عنصرية الصهيونية والعنصرية (الاسرائيلية) – د .غازي حسين
أقامت الحركة الصهيونية و الدول الاستعمارية دولة اليهود بعد نصف قرن من تأسيسها على جزء من ارض فلسطين العربية ونجحت خلال النصف الثاني من القرن العشرين بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة , في تحويلها إلى قوة إقليمية عظمى كما نجحت اليهودية العالمية في عام 1991 في إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم /3379/ الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية , دون أن تتخلى عن عنصريتها وعن المزاعم والخرافات والأكاذيب اليهودية, ولا يزال الكيان الصهيوني يتمسك بجميع المرتكزات الأساسية للصهيونية .
ويعمل على تجميع يهود العالم في “ارض الميعاد” وبالتالي يبقى امام الصهيونية وجوب استكمال المشروع الصهيوني بعودة معظم يهود العالم الى فلسطين وبعض المناطق العربية الاخرى المجاورة لها وفرض السيادة (الإسرائيلية) على ما يسمى “ارض (إسرائيل) التاريخية” وتحقيق السلام (الإسرائيلي) برعاية الولايات المتحدة الأميركية وبالشروط والاملاءات (الإسرائيلية) .
ان الصهيونية هي أيديولوجية الغالبية العظمى من يهود العالم داخل (إسرائيل) وخارجها . خدمت وتخدم مصالح الاحتكارات اليهودية العالمية والدول الاستعمارية , حيث ساهم رجال المال اليهود في بريطانيا وفرنسا والمانيا وامريكا في بلورتها ودعم منبريطانيا وامريكا وفرنساوالمانيا النازية ومعادية للعروبة والاسلام وجميع الشعوب والامم غير اليهودية ومبادئ الحق والعدالة والقانون الدولي العام والانساني وجميع العهود والمواثيق الدولية.
تعاونت الصهوينة في بادئ الامر مع المانيا القيصرية ثم الاستعمار البريطاني و الفرنسي وارتمت كلية منذ الحرب العالمية الثانية في احضان الاستعمار الاميركي . وأسست المنظمات اليهودية المختلفة في جميع بلدان العالم لفرض سيطرتها على الحكومات وممارسة الضغط والابتزاز على رجال السياسة و المال والاعلام لتنفيذ المخططات الصهيونية .
تنطلق عنصرية الصهيونية من عنصرية اليهودية ومن المرتكزات الاساسية للنظريات العنصرية في اوروبا . فالصهيونية ايديولوجية عنصرية كولونيالية إ حلالية إجلائية, وهي تجسيد لعنصرية اليهودية والصهيونية والكيان الصهيوني, ويقوم الكيان الصهيوني على اساس عنصرية واستعماراليهودية والصهيونية والدول الغربية.
ظهرت الصهيونية وانتشرت في الاوساط اليهودية في اوروبا الشرقية وبشكل خاص بولندا وروسيا .
وتعود اسباب نشوئها الى عوامل دينية وسياسية واقتصادية وكولونيالية. وينبع بعضها من تعاليم اليهودية واطماع اليهود في الارض والثروات العربية والبعض الاخر من المجتمعات التي يعيشون فيها والتغيرات التي حدثت فيها. ولم تنتشر الصهيونية في اوروبا الغربية بسب حركات الاصلاح الديني والمساواة و التسامح والاندماج .
تقوم الصهيونية على اساس ان اليهودية ليست مجرد ديانة وإما هي قومية. و القومية اليهودية في نظر الصهاينة غير منفصلة عن الديانة اليهودية. واليهودية هي الوجه الديني للصهيونية “وإسرائيل” هي التجسيد العملي للصهونية, وللوجهين الديني والسياسي لليهودية, ودولة جميع اليهود في العالم .
وتعتبر مقولة “شعب الله المختار” التي وردت في التوراة المرتكز الأساسي للعنصرية اليهودية, فالتوراة والتلمود تحرضان اليهود على ممارسة العنصرية والإرهاب تجاه غير اليهود، مما يجعل اليهود يسلكون سلوكا شاذا ويتحلون بعادات غير مألوفة وغير إنسانية بحيث يبدون فوق البشر , وهم وحدهم صفوة البشر. وتمتلئ التوراة و التلمود بعبارت الاختيار و التفوق والنقاء وبقصص الابادة الجماعية والثار والانتقام والعدوان والكذب والغدر و الخيانة والاستعلاء و العزلة .
