شمال وجنوب سورية قابلة للتنفيذ ولمصلحة من ؟؟؟ – بقلم : أكرم عبيد
المناطق العازلة شمال وجنوب سورية أحلام صهيوتركية جديدة قديمة في جوهرها ومضمونها وقد تعمدت بعض الأنظمة المتصهينة وفي مقدمتها النظام الطوراني التركي بقيادة اردوغان استثمار تشكيل التحالف الدولي بحجة مواجهة إرهاب صنيعتهم داعش التي كان ومازال للنظام التركي الباع الأطول في دعم وتوجيه داعش نحو الأراضي السورية والعراقية لغاية في نفس اردوغان الذي تعمد تحضير المسرح لإقامة ما يسمى المناطق العازلة بعد التفاهم مع داعش بعدما سهلت لها القوات المسلحة التركية التمدد على الحدود التركية السورية واجتياح أكثر من 60 قرية كردية وتشريد سكانها للأراضي التركية كمقدمة لاحتلال عين عرب بعد اجتياح داعش لبعض المحافظات شمال العراق وقد ترافقت هذه اللعبة القذرة مع سيناريو إطلاق سراح الدبلوماسيين الأتراك الذين اختطفتهم داعش في الموصل .
وفي الحقيقة إن هذه اللعبة كانت مكشوفة بعدما حاولت الحكومة التركية فرض شروطها في مؤتمر جدة وبعده في باريس ولم يكترث احد لمطالبها فتعمدت التحفظ على المشاركة في التحالف قبل الاستجابة لشروطها .
نعم لقد تعمدت الحكومة التركية استغلال موقعها ونفوذها في المنطقة لفرض المزيد من الضغوط على الإدارة الأمريكية للاستجابة لشروطها وفي مقدمتها إقامة المنطقة العازلة على طول الحدود التركية السورية بعمق حوالي 30 كم ثم إخضاعها للحذر الجوي لحماية حلفائها من الإرهابيين من استهدافهم من قبل سلاح الجو العربي السوري وكل هذا من اجل المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة خطر صنيعتهم المزعومة داعش التي تجاوزت كل المحاذير والضربات الجوية الشكلية للتحالف الدولي لتدخل بعض الإحياء في مدينة عين العرب رغم المقاومة الشرسة للمسلحين الأكراد وخاصة بعدما بشرنا الخواجا اردوغان أن داعش ستدخل عين العرب في اقرب وقت ممكن لتبرير التدخل التركي البري الذي تم تشريعه في البرلمان التركي وأثار ردود فعل شعبية وحزبية اعتبرها البعض إعلان حرب على سورية والعراق واعتبر البعض الأخر أن إقدام تركيا على أقامة منطقة عازلة سيورط تركيا في رمال متحركة لا يعلم بنتائجها إلا الله أما زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان قال أن سقوط عين العرب وارتكاب مجازر بحق سكانها يعني إنهاء مفاوضات الحزب مع النظام التركي والعودة للعنف لذلك فقد عمت التظاهرات الشعبية معظم المدن والقرى التركية والتي تم قمعها بقوة السلطات التركية بعد سقوط العشرات من القتلى والجرحى .
وبالرغم من سياسة الابتزاز التي يمارها النظام التركي بقيادة السلطان اردوغان ما زالت الإدارة الأمريكية ترفض حتى الآن بشكل معلن فكرة المناطق العازلة لكن هذا الموقف الأمريكي قد يكون قابل للتغيير والتطوير والتبديل إذا كانت النتائج مضمونة لمصلحة العدو الصهيوامريكي لان الإدارة الأمريكية تدرك أكثر من غيرها حجم التداعيات الرهيبة على المنطقة وربما على الاستقرار الدولي إذا وافق النظام التركي على هذه المغامرة وخاصة ردود الأفعال الإيرانية والروسية التي سيكون أمنها القومي مهددا بشكل جدي في حال تنفيذ هذا المشروع الذي سيتسبب بحرب إقليمية وربما عالمية ستدفع الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وحلفائها الثمن كبيرا .
