فريد حمد في ذكرى رحيله ال 41
فريد حمد 1958 – 1979
في مثل هذا اليوم الثامن من أيلول سنة 1979 رحل الصديق وابن العمة فريد محمد طالب حمد .. رحل بشكل مفاجئ ومحزن ولم أتمكن من القاء نظرة الوداع عليه لأنني كنت يومها خارج لبنان. لكن فور عودتي من السفر توجهت الى قبر فريد في مقبرة مدينة صيدا ووضعت باقة من الزهور على ضريحه. مضى فريد الى العالم الآخر وبقيت خلفه الذكريات وبعض الصور وحزن والديه وعائلته وأحبته.
جمعتني وفريد صلة القرابة فهو ابن عمتي.. كما جمعتني به صداقة الصبا والمراهقة، ولم أكن وحدي فثمة ثلة أخرى من الأصدقاء من أبناء البلدة والعائلة ومن آخرين من غيرعائلتنا وبلدتنا لكن من مخيمنا عين الحلوة ومن مدينة طفولتنا صيدا، كونوا تلك المجموعة من الشبيبة. أما صيدا فهي مدينة البحر والقلعة والصيادين والبلدة القديمة ومعروف ومصطفى سعد، وشبيهة مدينة عكا في فلسطين المحتلة. وهي كانت ولازالت مدينة طفولتنا ومراهقتنا ونضالنا خلال العمل الفدائي في ذلك الزمن.
قضيت وفريد والأصدقاء الآخرين سنوات من بداية تكويني الشبابي، صعدنا فيها الجبال ودخلنا الكهوف والمغاور وعرفنا الوديان والتلال .. من كرم أبو نمر الى وادي جهنم ووادي الثعالب ووادي درب السيم… ومن النبعة أول سيروب وعلى مدخل المخيم الشرقي الى مغارة التايغر … ومن ثم حيث المغارة التي حفرناها نحن صغار المخيم، ثم فيما بعد قامت حركة فتح بتحويلها الى قاعدة عسكرية ثبتت فوقها مدفع رشاش من عيار 23 ملم كان راميه الأخ ياسر شريدي.
بعد انتقال دار عمتي أم طالب حمد من المخيم الى حي الحاج الحافظ أو حي وليد قصب أو إن شئتم حي فريد حمد.. أصبح الحي مركزنا وغرفة فريد في بيت العائلة مقرنا. انتقل بعضنا معهم الى ذلك المكان دون أن يقيم معهم أو هناك. أعترف الآن اننا كنا في ذلك الوقت مندفعين، ناشئين، نتصرف بعقلية الشاب الذي لا يرى غير نفسه. تصرفنا تصرفات ربما كانت غير مرضية ومزعجة للاخرين. لكننا كنا صغارا وجهلة … واليوم وأنا على مشارف نهاية عقد الخمسين من عمري أقدم اعتذاري لكل من سببت له ازعاجا.
في ذكرى وفاة فريد الذي كان فدائيا كما غالبيتنا في ذلك الزمان الفدائي بما له وبما عليه. أتذكر أسماء من رحلوا ومن لازالوا على قيد الحياة من رفاق تلك المرحلة من العمر بايجابياتها وسلبياتها. بدون ذكر أسماء الكثيرين لأننا نسيت الأسماء ولكي لا أقع في فح عدم ذكر أو نسيان بعضها. على كل حال كنا في ذلك الوقت مجموعة كبيرة من أبناء بلدة الصفصاف وكذلك من أبناء البلدات الأخرى في المخيم. أذكر بعض ممن لازالت ذاكرتي تحتفظ باسماءهم، ممن فارقوا الحياة فيما بعد: أحمد خليل (حمدي) زهير صبحة، منذر ووائل الخطيب، طه شريدي، ماهر حمد، أحمد ومحمود زيدان.
أذكر أيضاً الأصدقاء والأخوة عماد وطارق وجمال حمد وعلي خليل وعبد الناصر السيد و(السمرة) صديق فلسطيني كان يقيم في حي مجاور لحي (فريد)، هؤلاء من الأحياء .. ومن الراحلين: نمر طنجير، ماجد بليبل، عبد الروؤف الرفاعي، محمد وعامر خليل، غازي وعبد حمد.. أرجو أن تعذروني لعدم ذكر بقية الأسماء لأنني نسيتها.
مضى فريد وبعد ذلك بسنوات قليلة حصل الغزو الصهيوني للبنان سنة 1982 وتشردنا كلنا في بقاع الدنيا قاطبة، تماماً كما ثورتنا. ولم يبقى لنا من تلك السنوات الفريدة سوى ذكرى فريد ومن لحقه وسبقه من الشهداء والراحلين من صحبتنا.
اليوم تذكرت تلك الأيام بحلوها وبمرها. أيام الصبا والشباب والمراهقة. رحم الله فريد وبقية الأصدقاء والاخوة الذين رحلوا عن عالمنا.
نضال حمد
في الثامن أيلول 2020