الأرشيفوقفة عز

صربيا وكوسوفو تنقلا سفارتيهما الى القدس المحتلة

نضال حمد

ليستا دولتين عربيتين كما هو حال كل من مصر والامارات والأردن والسلطة الفلسطينية وكل المطبعين والمستسلمين العرب. ربما أنهما أفضل منهما قليلا فقد تأخرتا كثيرا في خطوتيهما اللتان جاءتا على ما يبدو نزولا عند رغبة ترامب والادارة الأمريكية بغية الحصول على معونات اقتصادية.

أن تقوما بنقل سفاريتهما الى القدس المحتلة هو تحصيل حاصل لأنهما دولتين خاضعتين للهيمنة الأمريكية. هذا إذا صحت تسمية كوسوفو بدولة. أما صربيا التي أخضعتها القوة الأمريكية وبدلت نظام حكمها وسياساتها وتحالفاتها فقد تحولت الى دولة هامشية وصورية. طبعاً خسارة كبيرة لفلسطين انتقال صربيا لصف الأعداء الصهاينة والادارة الامريكية المتصهينة. لكنها للأسف ليست الدولة الأولى ولا الأخيرة التي تفعل ذلك. فقد خسرنا معسكرا كاملا من الدول في كل العالم التي كانت مناصرة لفلسطين ومقاطعة للكيان الصهيوني. لسنا السبب الرئيسي في ذلك لكننا أحد أسباب ذلك، إذ يعود الانهيار العربي كأمة لاستسلام مصر السادات أولاً وثانيا لاستسلام القيادة الفلسطينية واعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني وشرعيته وروايته التاريخية. ناسفة بذلك كل الرواية الفلسطينية. والمؤسف أنه لازال هناك فلسطينيون يعلقون الآمال على القيادة الفلسطينية الحالية بالرغم من فعل الخيانة الشنيع الذي ارتكبته وتصر على ممارسته يومياً. اجتماع الأمناء العامون في بيروت ورام الله مؤخراً مثالاً على ذلك وعلى الحالة التي نحن عليها هذه الأيام.

هذه الأنظمة التي تحكم تلك الدول التي فرختها بيروسترويكا غورباتشوف، هي نتاج لانقلاب كل شيء في العالم. ونتاج للتراجع الفلسطيني والعربي منذ مؤتمر مدريد الى ما بعد بعد بعد اتفاقيات اوسلو ووادي عربة وكريات الامارات. فالدول التي كانت اشتراكية ومحكومة من أحزاب شمولية كانت تقف معنا كأنظمة مرتبطة بالاتحاد السوفيتي سابقاً وبسياساته فيما يخص الصراع في شرق المتوسط والقضية الفلسطينية. فيما الشعوب في تلك الدول كانت بعيدة كل البعد عن قضيتنا ولا تعرف الكثير عنها. مع التأكيد على وجود شخصيات ومثقفين وسياسيين وناس عاديين وقفوا ويقفون معنا بقناعاتهم. لكن الحقيقة أنه في غالبية تلك الدول كانت الشعوب تقف ضد الأنظمة الحاكمة وسياساتها وبالأخص ضد ارتباطها بالمعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي الذي كان بعضهم يعتبره احتلالا كما هو حال بولندا والشعب البولندي.

بدوره الاتحاد الأوروبي وهو لم يكن في يوم من الأيام معنا بل أكثر انحيازا لجانب الصهاينة، خاصة أن أوروبا هي التي أسست وأنشأت كيان الاحتلال الصهيوني في فلسطين. لكنه يحافظ على موقفه فيما يخص القدس المحتلة، إذ يعتبر القدس الشرقية أراضي فلسطينية محتلة. فقد حذر الاتحاد كل من صربيا وكوسوفو من نقل سفارتيهما لدى الاحتلال الصهيوني إلى مدينة القدس التي لازال كاتحاد لا يعتبرها عاصمة للكيان الصهيوني، مهددًا بأن هذه الخطوة قد تقلص من فرص انضمام البلدين إلى الاتحاد الأوروبي.

ما الذي يمكننا فعله لوقف هذا الانهيار؟

لا أدري، لكن الذي يمكننا القيام به هو رفض كل أشكال التعامل العربي والعالمي مع الاحتلال الصهيوني لأنه نظام احتلال استعماري، استئصالي، صهيوني وفاشي، وهو أيضاً شكل من أشكال العنصرية والتمييز العرقي كما كانت الأمم المتحدة أعلنت في قرارها الشهير سنة 1975 والذي تم الغاؤه بضغط امريكي مباشر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عقب برويسترويكا غورباتشوف سنة 1990.

الفلسطينيون يجب أن يحافظوا على مقاومتهم وتمتينها وصيانتها وتصعيدها سواء أكانت مقاومة مسلحة أو شعبية سلمية. وأن يبحثوا عن وحدتهم الوطنية بعد التخلي عن اتفاقيات السلام الزائفة. وسحب اعتراف بعضهم، مثل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بشرعية (اسرائيل)، وهي الجهة الفلسطينية التي لازالت دولياً تعتبر ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني ووقف التفاوض والتنسيق معه على كل الصعد وبالذات التنسيق الأمني والاقتصادي… والعودة الى الجماهير والكفاح المسلح… والخروج من تحت نير وسلطة الاحتلال في فلسطين المحتلة، كي تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية تساعد على وقف نزيف الأصدقاء والحلفاء.

صربيا وكوسوفو تنقلا سفارتيهما الى القدس المحتلة

نضال حمد 10 أيلول 2020