عن الميناء!!! – بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
قرأت عن الميناء كلاماً وَصَف صاحبُه قول القائل:”إن إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي حق إنساني تنكر له الجميع”، بــ “الحزبية الخطيرة”. إنه الانقسام! فالانقسام هو الذي يغذي هذا الوصف بـ “الحزبية الخطيرة” لمجرد القول بأن “إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي حق إنساني تنكر له الجميع”!
فحينما يقول قائل:”إن إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي حق إنساني تنكر له الجميع”، ليرد عليه أخر فيصف قول الأول بأنه “كلام حزبي خطير”، موضحاً ومؤيداً وصفه للأول بـ “الحزبية الخطيرة”، عبر استدعائه المثل العربي الشهير القائل ” تخرب برأيي ولا تعمر برأي غيري”، فإن هذا هو الانقسام بعينه، وهذه هي الحزبية والفئوية بعينها! فإنْ وَصَف هذا بالحسن والجمال أمراً ما، قفز في وجهه ذاك، واصفاً بالسوء والقبح ما وَصَف الأول، لا لشيء إلا لأن هذا من الفيلة، فيما ذاك من الأسود!!!
في وجه ذلك الذي عبر عن عجبه، واصفاً الدفاع عن فكرة “إنشاء ميناء بحري يربط غزة بالعالم الخارجي” وأنه “حق إنساني تنكر له الجميع” بالحزبية الخطيرة، يقفز سؤال واضح ومباشر ومحدد يستوجب رداً واضحاً ومباشراً ومحدداً، بعيداً عن المقارنات والمواقف الحزبية، وبعيداً أيضاً عن المثل القائل:” تخرب برأيي ولا تعمربرأي غيري”. أما السؤال، فهو: ما الخطأ في الدفاع عن فكرة إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، وأن ذلك حق إنساني تنكر له الجميع؟!
هناك أيضاً، أسئلة أخرى كان ينبغي أن يتصورها من يصف القائل بأن “إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي حق إنساني تنكر له الجميع” بالحزبية الخطيرة، متجشماً عناء الإجابة عنها، وهي من نحو:
-
بعيداً عن الاستقلال والوطنية والسيادة، أليس إنشاء ميناء يربط غزة بالعالم الخارجي حقاً إنسانياً؟! وأليس صحيحاً أن هذا الحق الإنساني قد تنكر له الجميع إلا قليلاً؟! وأليس الأقربون هم الأكثر تنكراً لهذا الحق الإنساني الخالص؟!
-
كيف تنكرت حركة حماس عام 2000 لذلك الحق الإنساني؟! وكيف أنها لم تكن متحمسة لإنشاء الميناء؟! وكيف أنها تعاملت مع مشروع الميناء بسلبية مطلقة؟!
-
ما الخطأ في أن يكون من شروط حماس لوقف القتال عام 2014 إنشاء ميناء بحري في غزة؟!
-
أليس عجيباً ومستنكراً أن يرى صاحبنا خطأ أو جريمة أو عيباً في الدفاع عن فكرة إنشاء ميناء بحري يربط غزة بالعالم الخارجي، فيما لا يرى الخطأ عينه والجريمة عينها في الأقربين منا وهم يحاصروننا ويمنعون سبل الحياة عنا، فلا هم يرحموننا ولا يتركون رحمة الله عبر الغير تلامسنا، إذ يقفون حائلاً دون عون الآخرين لنا؟!!
وبعد، فليعِ دعاة الوطنية الفلسطينية أن حصار غزة إنما يجعلها سجناً كبيراً يخنق أهلها ويقتل مرضاهم كما يقتل آمال وأحلام وتطلعات أبنائهم نحو المستقبل، وأن هذا الحصار الذي باركه الأخ الفلسطيني فيما أيده ابن العم العربي، لا يمكن أن يحقق الوحدة الوطنية بين الضفة الغربية المحتلة وغزة المحاصرة!
أما آخر الكلام، فماذا لو قال وطني فلسطيني غير حزبي:” إن إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي هو حق إنساني تنكر له كثيرون وفي صدارتهم الأقربون؟!
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة