غزة . . و أشجار الغرقد . . !! – بقلم : عادل أبو هاشم
غزة . . و أشجار الغرقد . . !! – بقلم : عادل أبو هاشم
بعد احتلال العدو الصهيوني عام 1967م للأراضي الفلسطينية المتبقية من أرض فلسطين التاريخية ، بدأ الصهاينة ببناء المستوطنات فيها ، ولاحظ الفلسطينيون بأن الصهاينة يكثرون من زراعة أشجار الغرقد حول المستوطنات والمستعمرات ، فازدادوا إيمانا وتصديقاً وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
” لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي ، فتعال فاقتله.. إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود ” .
و في هذه الأيام التي يتعرض فيها قطاع غزة لحرب إبادة يشنها العدو الإسرائيلي بجميع شرائحه وأحزابه بقيادة مجرم الحرب ” بنيامين نتنياهو ” ، و في هذا الزمن الذي أصبح فيه الجهاد جريمة ، والمجاهدون الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وشعبهم إرهابيين وقتلة وخارجين عن القانون ، و التنسيق مع العدو من أقدس المقدسات ، و الثابت الوحيد في الثوابت الفلسطينية .!!
في هذا الزمن الذي بلغ فساد الإدراك وغياب الحس السليم مداه ، وأصبحت المعايـير مقلوبة ووسيلة من وسائل العجز والهزيمة ..!! خرجت علينا ” أشجار الغرقد ” التي زرعها اليهود في المقاطعة برام الله لتبث في شعبنا الدعوة للاستسلام والتسويات وأنصاف الحلول والتـنازل عن البقية الباقية من الثوابت والأرض الفلسطينية . !
لن ندخل بالتفاصيل والأسماء المحشوة في وكر الأفاعي الذي لا تـنجو منه حقيقة من دون أن تمتلئ بالسموم .! ، ولكن نرى أنه من حقنا بل من واجبنا أن نتصدى لهذه الهجمة الجديدة المدروسة على رجال المقاومة من أشجار الغرقد ، وذلك بفضحها وتعريتها وكشف أسبابها ومسبباتها ، منبهين ومحذرين إلى خطورة ما قد ينشأ وما قد يتمخض عنها في بعض قطاعات الشعب الفلسطيني الذي يزداد إحساسه بالعزلة هذه الأيام ، والذي بدأ يشعر أكثر من أي وقت مضى أن منافذ العدالة قد سدت في وجهه ، والتي تتكرس اليوم وتبلغ قمتها في حرب الأبادة و التطهير العرقي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة . !
مثلا كيف تستقيم الأمور عندما نسمع من إحدى أشجار الغرقد بأن لا عداء بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ؟!
وكان من قبل قد وصف نضال وجهاد ومقاومة شعبه ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب والعنف الغير مبرر والعدوان على المدنيين الإسرائيليين العزل الأبرياء ، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود ، لذلك ــ وللتكفير عن هذا الذنب ــ سخر كل الأجهزة الأمنية لمحاربة المقاومين والتنسيق الكامل مع الاحتلال بما يخدم مصالح الاحتلال . !!
و كيف نفهم ما تفوه به وزير خارجية المقاطعة بالقول :
” من حق ( اسرائيل ) الدفاع عن نفسها طالما استمر إطلاق الصواريخ ، والرد الاسرائيلي يجب ان يبقى مناسباً ، وان نتجنب بآقص درجة المدنيين ، وان لا يؤدي الى تقوية حماس ” . !
ولم تفت المناسبة سفير المقاطعة في مجلس حقوق الانسان في جنيف فقال :
” إن صواريخ المقاومة التي تنطلق تجاه إسرائيل هي جريمة حرب ، وجريمة ضد الانسانية لانها تستهدف مدنيين ، والجيش الإسرائيلي يُعلم المواطنين الفلسطينيين بضرورة إخلاء المنازل قبل القصف .. وإذا حدث قتل يكون قتلاً من باب الخطأ وليس قتلاً متعمداً ” . !
