عن مكانة المخيم وقداسته لدى أجيال عديدة من الفلسطينيين- نضال حمد
اللهم احمي مخيماتنا ونحن على أعتاب الذكرى ال 40 لمجزرة صبرا وشاتيلا .
ولدت أنا وأبناء وبنات جيلي ومن هم أكبر وأصغر مِنا قليلاً في مخيم عين الحلوة والآخرين من أقراننا الفلسطينيين اللاجئين ولدوا في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في بلدان جوار فلسطين، مثل مصر وسوريا والأردن ولبنان.
كانت أيامنا أو سنواتنا الأولى تلك هي بدايات إعادة التكوين الفلسطيني والإنبعاث من جديد بعد النكبة ثم النكسة، فضياع كل فلسطين من أول أولها الى آخر أخرها، يعني أيها الفتية المتصارعون اليوم في شوارع مخيم عين الحلوة وفي حاراته.. يعني أن فلسطين الكاملة تمتد من رأس الناقورة في أقصى شمالها الى أم الرشراش في أقصى جنوبها.
كان المخيم بنفس قداسة فلسطين وقرانا في الجليل والساحل والمثلث والنقب وفي الضفة وغزة وكل فلسطين. كان وبالنسبة لي واعتقد لمن ذكرتهم أيضا لازال .. لأننا روينا تربته بالدماء والعرق والدموع، وذذنا عنه بكل ما نملك وقاتلنا دفاعاً عنه وعن شعبنا… وقاتل من هم قبلنا وأكبر منا بالصدور العارية، مثل شهداء هبة 23 نيسان 1969. ثم شهداء التصدي لكل المؤامرات والعدوانات على المخيمات والثورة والشعب والقضية..
قاتل إخوتنا ورفاقنا وأخواتنا ورفيقاتنا قتالاً مشرفاً ودافعوا ودافعن عن المخيم سنة 1982 في الغزو الصهيوني وفيما بعد ضد ميليشيات سمير جعجع وسعد حداد وآل الجميل وأعوانهم. دافعوا ودافعنا عن مخيمي صبرا وشاتيلا اثناء المجزرة في مثل هذه الأيام من سنة 1982 وسقط منا الشهداء والجرحى والأسرى، يوم صعدنا من مخيم عين الحلوة الى بلدة مغدوشة وألغينا النظريات والعلوم العسكرية، لأننا استطعنا تحطيم النظريات العسكرية والسيطرة عل مغدوشة بسرعة خارقة.
استمر المخيم عزيزاً لدى جيلنا ولازال لكن الجيل الذي برز بعد تلك المرحلة وبالذات بعد 1990 لم يستطع الحفاظ على ذلك التراث ولا على تماسك المخيم وناسه. فمن ذلك الوقت تحول المخيم الى غابة من السلاح وغابة من المسلحين الذين للأسف لا زالوا لغاية يومنا هذا لا يعرفون لماذا حملوا ويحملون السلاح والى أين يوجهونه ولماذا هو مطلوب وضروري…
هذا السلاح الذي دفعنا ثمنه دماً ومجازر ومخيمات أبيدت مثل مخيم النبطية وتل الزعتر وجسر الباشا ومخيمات تعرضت لمجازر بشعة مثل صبرا وشاتيلا في أيلول 1982 وفي حرب المخيمات فيما بعد.
هذا السلاح وجد لحماية مخيماتنا وشعبنا ولممارسة الكفاح والنضال ضد الاحتلال وأعوانه ولأجل العودة والتحرير. لم يوجد لأجل الاستعراض واطلاق الرصاص على بعضنا البعض، وفي الأفراح والأتراح وبمناسبة وبدون مناسبة.. هيك بصير ينطبق عليه المثل الخرائي القائل (السلاح بيد الخرا بيجرح) .. عفواً لاستخدامي تلك الألفاظ لكنها حقيقة الأمر. فما جرى سابقا وما يجري اليوم من اقتتال بين عائلتين في المخيم هم من نفس البلدة وجيران ونسايب يجعلني أخجل وأحزن على ما وصلنا إليه من انحطاط.
اللهم احمي مخيماتنا ونحن على أعتاب الذكرى ال 40 لمجزرة صبرا وشاتيلا .
نضال حمد
11-09-2022