لذلك فان هذا المشروع التركي الصهيوني يعتبر لعب في النار التي قد تحرق أصحابه قبل أن تحرق غيرهم لان الحكومة التركية تعتقد متوهمة أنها بهذه اللعبة الجهنمية ستحقق جملة من الأهداف وفي مقدمتها إضعاف القيادة السورية واستنزاف قوتها وإفشال مشروع الإدارة المدنية الكردية في سورية لفك ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني وإضعاف أهدافهم الوطنية في تركيا بعدما سمحت لبعض مقاتليه التوجه إلى عين عرب وبعض القرى الكردية للدفاع عنها لكن الهدف الأساسي هو التخلص من اكبر عدد ممكن من مقاتلي حزب العمال بعد إبعادهم من الأراضي التركية بالإضافة لاستنزاف المزيد من النفط السوري والعراقي بأسعار زهيدة وبيعه للعدو الصهيوني بقيادة نتنياهو الذي يسعى جاهداً للتوافق والاتفاق على مشروع المنطقة العازلة بين الشمال السوري والجنوب على حدود الجولان العربي السوري الذي يحاول العدو الصهيوني تنفيذه من خلال العصابات الوهابية التكفيرية لتحقيق أهدافهم المعادية لسوريا لتقسيمها تحت مظلة التحالف الدولي المشبوه الذي تم تشكيلة بحجة محاربة داعش .
لقد أثبتت الوقائع مدى الترابط الاستراتيجي والتنسيق الكبير بين سلطات الاحتلال الصهيوني والنظام التركي في محاربة سورية حاضنة المقاومة وصانعة انتصاراتها ولكن كل طرف بطريقته الخاصة النظام التركي يخوض حربة من وراء الستار لكن الكيان الصهيوني استخدم العصابات الإرهابية المسلحة من النصرة وأخواتها بشكل مباشر في العدوان على الجيش العربي السوري ولم يكتفي بالدعم والتخطيط والتنسيق الأمني بل بالمشاركة المباشرة بحماية هذه العصابات من استهدافها من قبل سلاح الجو العربي السوري وكلنا شاهد إسقاط الطائرة السورية التي كانت تستهدف مواقع الإرهاب والإرهابيين في بعض المناطق القريبة من خط الفصل بين الجولان العربي السوري المحتل والأراضي السورية المحررة لا بل تمادت قوات الاحتلال الصهيوني قي دعم العصابات باستهداف مواقع الجيش العربي السوري حتى تتمكن من التمدد باتجاه جبل الشيخ وصولا للأراضي اللبنانية في العرقوب للالتفاف على مواقع حزب الله كمقدمة لاستنزافها وفتح بوابة الحرب الأهلية في الجنوب اللبناني لهذا السبب تعمدت الإدارة الأمريكية تشكيل تحالفها المتناقض بعد تضخيم البعبع الداعشي للعودة من بوابته للمنطقة لتستعيد نشاطها العسكري والسياسي والأمني في المنطقة بشكل علني ومباشر مع العلم أن الإدارة الأمريكية تدرك أكثر من غيرها أن هذا التحالف يعاني من مشكلات أساسية من أهمها عدم وضوح الأدوار لكل طرف من أطرافه التي تسعى بدورها لتغليب مصالحها على مصالح شركائها الآخرين لان الإدارة الأمريكية لا تعتبر أن الهدف الاستراتيجي لهذا التحالف هو مواجهة خطر عصابات داعش كما يزعمون بل ضبط جموحها وعودتها لبيت الطاعة الصهيوامريكي لان الهدف الأساسي هو توظيف إمكانيات هذا التحالف في الصراع مع سورية وحلفائها في محور المقاومة والصمود من خلال وضع البدائل التي تتناسب مع الظروف الذاتية والموضوعية لكل مرحلة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي لإعادة رسم خارطة المنطقة الجيوسياسية بمقاييس ومفاهيم صهيوامريكية .
