طالعلك يا عدوي طالع
احسان الجمل :
هذا هو شعار الشباب فوق ارض الوطن، يمتلكون ارادة قوية، وعزيمة واصرار لا تلين، يعيدون الزمن الغابر الجميل ل (طالعلك يا عدوي طالع، من كل بيت وحارة وشارع)، هؤلاء الفتية اليانعيين، الذين ابهروا الجميع بمستوى تضحياتهم.
ما يميز هذا الجيل، انهم لم يعودوا جهلاء. ولا متلقين لرسائل تنظيمية، لديهم الامكانيات للوصول الى معرفة تاريخهم، وحقوقهم واصولهم. ولا تهزمهم الدعاية الصهيونية عن الهيكل المزعوم. ولديهم القدرة للوصول الى وسائل الاعلام الاسرائيلية ومواجهتها بالحقائق.
بعد سنوات طويلة من الاخفاق، وانسداد الافاق، وضعف القيادة في الدفاع عن الحقوق والمقدسات، ايقنوا، بابحاثهم عبر التاريخ، ان التضحية هي فعل بشري، والطريق الذي يوصل الى الحرية والحقوق.
لا يدعي احد من القيادة، بأنه يستطيع السيطرة على هذا الجيل. الذي لم يستمع للشحنات العاطفية الصادرة من الوالدين الاقرب الى قلبه. فابناء هذا الجيل يعايشون على مدار اللحظة العنف والعدوانية الاحتلالية، هم ضحايا الهجمات اليومية التي يرتكبها المستوطنون وجنود الاحتلال، هذه الحالة التي تزيد من شحنات الغضب في صدورهم. حتى اصبح الموت لديهم، اقل وطئة من حياة المذلة. لذا يستشهد وهو يبتسم، وهنا السر في الابتسامة، هل هي نتيجة تحقيق الشهادة، ام سخرية ممن تولوا القيادة، ولم يكونوا في مستوى المسؤولية، ورفض هذا الجيل، لمقولة( كما تكونوا يولا عليكم).
هؤلاء الشباب، وجدوا كل السبل امامهم مغلقة، في بحر من الازمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. اضيف الى ذلك بعدا جديدا، وهو البعد الديني ، المتمثل بقدسية المقدسات في القدس، في داخلهم صراعا مركبا معقدا، فهم الجيل الذي ولد على ضفاف او فترة اوسلو، لا تتجاوز اعمارهم بين ال 16 و ال25 من الجنسين. ولم يلمسوا اي تحسن او تطور او تنفيذ لكل ما وعدوا به ، وصار جزءا من احلامهم المستقبلية. بل تراجع الوضع الى اسوأ مما كان، بفعل سياسة الاحتلال التوغلية في كل الاتجاهات، وهذا الطرف الاول من الصراع.
الطرف الثاني،سوء ادارة الصراع من القيادة السياسية، وعامل الانقسام، الذي طال ولم يلتئم، وخلق جمودا في النظام السياسي، حرم هذا الجيل، من المشاركة في العملية السياسية، وتحديد خياراته، كونه مكون من فئات الشعب الذي هو مصدر السلطات، فهو مل هذا القيادة والنخب السياسية، التي اصبحت المشكلة وليست الحل. فبقي الوضع راوح مكانك، قيادة وفصائل تهرم وتتراجع ، دون احداث اي تقدم.
لذا رأينا ابتعاد هذا الجيل عن القيادة، واتخاذ قراره بالمواجهة مع الاحتلال، ورفع شعار طالعلك يا عدوي طالع. وبعيدا عن مضمون الحراك الذي اختلف على ماهية تعريفه، والذي خلا حتى الان من مضمون سياسي، وهذا له دلالة اخرى، ألا ان المواجهات مع الاحتلال، اثبتت اهمية عنصر الارادة في الصراع، واهمية تفعيل المقاومة، بادوات بدائية، مكسبها اكبر من خسارتها، يكفي انه احدث اخلال في ميزان الرعب، بين فلسطيني يذهب للشهادة مبتسما، وبين مستوطن مرعوب، مهزوم داخليا، وهذا ينطبق على جنود الاحتلال الذين قتلوا يهودا ، فقط للاشتباه بلونهم، وهذه قمة العنصرية الممزوجة بهوس الرعب.
الصراع اليوم ياخذ منحى جديدا غير مسبوق، وهو قائم بين مجتمعين، مجتمع يستوطن، ويتوغل في عدوانيته، بدعم من جيش الاحتلال، وبين مجتمع يتوق الى الحرية والخلاص من الاحتلال.
ومن دلالات البعد عن الفصائل هي وحدة الميدان والدم، ووحدة العلم الفلسطيني الخفاق، بعيدا عن قماشات الفصائل الملونة والمزركشة، والتي اخترقتها الرياح الشبابية. هذا الجيل الذي وجد في وسائل التواصل الاجتماعي، وسيلته لايصال الصوت، وتأكيد وحدته، وكل الشهداء دونوا على صفحاتهم وصاياهم، والتي كان ابرزها للشهيد الذي طلب من الفصائل ان لا تنعيه، او تلفه بعلمها، وجسده ملك العلم الوطني الفلسطيني.
ارتفع صوت الشباب، وسقطت اصوات القيادة والفصائل، التي نادت الى مسيرات اثبات الوجود، وفشلت في الحشد، وهي رسالة بليغة من الشباب، بأن ، اصمتوا وشاهدوا، نحن اسياد الميدان.
احسان الجمل