غزة . . و الصهاينة العرب . . !!- بقلم : عادل أبو هاشم
غزة . . و الصهاينة العرب . . !!- بقلم : عادل أبو هاشم
من قال أن الإستعمار والإحتلال العسكري قد فارق أرضنا العربية ؟!
من يزعم ذلك عليه أن يقرأ أو يشاهد هذه الأيام ما تطالعنا به الفضائيات والصحف العربية من آراء وتحليلات ومقالات لمجموعة من أشباه المثقفين “المتصهينين” الذين يحملون دماءً عربية ، ويطلق عليهم “مثقفو عرب برتب صهيونية ” يدافعون فيها عن العدوان الصهيوني علي غزة عبر الأشادة بقتل الفلسطينيين أو الترحم على “شهداء الجيش الصهيوني” ، ويهاجمون المقاومة مطالبين بسحقها في ظاهرة غريبة لتكريس ثقافة الخنوع والاستسلام .!
فهؤلاء لا وظيفة لهم سوى إظهار العداء لنهج المقاومة الذي يمثله فصائل المقاومة الفلسطينية ورموزها ، وحتى لو أوصلهم هذا العداء إلى الالتقاء مع العدو الصهيوني سياسيـًا وثقافيـًا وفكريـًا ، و قد احتفت بهم صحف وتلفزيونات العدو ، ونشرت مقالاتهم وبثت فيديوهاتهم علي مواقعها وصحفها تكريماً لعطائهم في خدمة الدولة اليهودية .!
لقد أتقن هؤلاء ــ الذين حملوا لواء ثقافة الخنوع و الاستسلام ــ فن التسويغ والتبرير وكيل التهم جزافـًا للفلسطينيين ” الشعب وفصائل المقاومة “، وقام ” مثقفو الردة ” بدور “المحلل” الذي يعجز العدو الإسرائيلي وعملائه عن أدائه ، وكانت وسائل الإعلام العربية وسيلتهم التي قدموا عليها عروضهم المثيرة ..!!
هؤلاء المثقفون وأشباه المثقفين من الساقطين و المتساقطين والاستسلاميين والمنبطحين من النخب السياسية والثقافية العربية الذين عميت قلوبهم وفسدت ضمائرهم ، الذين أطلقوا على أنفسهم ” ضمير الأمة ” أصبحوا بوقـًا يردد خطاب الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والعدو الإسرائيلي في الضغط على الفلسطينيين، وجعلوا من القضية الفلسطينية مشجبـًا يعلقون عليه فشلهم في إقناع شعوبهم بتقصير حكوماتهم في حل قضاياهم ، في ظاهرة غريبة لبعض هؤلاء الكتاب والمثقفين نستطيع أن نطلق عليها ظاهرة ” العداء للفلسطينيين ” ..!! إن لم نقل العداء لكل ما هو عربي ومسلم ..!!
وليكتشف المواطن العربي في كل مكان أن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى إرسال جيوشها وآلاتها العسكرية لإحتلال الأراضي العربية ، فهذا العهد قد ولى إلى الأبد ، حيث برز الطابور الخامس من المثقفين وأشباه المثقفين العرب “المتصهينين” الذين يحاولون من خلال ” لعبة الإعلام ” التي وجدوا أنفسهم على قمة الهرم فيها بيع قضايا وطنهم بأثمان بخسة ، ويزعمون بعد ذلك أنهم يعملون من أجل الحرية والديموقراطية ، بينما الحقيقة أنهم يعملون من أجل حرية الولايات المتحدة وإسرائيل في البطش والتنكيل بشعوب المنطقة والعالم، وكذلك تقديم الأعذار والمبررات للعدو الإسرائيلي وللمجازر التي يقوم بها ضد الأطفال والنساء والشيوخ ، وكيل التهم بالعمالة والخيانة لكل من يتصدى للإحتلال ..!!
(ألم تصدر مما يسمون أنفسهم بمجموعة كوبنهاجن للسلام وثيقة تعلن أن كل من يقاوم الإحتلال الإسرائيلي ويرفض التطبيع مع إسرائيل فهو متخلف عقليـًا !! ) .
لا ننكر أنه في كل حرب هناك ” طابور خامس ” يتعاون مع العدو ، و لكن في العدوان على غزة هذه الأيام هناك طابور خامس من ( الصهاينة العرب ) لا يقتصر علي أسماء كتاب ومذيعين وسياسيين مصريين فقط ، ولكنها قائمة طويلة تضم عربا من دول عديدة ، حتى وصلت سخرية الشاعر عبد الرحمن يوسف منهم أن كتب بعد أسر المقاومة الجندي الاسرائيلي :
” هل عزيتم صهاينة العرب اليوم في أسر أخيهم شاؤول أرون ” ؟!.
