صفعة ماكرون ..!! – بقلم د. خالد المواجدة – عن مجلة الشراع اللبنانية
أعجبتني التهمة التي وجهت إلى الشاب الذي صفع الرئيس الفرنسي … ( الاعتداء على موظف عام ) … فرنسيين كووووووول !! … حين سمعت التهمة الموجهة للشاب وأنا أتابع المشهد احترت، هل أضحك أم أحزن؟
والحقيقة أنني ازددت حزناً على حزن، ازددت حزنا على (تفاهتنا)، وختمت حزني بتأكدي للمرة المليون أننا قوم لا نصلح حتى للحياة، وأننا نستحق كل ما يجري في بلادنا العربية من قتل وتشريد بسبب عفن عقولنا، وأنه على الغرب استعبادنا مرات ومرات دون أن يستطيع احد لومه. … فرنسياً:
الشاب لم توجه له تهمة محاولة اغتيال الرئيس، ولا محاولة تقويض نظام الحكم، ولا التآمر على فرنسا بالتعاون مع جهات أجنبية، ولا فزعت له قبيلة المكارنة وطالبت برد الشرف وعطوة عشائرية يتبعها ( مقعد حق) عند الشيخ فلان، وربما المطالبة بجلوة ضخمة تشمل الأطفال والنساء والشيوخ… بل اختزلوا الحدث بتهمة اعتداء على موظف عام. …
عربياً: لو حدثت مثل هذه الحادثة في بلد عربي مع أحد أنصاف الآلهة، فلن توجه أي تهمة للشاب، أتدرون لماذا؟ لأن ألف رصاصة ستكون قد حولته الى (كفتة) لا ملامح لها، ثم يصدر بيان عن وزارة الداخلية يتلوه ناطق رسمي حاصل على (موافقة أمنية) بامتياز مع مرتبة (الشلف) الأولى، ليدمر لغتنا العربية والقول بأن (المجرم المتآمر العميل على وطننا الديمقراطي الحر .. وطن الرفاه والسعادة والحرية ) حاول اغتيال حاكمنا رضي الله عنه، المنزه عن الأخطاء، الذي لم تلده النساء، وذلك بناءً على تعليمات من جهات أجنبية تمهيداً للإطاحة بالنظام ثم السيطرة على البلاد..!!
ثم يبدأ المسلسل المعروف باستهداف عشيرته فردا فردا بدءاً من الاعمام والاخوال والخالات والعمات والجدات وما فوقهن، ثم حرمانهم من (عدم المحكوميات ) للعمل بوظيفة حارس، وحرمانهم من الخدمات والشوارع والبنى (التحتانية والفوقانية )، مروراً بالوصمة التي تلحق بعشيرته ما دام الحاكم قائما، ناهيك عن عشرات المؤرخين الأشاوس ممن يعملون بوقود الدرهم والدينار الذين سينهضون للتأريخ لهذا الحدث الجلل . … فرنسا، تعلمنا نحن المتخلفين عقليا وثقافياً وحضارياً درساً جديداً، وهو أن من يتصدى للعمل العام والوظيفة العامة من الممكن أن يتعرض لأي موقف احتجاجاً على أدائه حتى لو كان رئيساً للجمهورية أو رئيساً للوزراء، في حين تفنن العرب في صياغة قوانين الجرائم الالكترونية وقدح الذات نصف الإلهية. … عاشت فرنسا حرة أبية غير عربية. عاش ماكرون الذي كانت صفعته صفعة لكل نصف إله عربي يتلذذ بغبائه وجهله وعمالته، وعبوديتنا الأبدية.