غضب أهل فلسطين – عبد الستار قاسم
وأخيرا تحرك أهل لبنان دفاعا عن أنفسهم ومصالحهم. لقد تأخروا كثيرا في حراكهم كما تأخرت الشعوب العربية الأخرى.
ويبقى الشعب الفلسطيني حتى الآن يتحدث بهدوء وجانبيا عن الآلام المعيشية والوطنية التي يعاني منها على مدى سنوات طويلة. هناك صمت شعبي على المستوى الجماهيري يفسح مجالا أمام المزيد من الآلام. أسباب ومبررات الحراك الفلسطيني متوفرة وبقوة وبوضوح الشمس، وأوجزها بما يلي:
أولا: شعب فلسطين صاحب قضية وطنية استهتر بها قادة شعب فلسطين، وأدت سياساتهم إلى تراجعها على مختلف المستويات بما فيها الداخل الفلسطيني نفسه. والشعب ممنوع من الدفاع عن نفسه وعن وطنه ليس من قبل الاحتلال الصهيوني فقط، وإنما من قبل القيادات الفلسطينية نفسها التي نادت بالمقاومة الشعبية السلمية وهي تنسق أمنيا مع الاحتلال. الاحتلال يفرض أمرا واقعا، وقيادات فلسطين تبحث عن مخرج فيما يسمى القانون الدولي.
ثانيا: الفساد ما زال منتشرا في الأرض الفلسطينية، ولا أفق لمحاربته. الوساطات والمحسوبيات مفسدة كبيرة، وتولد الكراهية والبغضاء بين الناس. والأخلاق العامة متدهورة.
ثالثا: القضاء ليس فعالا، ويعرقل مصالح الناس بإجراءاته المقيتة ويستنزف المعنويات. التعليم المدرسي والجامعي متدهور بصورة خطيرة جدا، والالتزام الوطني ضعيف إلى جانب ضعف الثقافة الوطنية.
رابعا: لا تتوفر شرعية لأحد لا في غزة ولا في الضفة الغربية.، ولا على مستوى السلطة ومنظمة التحرير. القانون غير محترم، وعباس يقف على رأس من ينتهكون القوانين. والهوية الفلسطينية ممزقة، ولم تعد هناك هوية جامعة للجميع.
خامسا: لا تختلف الفصائل الفلسطينية في ممارساتها عن ممارسات طوائف لبنان. إنها تمارس العنصرية، وتساهم في تمزيق الشعب، وتصر دائما على المحاصصة المدمرة.
سادسا: الانقسامات الداخلية متعددة، والفصائل السبب الأول فيها. كما أن السلطة الفلسطينية تمارس التمييز بين الناس.
سابعا: الناس مثقلون بالضرائب والرسوم الباهظة على المعاملات الرسمية، والحالة الاقتصادية تعاني من الركود، والأجهزة الأمنية تمارس أفعالا لا تختلف عما تمارسه أجهزة الأمن العربية.
طالما تغنينا بأنفسنا وبطولاتنا وأخلاقنا الرفيعة، ونحن الآن أمام مسؤولية تاريخية كبيرة تعيد البوصلة الفلسطينية إلى سابق عهدها. علينا أن نكون أوفياء لوطننا وشهدائنا وآلام أمهاتنا وأنات أطفالنا ومستقبل أجيالنا. فهل نغضب؟