واخذت العنصرية تنتشر في شريعة موسى عندما خلص جماعته من الذل و العبودية في مصر . فأخذ كردة فعل على العبودية والشعور بالدونية يغذي فيهم قيم التفوق والتميز والاختيار .
نظر موسى إلى الدين اليهودي حسب قول التوراة على انه اله , قوة قاهرة , تخضع السواد الأعظم من العامة لمشيئته , فيكون قادرا على تسخيرهم واستخدامهم , فكان من الطبيعي ان تنطلق تشريعات موسى من مفهوم القبيلة , وتنحصر في ربط اليهود بعضهم ببعض في فئة قتالية غير قابلة للاندماج مع الآخرين. من هنا جاءت تشريعات موسى عنصرية ,ضيقة, منغلقة , تدور في دائرة القبيلة (الإسرائيلية) , لا تتعداها إلى غيرها من الشعوب فهي مثلا تنهي اليهودي عن قتل اليهودي عن قتل اليهودي , والغدر به .
تروي التوراة كيف أن موسى كلم الرب وطلب منه ان ينتقم لبني (إسرائيل) من المديانيين وقتلوا بنو (إسرائيل) جميع الذكور في مديان وسبوا نسائهم وأطفالهم ونهبوا جميع ممتلكاتهم والبهائم والمواشي , واحرقوا جميع مدنهم . وعندما خرج موسى لاستقبال جماعته أمرهم بقتل كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عاشرت رجلا . وبالتالي وضعت التوراة للاجيال اليهودية الأسس الدينية لارتكاب المجازر الجماعية ,وسارت الأجيال اليهودية على هذا المنوال كلما سنحت لها الفرصة الملائمة , ولا تزال الإبادة الجماعية سياسة رسمية ترتكبها دولة اليهود في المنطقة العربية بدعم وتأييد كاملين من اليهودية العالمية .
وتتضمن التوراة في سفر التثنية (الاصحاح 20) ان الاله يهوه لا يقبل بان تتساوى الشعوب مع شعب الله المختار . وتحض التوراة اليهود على عدم الزواج من الشعوب الأخرى فترفض الزواج المختلط , مما يؤكد على سياسة الإبادة والانغلاق و العنصرية التي تسير علها اليهودية . وجاءت وصايا التوراة لليهود فقط (ولا تطبق على غير اليهود) مشبعة بالانعزال و التفوق و التميز والبغض و كراهية الشعوب واحتقارها والحض على إبادتها .
ان التوراة والتلمود تعجان بالمنطلقات العنصرية وكراهية جميع البشر غير اليهود والدعوة لابادتهم وفرض سيطرة اليهود على الشعوب الكنعانية بالقوة , اذ لاخلاص لليهود بحسب تعاليمهم الدينية الا باستئصال جميع الشعوب غير اليهودية من المنطقة التي تزاحمهم وتنافسهم على مصادر الماء والكلأ و النفوذ السياسي والعسكري . وتكشف التوراة والتلمود طبيعة اليهود وحقيقتهم ,فربهم “يهوه” يامرهم بارتكاب المجازر الجماعية وقتل الشيوخ والعجزة والنساء والاطفال والبهائم وقطع الاشجار وتخريب الزرع وحرق القرى والمدن بما فيها من مدنيين , تماما كما يفعل الكيان الصهيوني في فلسطين .
لقد ربط موسى جماعته به عن طريق الإله “يهوه” لخدمة مصالحهم وارتبطت العلاقة بين يهوه وبينهم لخدمة المصالح المشتركة , وكانوا يحبون سفك الدماء والمجازر الجماعية والأخذ بالثار والانتقام وتدمير القرى والمدن حرقها , وكان يهوه يقف دائما بجانب موسى وجماعته يحثهم على الإغارة على المدن الكنعانية وتدميرها وقتل سكانها من رجال وأطفال وشيوخ ونساء وحتى الحيوانات .
