شكرا لتلميذي المهذب – ناردين دمون – الجزائر
مفاجأة سارة
عرفان غير متوقع
البارحة بعد الافطار بقليل أحدهم دق على باب بيتنا الحديدي ،فهرعت أختي لفتحه لتجد أن الطارق تلميذ من تلاميذي السابقين يسأل عن “الأستاذة دحمون”…
وقتها كنت أحاول التغلب على صداع هاجمني منذ يوم السبت صباحا ولم ينفع معي لا المسكنات ولا النوم ولا الراحة …وعندما أطلت أختي لتقول لي أن تلميذا يسأل عني وحمل لي قارورة غازوز عرفت من هو دون أن تخبرني باسمه …
نهضت مسرعة إليه وفي يدي هدية صغيرة حلوان نجاحه في شهادة التعليم المتوسط …
لحظتها أصدقائي وأنا أنظر إليه وأهنئه بنجاحه وأشكره لأنه تجشم عناء الحضور لبيتنا في ذلك الوقت من أجل أن يشاركني فرحته ،وجدت صعوبة في إخفاء دموعي والتحكم في مشاعري…
يا إلهي كم كان وجه تلميذي اليتيم مشرقا وسعيدا وممتنا !!!،حاول التملص من أخذ هديتي له لكني أصررت فبدأ يعدد لي ما فعلته لأجله فنهرته بجملة صغيرة ووعدته أن أعتني به دوما …
لن أقص لكم قصة هذا التلميذ اليتيم ولكن بعض المعلومات لن تضر ،لقد درسته أختي في المرحلة الابتدائية واعتنت به لأدرسه في السنة أولى متوسط وأخبرتني أنه يتيم وروت لي عن بعض ظروفه هو وأخواته فحاولت الاهتمام به وبهم بقدر استطاعتي كما أفعل كل سنة مع مثل حالته…
لكن هذا الطفل مختلف ،تعلقت به جدا منذ رأيته ،بريئ وحزين لكن روحه لديها كبرياء وأنفة …وعندما يبتسم تشرق شمس صغيرة في وجهه ربما لأنه قليل الابتسام …
رغم أني لم أدرسه إلا لسنة واحدة حرصت على متابعته والسؤال عنه واستوقافه في الساحة لأسأله عن أحواله وأحوال إخوته …على فترات متباعدة غالب الوقت.
البارحة انتبهت أن الطفل الصغير القصير الخجول الذي درسته كبر جدا ،أصبح أطول مني ببعض السنتمترات و وقف أمامي شاب واثق من نفسه وينتظره مستقبل واعد…
غادر تلميذي بيتنا سعيدا ومبتسما ،وهو لا يعرف أن زيارته الخافطة أسعدتني أكثر مما أسعدته هو …
في الجزائر الأساتذة يتعبون كثيرا من أجل تلاميذهم سواء في عملهم الرسمي أو خارجه ،الآلاف من الزملاء والزميلات تحولوا لأولياء لتلاميذهم لكن عملهم وتضحياتهم تقابل بالنكران وعدم العرفان…
لذا زيارة تلميذي أسعدتني البارحة واليوم أكثر مما تتصورون فبعض العرفان الرمزي يعني لنا ( نحن المدرسون ) الكثير.
شكرا لتلميذي المهذب ولكل تلميذ يشبهه.