صابر محيي الدين عاش ورحل مثقفاً فدائياً من فلسطين
في مثل هذا اليوم في العشرين من أيلول – سبتمبر 2003 رحل عن عالمنا المناضل والمثقف الفلسطيني الكبير صابر محيي الدين، عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورئيس تحرير مجلة الهدف. بفقدان صابر محي الدين فقدت الثقافة الفلسطينية المقاومة واحداً من أبطالها الذين واصلوا النضال على درب شهداء الثقافة العربية الفلسطينية المقاومة، درب الشهداء غسان كنفاني وكمال ناصر وحنا مقبل وكل شهداء ثقافة الاشتباك والمقاومة. لأنه كما الذين سبقوه على هذا الدرب الصعب آمن مثلهم تماماً بأن طريق العودة والتحرير هو طريق الفداء والتضحية والعطاء الكامل لكامل تراب فلسطين. طريق البندقية المقاتلة والمخيمات عنوان الصراع ومفتاح العودة والتحرير والنصر.
أكتب اليوم عن هذا المثقف الراحل لكي تتعرف عليه الأجيال الجديدة ولكي لا تنساه الأجيال التي عاشت زمنه. فالرفيق صابر محي الدين الذي ولد في السيلة الحارثية قضاء جنين عام 1948، وعبر عن التزامه بقضيته الفلسطينية كان واحداً من الفدائيين المثقفين الذين كرسوا حياتهم في العمل دون ضجيج وتصنعات وفلسفة فارغة. ففلسفة الغوغاء والانتهازيين وأصحاب المنافع وقادة المصادفة استطاعت للأسف إفراغ النضال الفلسطيني السليم من محتواه الثوري والفدائي.
منذ كان طالباً في المدرسة الثانوية في فلسطين المحتلة انتمى صابر محي الدين عن قناعة وايمان لحركة القوميين العرب عام 1966، وهي الحركة التي أسسها وقادها الزعيم الراحل د جورج حبش برفقة الفدائي الفلسطيني الأعظم رفيق دربه الدكتور وديع حداد. بالاضافة لرفاق آخرين فلسطينيين وعرب لا يقلون أهمية وحضورا عن الحكيمين جورج ووديع. التحق صابر محيي الدين بهذه الكوكبة الرائعة من أوائل المناضلين الفلسطينيين بعد هزيمة حزيران 1967. ثم واصل نضاله من خلال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها وحتى وفاته في العشرين من أيلول 2003. خلال تلك الفترة الزمنية الطويلة عاش كل مراحل الثورة بمواجهاتها ومعاركها وباخفاقتها وتحولاتها المتعددة. ثم أصبح من قادة الجبهة و عضواً في مكتبها السياسي منذ العام 1981.
عمل صابر محي الدين في الصحافة الفلسطينية مساهماً في تطويرها. كما وتولى مسؤولية الإعلام والناطق الرسمي للجبهة الشعبية ورئاسة تحرير مجلة “الهدف”، التي أسسها الشهيد الأديب العظيم والاعلامي والسياسي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، الذي كان اختار لها شعاراً يليق بالثورة والنضال وبالشعب الذي اعتبره غسان خزان وقود الثورة. فكان شعاره مجلة الهدف “الحقيقة كل الحقيقة للجماهير” وما أحوجنا اليوم لعودة تطبيق هذا الشعار الذي كان خلال الفترة الثورية الفدائية الذهبية الفلسطينية مرأة الحقيقة للثوريين الحقيقيين.
صابر محيي الدين مثقف فدائي من فلسطين آمن بفلسطين كل فلسطين. وجسد ذلك من خلال مواقف وطنية واضحة وتقييمات علمية رأت جوهر الصراع مع أعداء الأمة بكل أصنافهم وأنواعهم كما يجب أن يُرى.
في ذكراه له المجد والخلود وعلينا الوفاء.
نضال حمد
20-09-2020