وعندما غزا يهود اليمن نصارى نجران في مطلع القرن السادس الميلادي وهزموهم جمع اليهود ما تبقى من المسيحيين الأحياء بعد ان حفروا خندقا وأوقدوا فيها النار ثم القوا إليها بالنصارى ليحترقوا وهم على قيد الحياة . ان حقد اليهود على الشعوب وحب الانتقام منهم واحتقارهم واعتبارهم حيوانات , وتحريم اليهودي إنقاذ غير اليهودي, ومكافأة اليهودي الذي يقتل أجنبيا بالخلود في الجنة , وان السرقة جائزة من غير اليهودي , وانه يجوز لليهودي ان يشهد زورا يظهر بجلاء خطورة التعاليم التوراتية والتلمودية على البشرية جمعاء .
ان اليهودية تميز ارواح اليهود عن سائر الارواح بانها جزء من العزة الالهية , وان ارواح اليهود عزيزة عند الله , بينما الارواح غير اليهودية تشبه ارواح الحيوانات , وان اليهودي عند يهوه اكثر من الملائكة , وينص التلمود على “ان الله خلق الاجنبي على هيئة انسان فقط , ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا من اجلهم . ويصف التلمود “ان غيراليهود حيوانات في صورة انسان ,وهم حمير وكلاب بل الكلاب افضل منهم , لانه مصرح لليهودي في الاعياد ان يطعم الكلب ,وليس مصرحا له ان يطعم الاجنبي” .
وبالتالي تكون تعاليم اليهودية قد وضعت بذور الاستعلاء والتفوق وسيادة اليهود على سائر الشعوب , مما يجعل اليهود ينظرون الى الشعوب الاخرى نظرة مليئة بالحقد والكراهية والازدراء وحب الانتقام, وانه يجب استغلال جميع الشعوب لانها خلقت لخدمة اليهود وتنفيذ اغراضهم .
حرص اليهود منذ ظهور الاسلام على الكيد لللاسلام والمسلمين وقف تيار الدعوة الاسلامية . ورسموا الخطط لتنفيذ ذلك حيث تظاهر بعضهم بدخول الاسلام وبقوا على يهوديتهم في الباطن . وحاولوا اغتيال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحاربوه وتصدوا الى دعته , حيث انهم ذهبوا الى مكة لتحريض المشركين فيها على محاربة رسول الله في المدينة المنورة .
ولعب الكهنة دورا اساسيا في بلورة الشخصية اليهودية وتحليها بالصفات الواردة في التوراة والتلمود وفي عزل اليهودي عن محيطه , وتلقينه الافكار العنصرية , والاحتفال بالاعياد الدينية لتذكيره بانفصاله عن المجتمع الذي يعيش فيه , وبثوا فيه الاعتقاد بان يهوه اختاره من بقية ابناء الشعوب الاخرى وخزله حق التسلط على الشعوب وثرواتها .
ويؤكد المؤرخ “ساخر” ان قيام الغيتو الاول في كل من اسبانيا وصقلية في الفترة المبكرة من القرون الوسطى كان بناء على طلب اليهود انفسهم . واعلن الحاخام اليهودي الأميركي المر بيرجر “إن ممثلي التجمعات اليهودية في اغلب الدول كانوا يلتمسون من السلطات الحاكمة إنشاء غيتو لهم” .
وظهرت في العديد من الدول الأوروبية غيتوات جديدة نتيجة للتربية اليهودية وانعزال اليهود ومقاومتهم للاندماج .
وطرحت الصهيونية اقامة غيتو واحد لجميع يهود العالم في فلسطين ,وركزت على الانغلاق والانعزال والتفوق والهجرة الى ما تسميه ارض الاباء والاجداد وترحيل سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين .
ان مقولة”شعب الله المختار” تدفع باليهود الى الاعتقاد بتفوقهم وتميزهم عن الشعوب الاخرى . وتقود فكرة التفوق العنصري الى عرقلة الاندماج وتحقيق الانعزال , ودفع الاعتقاد بالتفوق انطلاقا من تعاليم اليهودية بالمفكرين اليهود الى تبني الافكار العنصرية والترويج لها .
