والعراق وحتى لبنان. احتلت تلك المجموعات مخيم اليرموك قرب دمشق بمساعدة فلسطينيين شاركوها في نهب المخيم وسبي وطرد سكانه قبل أن يفرض عليه الجيش السوري مع فصائل فلسطينية متحالفة معه حصاراً مشدداً ويحرره من داعش، ولكن للاسف عند التحرير قامت عناصر تابعة للدولة أي النظام ومجموعات مسلحة تابعة له بنهب ما تبقى في المخيم. اقول واسجل هذا لأجل الحقيقة وعلى فكرة سبق لي وكتبته ونشرته وقلته في حينه، هذا “علشان ما حدن يزايد علي”… يعني من الفلسطينيين في كثير ناس اعتقلوا وعذبوا وقتلوا عند المعارضة وبنفس الوقت عند الدولة (النظام) بلا سبب وبدون تهمة فقط بسبب الانفلات والفردية والفوضى والتوحش والتهم الجاهزة التي كانت تلصق بهم. إما من أجل سرقة أموالهم عند خروجهم على الحواجز أو للانتقام. نفس الشيء تعرض له كثير من المواطنين السوريين. أيضاً هذا الكلام سبق وكتبته ونشرته في ذلك الوقت وفي عز حكم الدولة السورية ونظامها.
تلك الأفعال الوحشية سادت سوريا كلها وأبطالها كانوا من الطرفين، أجهزة المخابرات وفروع الأمن ومجموعات مسلحة موالية وكذلك عصابات وجماعات قاطعي الرؤوس وآكلي الأكباد، الذين سبوا النساء وطافوا بهم في الأقفاص على شوارع مدن سورية كانوا يحتلونها. هكذا كان الجو العام في سوريا الذي ساد فيه الارهاب والتوحش واللاانسانية. وتحول الى مكان يرتع فيه كل من يدعي الجهاد الى كل دعاة الخلافة والى التابعين لاردوغان مدمر سوريا الحقيقي والخ.
في الوقت الذي يتم فيه نسب كل شيء سيء ووحشي وفاسد في سوريا إلى الدولة – النظام لأنه الخاسر في الحرب لا أحد يتحدث عن ماضي “هيئة تحرير الشام” وقوى المعارضة المدعومة من تركيا والأمريكان والخليجيين والغرب و”اسرائيل”،عن ماضيها في العراق وسوريا. الآن لا أحد يلتفت الى تصريحاتهم ولا لإعلانهم على لسان قادتهم وادارتهم الحاكمة في سوريا، صداقتهم مع كيان الاحتلال الصهيوني (سبق وتعالجوا في مستشفياته وتلقوا مساعداته) والتصريح علانية بأنهم ليسوا ضده وبأنه ليس المشكلة وليس العدو، وبأنهم لن يحاربوه. حتى هناك من الفلسطينيين من يبررون لهم ذلك لأنهم اسلاميين أو معارضين مثلهم أو لأنهم ساهموا في اسقاط النظام … عمى غير طبيعي وتعمية غير معقولة.
دمر العدو الصهيوني كل قدرات سوريا العسكرية والعلمية والدفاعية واحتل مئات الكيلومترات من الأرض السورية وبات غير بعيد عن درعا والسويداء ودمشق وحدود لبنان الشرقية. لم يقف أي منهم بوجهه بحجة ان الحرب انهكتهم وأنهم لا يملكون تسليحاً يواجهون به الاحتلال. لذا اختاروا مسالمته ومهادنته. هؤلاء الذين يقولون انهم حرروا سوريا وانهوا النظام بأيام قليلة والذين حاربوا الدولة السورية والعراقية وهاجموا لبنان وشاركوا في تدمير ليبيا على مدار اكثر من ١١ سنة. في سوريا وكانوا يقيمون دولة ويحكمونها في ادلب ومناطق سورية قربها. يأتيهم السلاح والمال بلا توقف من دول الخليج وأطراف غربية وبالذات من دولة الخلافة الأردوغانية – تركيا، الطامعة كما “اسرائيل” و”الادارة الأمريكية” باحتلال جزء من أراضي سوريا. كانوا يتعالجون في مستشفيات كيان الاحتلال ويتلقون دعمه كما كانوا يهزئون من النظام وعجزه عن الرد على الاعتداءات بمهاجمة الاحتلال “الاسرائيلي” في عقر داره. هؤلاء هم أنفسهم اليوم لا يقاومون الاعتداءات الصهيونية كما كان يفعل النظام مكتيفاً بالدفاع عن أرضه. بل يتركونه يسرح ويمرح ويحتل ويضم ويقضم ويعربد، كما أنهم لا يتوانون عن ارسال الرسائل المطمئنة التي يؤكدون فيها على التعاون ورفض الحرب وعدم المعاداة.
أتمنى التقدم والتطور والحياة السعيدة للشعب العربي السوري الشقيق وأن يستطيع اجراء انتخابات ديمقراطية ينتخب فيها ممثلون سوريون له في البرلمان يمكنهم قيادة سوريا نحو بر الأمان وتخليصها مما كانت ومما هي عليه الآن … وأن يجهز السوريون أنفسهم لتحرير أرضهم والتصدي للاحتلال ومطامع كل الأطراف المعادية لسوريا وهي كثيرة وموجودة في كل سوريا ولها أتباعها هناك. كما أتمنى على الفلسطينيين أن لا يكونوا عشائريين وقبليين وأن لا يتعاملوا بعقلية ثأرية انتقامية فسوريا وفلسطين والعروبة أهم من الأمور الخاصة والعائلية والعشائرية.
29/12/2024