طلعت يعقوب الغائب الحاضر – ياسين معتوق
تمر اليوم السابع عشر من شهر تشرين الثاني الذكرى السابعة والعشرين لرحيل القائد الوطني طلعت يعقوب – الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ، حيث كان يشارك بدورة المجلس الوطني الفلسطيني التي صدر عنها بيان الاستقلال ، ورغم هذه المدة الزمنية الطويلة لرحيله ظل أبو يعقوب حاضراً دائما في عقل وضمير وقلب كل فرد من أعضاء الجبهة على اختلاف موقعه متمسكاً بثوابته ومبادئه الوطنية ، وعاكسا لسلوكه الوطني المخلص غير عابىء بالاغراءات والوجاهات والمكاسب والامتيازات على حساب مشروعه الوطني ، فعاش مناضلاً شريفاً نظيف الكف ورحل كذلك .
ولأن هذا السلوك للأمين العام الراحل أسس لثقافة عميقة عند رفاقه ظل هؤلاء الرفاق القابضين على ثوابتهم كالقابض على الجمر ، رغم المحن والحصار الجائر عليهم الى حد التجويع المتعمد الذي يحاسب علية القانون في بلاد متحضرة يحكمها القانون ، ومن باب الاستشهاد فقط نذكر أن الفيلسوف فولتير قال : يمكن أن أقدم حياتي مقابل أن تقول رأيك بحرية ، ولكن أين نحن ومشهدنا من فولتير وحرية الرأي والديمقراطية التي لا تشكل الا شعاراً بلا مضمون ، ونحن في جبهة التحرير الفلسطينية لازلنا ورفاقنا ندفع الثمن غالياً من الحصاروالتجويع بسبب موقفنا السياسي الذي لا يتعدى سوى اختلاف في الرأي دون الانزلاق الى سياسات التخوين – والصراع العنيف ، ولا زالت جبهة التحرير الفلسطينية تؤمن قولاً وفعلاً بالحوار الوطني الديمقراطي لحل الخلافات والاجتهادات وخاصة في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم من انقسام تارة واخرى العنف والاقتتال ، وكأن المشهد الفلسطيني معافى ولم يتبقى الا الصراع على السلطة ، فالحالة الفلسطينية ليست في كارثة والشعب الفلسطيني يدفع ثمن السياسات المدمرة للتسوية من جهة ومن جهة اخرى الانخراط والانحياز لسياسات المحاور العربية والاقليمية والمستفيد الوحيد دائما الاحتلال الصهيوني الذي مزق كل أوراق التفاوض التي جرى الاتفاق عليها مع المفاوض الفلسطيني والادهى هي الشروط التي يحاول فرضها وأخرها ( يهودية الدولة ) ، ويستمر في سياسات البطش والاغتيال والاعدام هذه الايام لاخماد انتفاضة شعبنا الجديدة ، وكذلك يستمر في سياسة الهدم والتجريف كل هذا والفلسطيني ظهره الى الجدار وحيداً بعدما تخلى عنه النظام العربي الرسمي الذي دفع قيادته المتنفذه الى سياسة التسوية والتنازلات . وانشغل هذا النظام هذه الايام بما أطلق عليه زوراً وبهتاناً وتدليسا ( الربيع العربي ) لتدمير سوريا وليبيا واليمن وزعزعة استقرار مصر وتونس والجزائر ولبنان بانفاق مئات المليارات من اموال النفط على هذه الحروب الذي استهدف البنى والنسيج المجتمعي لهذه الدول وتدمير ثقافتها وحضارتها وتاريخها ومحاولة اعادتها الى المربع الاول أي مرحلة الاقطاع أو حتى المشاعة البدائية ولكن بسلاح العصر المتطور بالطائرات والدبابات والصواريخ وغيرها الخ ….!
تأتي هذه الذكرى الحزينة لرحيل الرفيق طلعت والدم الفلسطيني ينزف في الاراضي المحتلة .. في الضفة والقطاع والاراضي المحتلة منذ عام 1948 ولا من معتصم ينتصر له ، ولم تعد القضية الوطنية الفلسطينية القضية المركزية للأمة حتى ولا اعلاميا ، فلم تعد الخبر الاول ولا الثاني ولا الخامس الا اللهم بعض القنوات التي تملكها قوى ودول المقاومة والممانعة ، وحتى هذه غصت بها الانظمة الرجعية فتحاول اسكاتها وما يجري مع فضائية الميادين التي يتصدر فيها الخبر الفلسطيني وتسجل وتقدم البطولات التي يسطرها الشباب الفلسطيني وكل شعبنا في الداخل بالحجر والسكين التي ولدت الرعب في قلوب المستوطنين الصهاينة وقواهم الامنية وجيشهم الذي بات مرهقا دون انجاز يذكر لاخماد هذه الانتفاضة الشعبية التي تتوسع وتتطور رغم دعم الادارة الاميركية وبعض حلفائها من الاوروبيين لآلة القتل الصهيوني بحق هذا الشعب الاعزل .
اخيرا : في ذكرى رحيل أميننا العام ابو يعقوب نقول أن الاجيال التي راهن عليها هاهي اليوم تجترح المعجزات في مواجهة الاحتلال ، وأن رفاقه سيضلوا أوفياء على العهد حتى يندحر المشروع الصهيو أمريكي ، وتحرير وطننا فلسطين .
وسيبقى هو الغائب جسداً حاضراً بيننا بمثله وقيمه .