لقد تأثر موزيس هيس بفلسفة نيتشه وهربرت سبنسر حول عدم اندماج الأصناف المختلفة . واخذ تيودور هرتزل من فلسفة نيتشه تمجيده للقوة بينما اخذ منه آحاد عام مقولة “التفوق” واستبدال اليهودي بالآري في نظريته العنصرية . وبالتالي فان عنصرية اليهودي سبقت العنصرية في أوروبا بعدة قرون لان جذورها تعود الى التوراة والتلمود .
ان العنصرية هي اعتقاد شعب من الشعوب او عرق من الأعراق بأنه يتفوق على غيره من الشعوب او الاعراق بسبب العرق او الجنس او اللون او الدين . ويقود الاعتقاد بالتفوق لدى شعب او عرق إلى التمييز والتعالي على بقية الشعوب او الأعراق , فينظر إليها نظرة استعلاء وتمييز وازدراء .
وتقود العقيدة العنصرية الى استعمال العنف والارهاب والابادة و الحروب العدوانية وهيمنتها على الاخرين وتقييم نظمها السياسية واطرها القانونية وممارساتها العملية على اساس التمييز العنصري .
تثير العنصرية الكراهية و البغضاء بين الشعب المتفوق وغيرها من الشعوب . وحتى بين أبناء الشعب الواحد تماما كالنازية في ألمانيا والابارتايد في جنوب إفريقيا و الصهيونية في فلسطين.
ورسخت الصهيونية في اذهان اليهود انطلاقا من التوراة التلمود انهم شعب الله المختار وأنقى الأعراق واذكاها والنخبة بين بني البشر . فالديانة اليهودية هي الاساس الذي قامت عليه الإيديولوجية الصهيونية.
وتستمد الصهيونية عنصريتها من اليهودية ومن العنصرية في اوروبا حيث تأثر المؤسسون الصهاينة بها وبشكل خاص موزيس هيس وهرتسل وآحاد عام .
وكان اهم رواد العنصرية في اوروبا من الالمان : فيتشه , فون ترتشكة وفريد ريش نيتشه , ولذلك ليس من المستغرب ان يكون اهم رواد الحركة الصهيونية من اليهود الالمان .
تأثر هرتسل وآحاد عام و العديد من اليهود بفلسفة نيتشه واخذوا منه تمجيد القوة و التفوق وعدم اندماج الاصناف المختلفة . وعلق آحاد عام على كتاب نيتشه اعادة تقييم القيم وقال:” ان اليهودية احتضنت النيتشوية , ولكن نيتشه لكونه المانيا راى التفوق من خلال الصفات الارية …. ان اليهودية سبقت النيتشوية بعدة قرون بفكرة الرجل اليهودي المتفوق , الرجل النقي , الذي هو غاية في حد ذاته و الذي خلق العالم من اجله ” .
نادى العنصريون في اوروبا بأن العنصر اليهودي عنصر غريب بسبب اصله السامي , فالخلاص الوحيد لهم يكمن في ايجاد وطن بديل لهم , وطالبوا بعدم الاندماج معهم وضرورة هجرتهم الى فلسطين .د
وانطلق العنصري الالماني شبنجلر من ان القدر يفرض على البعض السيادة والتفوق , وعلى الاخرين الخضوع والتسليم .
وتنطلق الصهيونية من رسالة “اسرائيل” الالهية واختيار شعبها لقيادة العالم وقدرته في السيطرةعلى كل ما حوله من الشعوب التي كتب عليها الخضوع و التسليم .
ووصل تاثر هرتسل بالعنصرية الاوروبية حدا قال فيه ان كل ماهو عاجز عن البقاء سوف يدمر ويجب ان يدمر . وان القوة تتقدم على الحق , وكل ما يخص العلاقات بين الامم هو مسألة قوة .
وقامت الصهيونية على مجموعة من الخرافات والاساطير والمزاعم اليهودية منها :
-
خرافة شعب الله المختار وتفوقه على غيره من الشعوب بالنقاء العرقي و التفوق والاختيار .
-
الزعم بان اليهودية قومية وليست ديانة فقط .
-
ابدية معاداة السامية .
ان الزعم الصهيوني القائم على اساس ان اليهود هم انقى الاعراق , زعم باطل لا اساس له من الصحة , ولكن الصهاينة يتمسكون به لاسباب سياسية اذ بدون هذا الزعم تسقط مطالبتهم بالعودة الى فلسطين .
