عن وليد دقّة و.. سموترتش وأشكاله! – رشاد أبوشاور
مرّة واحدة تكلمت مع الأسير البطل المفكر ومؤلف كتب الفتيان وليد دقّة، وذلك عندما كنا نحتفل بكتابه القصصي ( حكاية سّر السيف) في مقر رابطة الكتّاب الأردنيين بحضور زوجته السيدة سناء سلامة، وقد طلب منها أن تعطيني الهاتف الخلوي، وبلهفة سألني عن وضعي الصحي وقبل أن أسأله أنا عن صحته التي أعرف أنها ليست على ما يرام.
قلت لنفسي: هذا مناضل متميّز، كما عرفت عنه، وكما تابعت ظروف سجنه، ومن خلال قراءتي لكتاباته، ولما سمعته عن صلابته من أسرى أنهوا فترات سجنهم، وعرفوه في سجون الاحتلال و..أُفرح عنهم في نهاية محكومياتهم.
هو يطمئن على صحتي لأنه سمع بأنني أُصبت بنزف دماغي، ويريد أن يطمئن،هو الذي في الزنزانة ويكابد ظروف السجن منذ 37عاما..على حالتي الصحية!
هذه واحدة من صفات هذا الأسير البطل، وكل مقاوم مناضل ثائر كبير النفس يعرف واجبه تجاه شعبه، وكل فرد من أبناء شعبه: التفكير في غيره، وعدم الإنطلاق من وضعه كأسير، رغم أنه أمضى 37سنة في سجون العدو..يا للنفس الكبيرة العظيمة، النفس التي تعطي، ولا تقنط من السجن وطول سنوات السجن، وما تعانيه من قهر واضطهاد وصنوف التعذيب، والعزل الإنفرادي في الزنازين!.
وليد دقّة مصاب بالسرطان، وهو سرطان نادر يفترس جسده، ومع ذلك لا يوفّر الاحتلال لوليد علاجا يخفف آلامه، ويعين جسده على الشفاء، بل يترك السجين وليد دقّة ليفترسه السرطان، يعني يستعين العدو بالمرض الخبيث لتنفيذ مآربه الخبيثة بتمويت الأسير الفلسطيني غير آبه بردود الفعل عربيا ودوليا، وهي على العموم مجرّد ردود فعل كلامية لا تردع العدو، ولذا لا يأبه لها،ولا يأخذها على محمل الجّد، فقد اعتاد على استنكار وشجب ولوم وعتب..جهات عالمية، وفي زمن التطبيع: و..عربيّة رسمية، ولا عجب!.
تعليقا على ما خطورة ما يعانيه المفكّر البطل وليد دقّة صرّح سموترتش بأنه تواصل مع زميله في وزارة نتنياهو بن كبير، واتفق معه على إبقاء البطل وليد دقّة في الأسر وعدم الإفراج عنه حتى يتعفّن!!
قضاء الاحتلال، قضاء الكيان الصهيوني يماطل في الاستجابة لطلب الإفراج عن وليد دقّة لتتم العناية به، ويوفّر له علاج ينقذ حياته قبل أن يفقدها بالإهمال المتعمّد،وعدم توفّر العناية الضرورية .
يوم الأربعاء 17 أيّار صرّحت زوجة وليد الناشطة سناء سلامة من بلدة باقة الغربية، وهي بلدة زوجها وليد: نخشى على وليد من ظروف سجن الرملة حيث لا يتوفر علاج مناسب، ومستشفى الرملة معروف أنه غير مجهّز ومهيّا للعلاج الجدي، لأنه من المعروف بأنه عيادة غير مجهزة كمستشفى لعلاج مريض سرطان!.
سموترتش وبن غفير وبقية عصابة الحكم في الكيان الصهيوني، وبقيادة رئيسهم نتنياهو، تركوا الشيخ خضر عدنان يموت ولم يهتموا بحياته رغم تقدمه في العمر، ورغم كل الدلائل بأن حياته في خطر..ولم يُسلّموا جثمانه لأسرته إمعانا في القهر!.
قبل أيّام اقتحم الشاب علاء خليل قيسيّة مستوطنة (تانا عومريم)، و..وعُرضت صوره التي التقطتها كاميرات تلك المستعمرة، وكان يمُّر بمجموعة أولاد يهود يلعبون أمامه، فلم يتعرّض لهم، وواصل طريقه باتجاه هدفه، لأنه لا يقتل الأطفال..ووصل هدفه واشتبك و..استشهد!
أترون الفرق بين أخلاق وقيم المقاوم الفلسطيني بشكل عام و..بين انحطاط القائمين على الكيان الصهيوني وقيمهم التي يتلقنونها مع حليب أمهاتهم، وينشؤون وهي تملأ عروقهم وعقولهم بالحقد والكراهية على العرب بعامة، و..عرب فلسطين بخاصة؟!
إنه لا يكفي أن نباهي ونفخر بأخلاقنا وقيمنا بينما أبطالنا يقضون عشرات السنوات فتأكل أجسادهم الأمراض بكافة أنواعها، وتمضي أخواتنا السنوات وراء القضبان، وأطفالنا يتم تدميرهم تحت عيوننا في سجون العدو..ونحن نباهي بعظمتهم!!
إذا كان سموترتش والمأفون بن غفير يحكمان على أبطال شعبنا بالموت تعفنا في الزنازين، فإن المطلوب من كل فصائل شعبنا أن لا تقف عاجزة، ومن قوى شعبنا أن لا تبدو متفرجة، أو مستنكرة، وتحتج بوقفات متواضعة تنم عن العجز وقلّة الحيلة، فلاجهة عربية فاعلة، ولا جهة دولية تتحرّك لتدين جرائم الكيان الصهيوني الذي يقتل الفلسطينيين في الشوارع، والسجون، وينفّذ أحكام الإعدام عليناً، ولاتصدر بحقّه قرارات تعاقبه جديّا,.ولايعاقب فلسطينيّا عقابا رادعا يضع حدا لبلطجته وعنجهيته!
حياة المفكر والكاتب والمناضل وليد دقّة في خطر،ولا بدّ من تحويل الكلام إلى أفعال، ونحن نستطيع، ولا مبررات تدفع للتقاعس، أو التردد..فافعلوا!
إن من العار أن يقضي أي مقاوم فلسطيني عشرات السنين في الزنازين، ويعاني من الأمراض التي تفترس عافيته.و..إن من العار أن يكون في سجون الاحتلال أسرى من قبل أوسلو و..سلام (الشجعان) وحتى اليوم، ومنهم البطل وليد دقّة!
قضاء العدو يماطل في الإفراج عن وليد دقّة رغم أنه قضى ال37 عاما المحكوم بها، و..وهو يريده أن ( يموت) عقابا له على فكره الثوري الذي تجلّى في كتابه( صهر الوعي)، وفي كتاباته التعليمية لفتيان فلسطين!
وليد دقّة والأسرى والأسيرات والأطفال يضعون فصائلنا بشكل خاص وشعبنا بشكل عام أمام المسؤولية الوطنية التي لا تحتاج إلى توضيح…