عن عريس العودة شهيدنا عبيدة محمد عوض زغموت في يوم مولده…
الأحد 15-5-2011 في الجولان العربي السوري المحتل… عرس الشهداء العائدون الى فلسطين ومنهم عريس الصفصاف عبيدة زغموت.
في مخيم اليرموك مقبرة شهداء فلسطين دفن عريسنا الشهيد، في مقبرة الشهداء الجديدة في المخيم قرب دمشق عن 28 عاماً قضاها في حب فلسطين.. في عشق العودة إلى قريته الجليلية، الصفصاف حيث ارتكب الصهاينة ليل 28 وفجر 29-10-1948 مجزرة مروعة بحق أهل البلدة، ذهب ضحيتها عشرات المدنيين الأبرياء من سكانها. منهم كوكبة من عائلة الشهيد عبيدة وكوكبة من عائلتي وكوكبة من عائلات البلدة.
يوم هبت قطاعات شعبنا وخاصة الشباب في ذكرى النكبة للزحف نحو حدود فلسطين المحتلة في سوريا والجولان وفي جنوبي لبنان والأردن ومصر، تأهب جيش الاحتلال واستنفر قواته، بالذات على حدودي فلسطين مع الجولان السوري وفي الشمال مع جنوبي لبنان. بالرغم من ذلك ومن وجود لحقول الألغام والسياج الشائك والجنود المدججين بالسلاح، اندفع شبابنا العُزل من السلاح نحو وطنهم المحتل متخطين جنود الاحتلال الذين أصيبوا بالذعر وفقدان السيطرة.
قالوا للشهيد عبيدة قبل استشهاده بلحظات انتبه فإن “السياج ملغم” لكنه لم يأبه بل جلجل صوته بالتكبير وتخطاه ليجد نفسه وجهاً لوجه مع جندي “اسرائيلي” مرتعب من شدة وهول الصدمة، أرعبه شهيدنا عبيدة بحجر قذفه عليه، فرد الجندي المرعوب باطلاق الرصاص المتفجر فأصاب عبيدة في فخده.
غولدا مائير قالت أن الفلسطينيين من جيل النكبة ومن كبار السن سوف يموتون ثم يأتي الصغار فينسون. لم تحزر ولم تتحقق أمانيها لأن الكبار أنجبوا صغاراً لا ينسون فلسطين، ويعرفون من هو عدوهم ويتذكرون قضيتهم ويعملون لأجل طرد الاحتلال وتحقيق المستحيل في زمن السقوط العربي الرسمي، وفي زمن إنهيار الوحدة العربية واستفراد الأعداء بكل بلد عربي على حدة، وفي زمن استسلام كثيرين من قادة وأنظمة سايكس بيكو ومن قادة المصادفة من الفلسطينيين أنفسهم.
شهيدنا الشاب عبيدة محمد عوض زغموت من مواليد الرياض 14-6-1983. غداً الأربعاء يصادف ذكرى مولده ومجيئه إلى الحياة في شبه جزيرة العرب وأرض رسوله الأكرم. بعيداً عن جبل الجرمق والصفصاف حيث قبور الأجداد. كنت أود كتابة ونشر مقالتي في ذكرى استشهاده في ايار الماضي بذكرى النكبة، لكن بسبب أسفاري وانشغالاتي الكثيرة أجلتها… وها أنا اليوم أقدمها له ولكم-ن هدية في عيد ميلاده.
تقول شقيقته هديل:
(عبيدة لم يكن طفلاً عادياً مثل باقي الأطفال فمنذ ولادته لم يصرخ الصرخة الأولى مثل المولودين حديثاً لكن أذخرها لليوم الذي كان يتوق إليه ويحلم به ويتهيئ له … كما أنه لم يكن يهتم بمشاهدة برامج الأطفال، بل كان يجلس ويستمع لإذاعة القدس على المذياع ويقرأ الكتب التي تتحدث عن فلسطين ويلخصها. كان كلما سنحت له الفرصة يحرص على سؤال الوالد رحمه الله عن فلسطين وعن الصفصاف… وعن جدي وعمي اللذين استشهدا في مجزرة الصفصاف ليل 28-29 تشرين الأول – أكتوبر 1948.
تضيف هديل التي ظهر الحزن الشديد في كلماتها على شقيقها العريس الشهيد عبيدة إن إسمي الشهيدين هما: جدها عوض محمد زغموت وعمها أحمد عوض زغموت….
كان الشهيد عبيدة يعمل موظفاً في شركة البترول
NPPC
لم يكن له في عام ٢٠١١ إجازة في ذلك الوقت من العام (2011 ) أصرّ أن يحصل على اجازة من العمل مع أنه لم يكن له اجازة في ذلك اليوم.
هو الذي انتظر يومه البطولي طويلاً… نال الاجازة من عمله وسافر إلى دمشق وحضر إلى مخيم اليرموك، ثم ذهب مع الجموع الغفيرة الى الجولان، ليصبح يوم 15-5-2011 يومه بلا منازعة هو ورفاقه الشهداء. أي اليوم الذي كان يعتبره يوم عرسه مع معشوقته فلسطين. فقدم لها المهر الأعظم دمه وحياته.
تضيف شقيقته:
“جميع من كانوا مع عبيدة في آخر فترة يشهدون بأنه كان عنده شيئ يخطط له. فلقد كان يصلي غير الفرائض وعندما يسألوه يقول لهم بعدين بتعرفوا… حتى أنه فبل قدومه عندما كان عند الحلاق في الإمارات، كل حديثه كان عن الشهادة والاستشهاد… هكذا قال الحلاق لرفاق عبيدة. في اليومين اللذين أمضاهما في دمشق قبل استشهاده كان يمازح والده ويقول له: “أنت مسؤول عن الرجال”.. وللوالدة “أنت مسؤولة عن القطاع النسائي”… كان يريد الجميع أن يشاركوا لأنه بحسب رأيه مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. عبيدة كان أول من بدأ الاقتحام لحدود الاحتلال وسايكس بيكو وهذا أيضا بشهادة رفاقه الذي تواصل معهم للتجهيزات.
العريس الشهيد عبيدة زغموت عاد من الامارات يوم الخميس 12-5- 2011 الساعة 11 ليلاً وخرج من البيت في مخيم اليرموك الساعة 6 ونصف صباح يوم الأحد 15-5-2011. واستشهد في نفس اليوم برفقة الشهيدين قيس سليمان أبو الهيجاء، وبشار الشهابي.. وشيعوا في موكب مهيب وجاء في بيان نعيهم أنهم “سقطوا برصاص قوات الاحتلال “الإسرائيلي” أثناء مواجهات مسيرة العودة في الذكرى 63 للنكبة في موقع عين التينة ومجدل شمس”.
المجد والخلود لشهيدنا عريسنا ونحن ان شاء الله على العهد أوفياء.
نضال حمد
موقع الصفصاف – وقفة عز
13-6-2023