اظهر المؤسسون الصهاينة إعجابهم بالعنصرية الألمانية ولكنهم استبدلوا الآري باليهودي ووضعوا العنصر اليهودي النقي و المتفوق بدلا من العنصر الآري . والتقوا مع العنصريين الألمان في مقاومة اندماج اليهود وعزلهم وحملهم على الهجرة إلى فلسطين مما شكل أرضية مشتركة للتعاون بين ألمانيا النازية و الحركة الصهيونية .
واستغلت الصهيونية أكذوبة الحق التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين لكي تكتسب أوساطا واسعة من اليهود وتحملهم على الهجرة إليها وإقامة دولة اليهود فيها كمقدمة لإقامة (إسرائيل) العظمى .
ان زعماء الصهيونية لا يردون لليهودي ان يعيش مندمجا في مجتمعه بامان واستقرار وانما يريدون له ان يعيش دائما تحت شبح الخوف والاضطهاد . شبح اللاسامية وعلى حساب الشعوب الاخرى ومنعزلا على نفسه خاضعا للصهيونية لكي تحميه,وبالتالي يسهل عليه استغلاله لتحقيق برامجها ومخططاتها العنصرية والارهابية والتوسعية في المنطقة العربية و في العالم .
ورفض المفكرون الصهاينة اندماج اليهود انطلاقا من مفاهيم ومواقف عنصرية .
استخدم الصهاينة الترويج الى مقولة تفوق اليهود وتميزهم وعبقريتهم لكي يقاوموا الاندماج ويحققوا الانغلاق العنصري لتحقيق الهدف الصهيوني الرئيس وهو تهجير اليهود الى فلسطين وترحيل العرب منها للمحافظة على الانغلاق العنصري . وتظهر عنصرية الصهيونية وهمجيتها في كتاب هرتسل”دولة اليهود” حيث كتب يقول: ” ان دولة اليهود ستكون حصنا للتفوق الحضاري في مواجهة الهمجية الاسيوية ” .
وانتقلت عدوى العنصرية من المنظمة الصهيونية العالمية وشركة كيرن كيمت . و العمل العبري ومن ممارسات العمال اليهود العنصرية الى الاحزاب الصهيونية التي تاسست فيما بعد في فلسطين وخارجها. وخاصة حزبي حيروت والماباي (حزب العمل حاليا) وبقية الاحزاب الدينية .
وبلور حزب الماباي موقفه العنصري من العرب ابان الانتداب البريطاني على فلسطين في ان “الحقوق في ارض “اسرائيل” (فلسطين) تعود لليهود الذين يسكنونها , ولكل يهود العالم الذين ينوون القدوم اليها . بينما يملك العرب الفلسطينيون حق السكن فيها فقط , ويفقدون هذا الحق في اللحظة التي يتركون فيها هذا البلد ” . واعتبر حزب الماباي (العمل) ان السيادة على فلسطين تعود لليهود فقط . ويجب حمل العرب على ترك البلد ومغادرتها .
وقام النشاط الصهيوني في فلسطين على تهويد الارض العربية واقامة المستعمرات اليهودية عليها وطرد الفلاحين العرب منها واستبعادهم من العمل و الانتاج فيها لتحقيق شعار “العمل العبري” ومقاطعة المنتجات العربية وتهويد السوق والاعتماد على القوة المسلحة لتنفيذ هذه الاسس , مما يبين بجلاء سياسة التمييز العنصري التي بدات الصهيونية في تطبيقها .
لقد ورد في ما يسمى بيان الاستقلال عند قيام الكيان الصهيوني في 14 ايار 1948, وهو اول وثيقة رسمية صدرت عن (إسرائيل) ان مذهب الصهيونية سيكون الأساس للأيديولوجية و السياسة (الإسرائيلية) مما يؤكدان العنصرية و التمييز و الانغلاق العنصري قد اصبحت كعقيدة للكيان الصهيوني وجزء لا يتجزا من ممارساته , وبالتالي اصبحت عنصرية الصهيونية سياسة رسمية في فلسطين المحتلة .