لهذا السبب قد يحاول النظام التركي المتصيهن القيام بعمليات استفزازية بموافقة الإدارة الأمريكية وحلف الناتو لاختبار ردود الفعل السورية وحلفائها روسيا وإيران ، وحسب قوة الرد والمستوى سيتم تحديد طبيعة التحركات اللاحقة فيما يتعلق بالغزو البري كمقدمة لقيام المنطقة العازلة وفرض الحذر الجوي وتحديد مستقبل المناطق الكردية في سوريا بشكل يتناسب مع المصالح والأهداف الجهنمية التركية وانطلاقا من هذه القاعدة تتعمد السلطات التركية المتصهينة الظهور بمظهر المتردد في المشاركة في هذه الحرب على داعش في إطار التحالف المشبوه بقيادة الإدارة الأمريكية لتلعب مثل هذا الدور القذر لجس نبض الرد العربي السوري وحلفائه من اجل تحديد طبيعة التحركات اللاحقة للتحالف الدولي المشبوه بخصوص ما يسمى الغزو البري لتحقيق الأهداف الصهيوامريكية أولاً والتي ستشكل تهديداً جدياً للأمن الإقليمي والعالمي .
وفي هذا السياق قد يشكل الموقف المعادي لسورية وحلفائها في محور المقاومة والصمود القاسم المشترك الأعظم لهذا التحالف بقيادة الإدارة الأمريكية المتناقض والذي تتصارع أهم أطرافه على النفوذ لتحقيق اكبر قدر ممكن من مصالحها على حساب الآخرين فمثلا الحلف التركي القطري الداعم للإخوان المجرمين وعصابات داعش في مواجهة مع النظام السعودي والمصري الذي يحاول إدراج محاربة داعش في سياق حملة أوسع لتشمل الإخوان المجرمين بالإضافة للموقف المصري الرافض لتقسيم سورية والتدخل في شؤونها الداخلية خلافا لما يتطلع إليه معظم أطراف التحالف وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية وسلطان تركيا اردوغان والنظام المتصيهن في السعودية و هذا ما يثبت بالدليل القاطع أن الإدارة الأمريكية تعاني من حلفائها أكثر من غيرها كما قال نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بإيدن يوم الخميس الماضي في كلمة له في جامعة هارفارد في ولاية ماساتشوستس قال ” مشكلتنا الأكبر مع حلفائنا بالمنطقة الأتراك والسعوديون والإمارات وغيرهم الذين كان همهم الوحيد ( إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ) وخاضوا حرباً بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات ألاف من الأطنان من السلاح لكل من وافق على القتال ضد الرئيس الأسد ” لكن الناس الذين حصلوا على هذه المساعدات كانوا من مقاتلي ” جبهة النصرة ” و ” القاعدة ” وغيرهم من العناصر المتطرفة القادمة من مناطق أخرى في العالم . أتعتقدون أنني أبالغ انظروا بأنفسكم إلى النتيجة .
وفي كل الأحوال من يعتقد أن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد بعد تحقيق أهم الانتصارات على الإرهاب والإرهابيين قد تكون طعما سهلا لإرهابيي التحالف وعصاباته التكفيرية الوهابية الإجرامية فهو واهم لأسباب كثيرة وفي مقدمتها أن الشعب العربي السوري يصنع اليوم وبعد حوالي أربع سنوات من إعلان الحرب الكونية عليه أروع ملحمة أسطورية في التاريخ المعاصر بعدما عمد وحدته الوطنية بدماء الشهداء الأبرار وراهن على الجيش العربي السوري العقائدي الذي خيب آمال أنظمة الردة المتصهينة التي راهنت على انقسامه وتفكيكه والعمل الثالث وحدة القيادة التي تميزت بالحكمة والحنكة والقدرة والاقتدار في إدارة المعركة في مواجهة الحرب الكونية بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي راهن على حلفاء تميزوا بالصدق والمصداقية في دعم ومساندة سورية حاضنة المقاومة وصانعة انتصاراتها والتي ستحطم أحلامهم وإطماعهم وعوازلهم تحت أقدام القوات المسلحة السورية الباسلة .
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.