لقد ظهرت ملامح ” الصهاينة العرب ” الأولى خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008م ” حرب الفرقان ” ، و الذي خلف نحو 1400 شهيد و5400 جريح معظمهم من النساء والأطفال حيث دأب موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية ” التواصل ” على الإنترنت على إعادة نشر عشرات المقالات لكتاب عرب يهاجمون ” إرهاب ” حركتي حماس والجهاد ، ويؤكدون الاتهامات الإسرائيلية للحركتين بأنهما ” ألعوبة ” في أيدي ” الإرهاب الفارسي “.!
كما ذهبت بعض هذه المقالات إلى الإشادة بـ ” ديمقراطية ” دولة الاحتلال الإسرائيلي ، معتبرة أن أرض فلسطين المحتلة ” حق لبني إسرائيل ، وأرض الميعاد التي بشرتهم بها التوراة “. !
واستمر نفس التوجه الإعلامي الصهيوني خلال عدوان 2012م ” حرب السجيل ” ، العدوان الحالي ” العصف المأكول ” ، حتى أن الناطق الرسمي باسم جيش العدو قال : إن ” وسائل الإعلام الجديدة وعالم التدوين يشكلون معارك جديدة في إطار الصراع حول كسب الرأي العام العالمي”، فيما وصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية الإنترنت بأنه ” منطقة حرب “.
فتحت عنوان ” مقالات رأي لكتاب عرب ” أعادت الخارجية الإسرائيلية نشر موضوعات من صحف عربية تدين المقاومة وتؤكد وجهة النظر الإسرائيلية في أنهم السبب في اندلاع الحرب لخطفهم إسرائيليين وقتلهم .
أحد هؤلاء “المتصهينين” ” برز منذ بداية العدوان على غزة في كيل التهم للفلسطينيين بالإرهاب وقتل الأبرياء من المدنيين الإسرائيليين العزل ، ووصلت به الوقاحة إلى حد تبني مقولة الإعلام الإسرائيلي بأن شعارات المقاومة فارغة ، و أن الطريق الوحيد لإيقاف إسرائيل هو من خلال إقامة السلام معها .!!
ولا نعرف بالضبط الأدلة والمعطيات الموجودة عند هذا ” الصهيوني” التي يؤكد من خلالها بأن مقاومة العدو فارغة ، وهي المقاومة التي أجمع العالم ــ بما فيه العدو الأسرائيلي نفسه ــ على أنها نوع جديد من الحرب يخوضه الفلسطينيون بجدارة ضد المحتل .
هذه المقاومة التي سجلت أروع صفحات التضحية و الفداء ضد عدو مدجج بأحدث الأسلحة ، وجسدت ــ لأول مرة ــ على الأرض الفلسطينية المعنى الحقيقي للوحدة الوطنية بين جميع الفصائل و الشعب ، هذا الشعب الذي وقف صامداً ملتحماً مع مقاومته ، معتمداً على نفسه ، لا يسأل دعماً إنسانياً ، كما كان يتوقع بعضهم ، ولم يستجد من كانوا ينتظرون استجداءه لهم ، بل أعلنها صريحة : ” قررنا إنهاء حصار غزة ” ، وكان من أحد نتائجها هذا الصمود الأسطوري أمام آلة القتل الصهيونية .
مثقف عربي آخر برتبة صهيونية دأب منذ اليوم الأول للعدوان على غزة مدافعاً شرساً عن ” شرعيّة ” إسرائيل في استخدام العنف ضد القتلة الفلسطينيين .!
وكما قال تشرشل في مذكراته : ” في فترة الحرب تصبح الحقيقة عزيزة إلى درجة يجب إحاطتها بسلسلة من الأكاذيب ” ، فقد اعتقد هذا ” المتصهين ” بأن الحرب على الفلسطينيين بأشكالها المختلفة لم تتوقف ، لذلك لم يوقف الأكاذيب ..!!
لقد دأب ” الصهاينة العرب ” الذين ينتمون للأسف الشديد إلى لغة الضاد في الآونة الأخيرة على إختلاق الأكاذيب وإختراعها بأساليب متعددة يندى لها الجبين ، وتعف عنها رسالة الإعلام الشريف ، في حملة مسعورة ضد أبناء الشعب الفلسطيني و مقاومته الباسلة في محاولة خسيسة لإثيات الولاء لسيدهم الصهيوني .! .
والمطلوب من الكتاب والأعلاميين الشرفاء و الوطنيين الصادقين في وطننا العربي ــ وهم الأغلبية ــ الوقوف بحزم في وجه هذه الحملة الشرسة التي تقودها الشرذمة البغيضة من الصهاينة العرب ” أعداء الفلسطينيين ” ، وفضح أساليبهم الإعلامية التي لا تخدم سوى الأعداء ، ولا تنم إلا عن إمتهان أصحابها للإبتزاز والإرتزاق وحب الشهرة على حساب شلال الدم الفلسطيني ..!!