نسفت عنصرية الصهيونية اندماج اليهود في مجتمعاتهم الاصلية واستخدمت كافة اساليب الضغط و الابتزاز و العنف ضدهم لاجبارهم على الهجرة الى فلسطين . وشجعت التيارات المعادية للسامية وتعاونت معها “بما فيها النازية” للحيلولة دون حل المسألة اليهودية ضمن اطار انساني وديمقراطي . واستخدمت الارهاب ضد العرب للحيلولة دون تعايش المهاجر اليهودي مع المواطن العربي وللمحافظة على النقاء العنصري للمجتمع اليهودي .
ان الصهيونية من نتاج النظام الامبريالي القائم على القهر والاستغلال والاضطهاد و الحروب العدوانية 0 و تقدم نفسها للغرب على انها تنقل الحضارة الغربية الى الشعوب العربية المختلفة 0
و قامت على اساس انشاء دولة عنصرية نقية لليهود في فلسطين على اساس الدين , دون اخذ حقوق ومصالح وحياة الاغلبية العربية بعين الاعتبار و التي هي صاحبة الارض و الحقوق 0
ووضعت سرا ( بروتوكولات حكماء صهيون ) و التي تسمى احيانا ( خطة اليهود للسيطرة على العالم ) و اتهمت كل من يثور ضدها بمعاداة اليهود و بالعداء للسامية 0
وفعلت في قرار الامم المتحدة رقم / 3379 / الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية ما فعلته في مواجهة بروتوكولات حكماء صهيون , و اتهمت القوى و الشخصيات التي تؤيده بمعاداة اليهود و نجحت بالغائه , بالرغم من انه قد كشف القناع عن الوجه الحقيقي لعنصرية الصهيونية 0
و تركز الدعاية الصهيونية داخل الكيان الصهيوني على :
-
تنمية و تقوية الفكر العنصري الصهيوني 0
-
الاستمرار في ممارسة التمييز و العنصرية و الاضطهاد القومي للعرب في الكيان الصهيوني 0
-
وصف العرب و المسلمين بالوحشية و الارهاب و التخلف و التاكيد على انهم لا يفهمون الا لغة القوة و العنف لتبرير العنف اليهودي تجاههم 0
-
غرس و تنمية الافكار العنصرية و الروح العسكرية في نفوس اليهود 0
-
الاستخدام اليومي للقوة و الارهاب و الابادة في الضفة و القطاع و جنوب لبنان 0
-
المحافظة على صورة “اسرائيل” المنتصرة و اثبات تفوقها العسكري و كسر الارادات العربية و اجبارها على قبول السلام (الإسرائيلي) و التطبيع 0
و تلعب المؤسسة العسكرية الدور الاساسي في تحقيق الاستراتيجية الصهيونية عن طريق استخدام القوة لاسباب عقائدية و اقتصادية و لاقامة (اسرائيل العظمى ) عن طريق الشرق الاوسط الجديد للهيمنة على الاقتصادات العربية
ان الصهيونية بصفتها حركة عنصرية و شكلا من اشكال التمييز العنصري نجحت بدعم من اليهودية العالمية و الدول الاستعمارية في تاسيس كيان عنصري لها في فلسطين , واقامت فيه مجتمعا عنصريا , مما طبع الشعب الاسرائيلي بالعنصرية 0 و اصبح المجتمع (الإسرائيلي) يقوم على اساس التفريق العنصري بين العرب و اليهود و حتى بين اليهود انفسهم , بين اليهود الشرقيين و اليهود الغربيين 0
واصبحت العنصرية سياسة رسمية (لاسرائيل) جسدتها و تجسدها في ممارسات و قوانين , ممارسات كالحروب العدوانية و المجازر الجماعية و المستوطنات اليهودية و اعمال النهب و السلب و القتل و التدمير و العقوبات الجماعية , وقوانين كقانون الجنسية و قانون العودة و قانون املاك الغائبين و قوانين مصادرة الاراضي العربية 0
عنصرية الكيان الصهيوني
تعتمد عنصرية الكيان الصهيوني على مصدرين أساسيين :
الاول : الاوامر و النواهي و الاحكام و التقنينات و مقاومة الاندماج و الزواج المختلط , و الانطلاق من نقاء العرق اليهودي و تفوقه التي وردت في التوراة و التلمود 0
و الثاني :التراث العنصري الذي تاثر به المؤسسون الصهاينة في اوروبا في القرن التاسع عشر , و بالتالي فان عنصرية الكيان الصهيوني لها صفات و تجارب و خبرات لها ابعاد اجرامية لا تتوفر في النظم العنصرية الأخرى التي ظهرت في تاريخ البشرية 0
و يجسد تاريخ ” إسرائيل ” منذ تأسيسها و حتى اليوم عنصرية الدولة وممارساتها للإرهاب والإبادة الجماعية والاستيطان كسياسة رسمية .