كيف نفهم تصريحات قادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية الذي يؤكدون دائمـًا بأنهم على استعداد للقضاء على الانتفاضة ، وبأن رجال الشرطة الفلسطينية هم عبارة عن مجموعة من أكياس الرمل تتلقى الرصاص دفاعـًا عن مواخير وبارات ومقاهي تل أبيب ، وبيوت المستوطنين الذين سرقوا الأرض والوطن والماضي والمستقبل الفلسطيني ، وحرموا أطفالنا من طفولتهم ، وشبابنا من عنفوانهم ، والسعادة من عيون الملايين من أبناء فلسطين في الداخل والخارج ..!!
من أين جاء ذلك الطفل المسخ الناطق باسم حركة فتح في أوروبا ، والذي يتحفنا بين الفينة والأخرى ببيانات في الصحف الإسرائيلية يدين فيها مقاومة المحتل ، و يتهم فيها قادة حركة حماس و المقاومة بقطاع غزة بالاختباء في المشافي والمرافق المدنية . !
( وصف أمين مقبول أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح هذا المسخ بأنه عار على فتح ، و مبتذل و غبي ولا ينطق باسم فتح ) . !
أما ” غربان حركة فتح ” و الذين يطلق عليهم ” الناطقين باسم الحركة ” فقد تفوقوا على ” أفيخاي أدرعي” الناطق باسم جيش العدو الصهيوني في شتم المقاومة و المجاهدين . !!
إنهم نفس ” أشجار الغرقد ” التي تسابقت إلى تشويه تاريخ نضال وجهاد الشعب الفلسطيني في إنتفاضة الأقصى ، وإشاعة روح الانهزامية والاستسلام ، وتشجيع العدو على مواصلة عدوانه..!!
عشرات من البيانات التي نشرت في الصحف العبرية يصف فيها ” أشجار الغرقد ” الذين توالدوا وتكاثروا في ” زمن أوسلو ” انتفاضة الأقصى وعمليات المقاومة وصد العدوان الصهيوني ” بالعنف “..!!
وهم الذين خرجوا على شعبنا ببيانات في الصحف تطالبهم بالهدوء و السكينة أمام عدو يمتلك أحدث الأسلحة ، وكأن تحرير الأوطان لا يتم إلا عبر التوقيع على التـنازل عن حق العودة ، ونشر بيانات الاستسلام والتـنازل في صحف العدو ، والمسيرات الليلية بالشموع التي يتخللها الانبطاح على الطريق في وجه الدبابات تارة، والرقص أمام هذه الدبابات تارة أخرى ، وحفلات التـنزه في القوارب ونحن نلبس الملابس المزركشة ، ومن خلال حفلات شواء السمك مع أصدقاءنا الإسرائيليين ، والتلطي خلف رضى السفارة الأمريكية في تل أبيب..! و لم يتورعوا عن إتهام أبطال شعبهم بـ ” التورط ” بالإرهاب .! وكأن مقاومة المحتل أصبحت ” ورطة ” ، وهم يعلمون أن الشعب الفلسطيني المنكوب كله متورط بأمثالهم عندما استلموا مقاديره ومقاليده ، وعاثوا فسادًا في قضيته وتاريخه في غفلة من الزمن ..!!
لا يحتاج الأمر إلى تعليق .. ولا شك في أن الفلسطينيين الذين قدموا مئات آلاف الشهداء منذ مطلع القرن الماضي في مواجهة الغزوة الصهيونية لبلادهم وأمنهم براء من مثل هؤلاء ، ومن منطقهم الذي يحول الضحية إلى مجرم ، والقاتل إلى برئ ثم يعود ليحمل عمليـًا الضحية الفلسطينية المسؤولية الأولى والأخيرة عن موتها وقتلها والعدوان عليها والإستيلاء على أرضها وتهجيرها ، والرغبة في إبادتها الكاملة في نهاية الأمر .!
والسؤال المحير والذي لا نجد له تفسيرًا منطقيـًا :
لماذا لم تخرج الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية في مظاهرات غاضبة ضد ” أشجار الغرقد ” الذين أصبح المشهد الفلسطيني في وجودهم حالة من القهر والبؤس والكمد والغم والحزن المختلط بمهرجان نهب الوطن وتدمير اقتصاده وطمس هويته النضالية الممتدة على مدار قرن من الزمان .؟!
قد نجد الإجابة الشافية في الأيام القادمة من هذا الشعب الصابر والمجاهد بعد انتهاء حرب ” العصف المأكول ” ، و خروج غزة مكللة بالغار وتاج الأنتصار ــ بإذن الله ــ .