ان المسؤولين (الإسرائيليين) ورجال الفكر والسياسة و الصحافة اليهود وبل حتى اليهودي العادي يمارسون الكذب والغش والخداع اكثر من غيرهم من بني البشر . يقول عنهم د. اسرائيل شاهاك ” كذابون وطنيون , ونزعتهم الوطنية نفسها تلك هي التي تفرض عليهم الصمت حين يشاهدون التمييز ضد الفلسطينيين و التنكيل بهم “.
وتنطلق ومواقف وممارسات الكيان الصهيوني من المقولات والافكار العنصرية الارهابية والدموية التي ترسخت في التوراة والتلمود تجاه الشعوب الكنعانية وتجاه غير اليهود .
ويستغل الكيان الصهيوني النكبات التي حلت باليهود من جراء معتقداتهم وتصرفاتهم وتربيتهم لتبرير اضطهاد اليهود للعرب , ويصف المقاومة العربية ضد الاحتلال (الإسرائيلي) بالارهاب لتبرير التوسع والاستيطان والمجازر الجماعية والحروب العدوانية .
وخلاصة القول ان مواقف الحقد والكراهية والعداء والعنصرية وسفك الدماء الموجودة في تعاليم اليهودية حيال غير اليهود تؤثر تاثيرا جوهريا على ممارسات الكيان الصهيوني تجاه غير اليهود .
ويؤكد د.اسرائيل شاهاك تغلغل العنصرية في المجتمع (الإسرائيلي) ويقول ” ان كل مظاهر الحياة في (اسرائيل) يمكن تلخيصها بمبدأ بسيط هو ان اليهود وحدهم يعتبرون بشرا , اما غير اليهود فيعتبرون مجرد حيوانات , ويتصرفون تجاهم بشراسة وعنف وتنكر لمبادئ الرفق بالحيوان .
العنصرية في القوانين (الإسرائيلية)
نجحت الصهيونية بصفتها حركة عنصريةوشكلا من اشكال التمييز العنصري في تاسيس كيان لها في فلسطين العربية. واقامت فيه مجتمعا عنصريا يقوم على اساس التمييز العنصري بين العرب و اليهود , وجسدت عنصريتها في ممارسات وقوانين كقانون العودة , وقانون الجنسية وقانون املاك الغائبين وقوانين مصادرة الاراضي العربية و العديد من القوانين المدنية .
بدأت القوانين العنصرية بالظهور منذ تأسيس الكيان الصهيوني وكان اولها قانون العودة الذي صدر عام 1950 وينص على ان “كل يهودي له الحق في العودة الى البلاد كيهودي عائدا ” .
تمت الموافقة على قانون العودة العنصري انطلاقا من الزعم الصهيوني القائل بان فلسطين هي وطن الشعب اليهودي.ويعتبر القانون من أكثر القوانين (الإسرائيلية) إغراقا بالعنصرية ,ولا يوجد له مثيل في قوانين أي بلد من بلدان العالم .
ويلاحظ من نصه انه موجه الى جميع اليهود في العالم يدعوهم الى الهجرة الى فلسطين بغض النظر عن جنسيتهم او الشعوب التي ينتمون اليها , وبغض النظر عن عدم وجود أي علاقة بينهم وبين فلسطين ,وانما على اساس كونهم يهود. ان الهدف الاساسي من قانون العودة هو تشجيع هجرة اليهود الى فلسطين بلا حدود والاستيطان فيها , وهو موجه الى يهود العالم لكونهم يهودا, ولا يطبق على اللاجئين الفلسطينيين . سكان فلسطين الاصليين واصحابها الشرعيين كونهم من العرب , وبالتالي فان هذا القانون قاد الى العدوان والتوسع والاحتلال و الاستيطان وتهويد الاراضي العربية المحتلة وتغيير وجها العربي, ويقود ايضا الى خرق فاضح للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني , ومنها حقه في وطنه وفي املاكه واراضيه , وحقه في العودة وتقرير المصير ,كما يقود الى انتهاك حقوق الانسان الفلسطيني , ويظهر بجلاء سياسة التفرقة العنصرية التي تمارسها الدولة الصهيونية تجاه من هو من غير اليهود .
ويعطي هذا القانون “اليهودي” وضعا متميزا على غيره من البشر اذ ان له الحق في ان يأتي الى فلسطين , ويحصل فورا على الجنسية بسبب يهوديته .
وبتاريخ 2/11/1951 وافق الكنيست على قانون الجنسية . ويعالج القانون منح الجنسية لليهود , وينص على ان كل يهودي عائد يصبح مواطنا (إسرائيليا). يجسد هذان القانونان المزاعم والادعاءات الصهيونية , وبشكل خاص الزعم بان يهود العالم يشكلون شعبا عالميا واحدا , وعرقا نقيا متفوقا , وان فلسطين وطن لجميع اليهود اينما كانوا .
ان الطبيعة العنصرية للكيان الصهيوني لا تقتصر على الأحوال الشخصية , بل تتعداها الى اغتصاب ملكية الاراضي والممتلكات العربية , فأقرت حكومة (اسرائيل) في 20/3/1950 قانون املاك الغائبين . ويعتبر غائبا ,بموجب هذا القانون كل مواطن ترك مكان اقامته الاعتيادي الى خارج فلسطين قبل الاول من ايلول عام 1948او الى مكان في فلسطين كان خاضعا لقوات هدفها منع قيام دولة (اسرائيل) او حاربتها بعد قيامها .
والهدف الاساسي منه هو الاستيلاء على الاراضي العربية وتهويدها واقامة المستعمرات اليهودية عليها . وقد اعتمدت عليه “اسرائيل” لمصادرة معظم املاك واراضي المواطنين العرب الذين لم يغادروا فلسطين , فضلا عن مصادرة املاك واراضي العرب الذين غادروها , وكذلك املاك الوقف الاسلامي .
وضعت (اسرائيل) بالاضافة الى قانون املاك الغائبين عدة قوانين لمصادرة الاراضي العربية ومنها قانون التصرف وقانون استملاك الاراضي لعام 1953 .
ان جميع هذه القوانين الجائرة والعنصرية طبقت وتطبق فقط على مواطني الكيان الصهيوني العرب وليس اليهود , وذلك لكونهم عربا. فالتمييز العنصري القائم على الدين هو الذي دفع بالحكومة (الإسرائيلية) الى سن قوانين الأراضي لجعل دولة (اسرائيل) دولة يهودية خالصة بمصادرة الاراضي العربية وترحيل العرب منها واحلال مهاجرين محلهم .
ان قوانين الاراضي تؤكد الطابع العنصري للكيان الصهيوني , لان هذه القوانين تميز بين مواطني الدولة بسبب دينهم.
ويطبق الكيان الصهيوني قوانين الطوارئ التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني لتطبيقها على اليهود والعرب معا, على العرب فقط, وبشكل اقسى واعنف بكثير مما كانت تطبقه بريطانيا .
وان ممارسات الموساد والشين بيت والشاباك وحرس الحدود والشرطة والجيش (الإسرائيلي) والحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة اكثر عنفا ووحشية من ممارسات الجستابو وفرق الصاعقة والحزب النازي وأفراد القوات المسلحة الألمانية.
ان ممارسات (اسرائيل) تجاه العرب في الاراضي العربية المحتلة عام 1948 وعام 1967, والعنصرية في القوانين (الإسرائيلية) وبشكل خاص قانون الدولة القومية,تظهر بجلاء عنصرية الكيان الصهيوني وممارسته للعنصرية و التمييز العنصري كسياسة رسمية, و تتنافى عنصرية الكيان الصهيوني مع ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية لتحريم ابادة الجنس البشري ,واعلان الامم المتحدة بخصوص القضاء على التمييز العنصري والعقد الدولي بشأن مكافحة العنصرية و التمييز العنصري وتجعل من المستتحيل التعايش معها ويجب ان تزول ومصيرها الى الزوال .