فضائح سفراء مغتصبة منظمة التحرير الفلسطينية – نضال حمد
أعيد نشر مقالاتي التي كنت كتبتها في سنوات سابقة لكي يعيد قراءتها من قرأها قبل سنين وليقرئها من لم يتمكن في ذلك الوقت من قرائتها.
14/08/2010
من جديد تطفو على سطح الأخبار قضية سفراء مغتصبة منظمة التحرير الفلسطينية في دول العالم .. فهؤلاء وضعوا سفراء بقرارات من أزمنة سابقة ، ومن ثم بتعيينات من سيد او سادة المرحلة اللاحقة.. وبما أن منظمة التحرير الفلسطينية اصبحت عبارة عن خربة تغطيها الأتربة والرمال والكثبان والطحالب ، وتعشش في مؤسساتها الأفاعي السامة والثعابين والعقارب ، التي لا تفرق بين اعداء واقارب .. وقد قيل مؤخراً أنه منذ جاء الى بلادنا المحتلة شخص يدعى الجنرال دايتون اصبحت تلك العقارب تفرق بين الأعداء والاقارب ، فتحمي الأولين وتهاجم التاليين ..
منظمة التحرير الفلسطينية التي كان لها ولشعبها شرف كبير أن يمثلها سفراء عظام وكبار منهم الأحياء ومنهم الشهداء ، أصبحت الآن مرتعاً لكل الأصابع القريبة والغريبة وصارت مطية لكل باحث عن مصادفة تقوده الى هرم زمن العجائب الفلسطيني .. ففي الوقت الذي يعلن فيه مئات الفنانين الايرلنديين نيتهم مقاطعة الكيان الصهيوني أكاديمياً ، ويأتي هذا الاعلان كثمرة لعمل ونشاط سنوات طويلة ، عملت خلالها لجان التضامن والمناصرة مع شعب فلسطين ليل نهار لتحقيق ذلك في اوروبا وكل العالم.. في نفس التوقيت يقوم ما يسمى سفير فلسطين في جوهانسبيرغ بجنوبي افريقيا برفض كافة الدعوات التي وجهتها له لجان التضامن والمناصرة المؤيدة للقضية الفلسطينية في البلد المذكور ، وكان هؤلاء طالبوا السفير(علي احمد حليمة) بعدم تلبية دعوة منظمة يهودية صهيونية معروفة بدفاعها عن الصهيونية وعن كل ما تقترفه محمية اليهود الصهاينة المقامة بالقوة والارهاب على أرض فلسطين المحتلة ، والتي تسمى “اسرائيل”.. ظنوا أنه صاحب قضية فتبين لهم أن للسفير قضية اخرى غير قضية فلسطين التي يكافحون لأجلها منذ عشرات السنين ..
في تعليقها على قيام السفير الفلسطيني “علي احمد حليمة” بالمشاركة في محاضرة نظمتها الجمعية الطلابية الصهيونية ، قالت الناطق باسم منظمة جنوب افريقيا للتضامن مع فلسطين إن “تلبية حليمة لدعوة اتحاد الطلاب اليهود بجنوب أفريقيا -وهو منظمة صهيونية عرفت بدفاعها عن “إسرائيل” أثناء الاعتداء على غزة وعلى قافلة الحرية- أمر فاضح”. وكانت كيك جوزف قالت في تصريحات اطلقتها عبر الجزيرة نت أن منظمتها وجهت رسالة للسفير حليمة قبل مشاركته في الندوة المذكورة وطالبته بعدم المشاركة ورفض تلبية الدعوة الصهيونية لأن مجرد مشاركته بحسب رأي المنظمة المناصرة للشعب الفلسطيني سوف تستخدم سلاحاً ضد الناشطين المناصرين للقضية الفلسطينية في جنوب افريقيا. هذا وأعلنت العديد من الهيئات والجمعيات والمنظمات الجنوب افريقية واتحادات طلابية فلسطينية استنكارها لمشاركة حليمة في المحاضرة الصهيونية في جامعة فَتسْ بجوهانسبرغ، واعتبرتها “أمرا فاضحا.
من جهته قال السفير حليمة إن مشاركته جاءت بوصفه يمثل حكومته “التي ترى الحوار مع جميع الأطراف وسيلة وحيدة للسلام”. وأضاف بتصريح للجزيرة نت “هدفي من المشاركة هو إبراز الحق الفلسطيني وعرضه، فوظيفتي كدبلوماسي هي التعاطي مع كل الفاعلين في جنوب أفريقيا”. هذا كلام يدين السفير حليمة ويدين كذلك المسؤولين عنه، الذين على ما يبدو هم الذين أمروه بالمشاركة في الندوة، لقناعتهم بعدم سلوك أي طريق آخر غير طريق سلام الحملان، الذي أخذ كل شيء ولم يعط الفلسطينيين أي شيء سوى هؤلاء السفراء وسلطة النمر الأوسلوي أو نمر حماد .. حليمة بمشاركته في المحاضرة مع المنظمة الصهيونية قدم خدمة لا تقدر بثمن لأعداء فلسطين، ووجه ضربة قاسية للمناصرين للقضية الفلسطينية. فمشاركة السفير الفلسطيني جعلت المحلل السياسي ورئيس مركز”أمك” للدراسات الأفريقية الشرق أوسطية نعيم جناح، يرى أن ” المشاركة ستوفر فرصة ذهبية لتحسين صورة منظمة الطلاب اليهود بجنوب أفريقيا المعروفة بتأييدها المطلق للسياسات (الإسرائيلية)”.
طبعاً لا حليمة ولا غيره من السفراء الضارون بالمصالح والحقوق الفلسطينية سوف يبدلون سياستهم لأنهم بكل بساطة يمثلون نهج سياسي وتفاوضي فلسطيني رسمي، أعلن مراراً معارضته لأي عمل مقاوم للاحتلال. كما وأبدى على الدوام حرصه الشديد على المواجهة السلمية ، مثل قضاء بقية الحياة مفاوضات وتنسيق أمني، أو أخذ تظاهرات نعلين وبلعين والمعصرة كأمثلة على شكل النضال الفلسطيني في الزمن مابعد الأوسلوي. مع احترامنا لنضالات النشطاء الفلسطينيين والأمميين الذين يقومون بتظاهرات نعلين وبلعين والمعصرة، نقول أن هذا النوع من الكفاح أيضاً مطلوب لكنه ليس الأهم ولا هو الاسلوب الرئيسي في كفاحنا الوطني. فالأهم منه أن يقاوم الانسان الذين يعتدون عليه ويحتلون داره بالسلاح. غير ذلك يجب على القادة السلطويين في محمية رم الله اقتناء قطعان من المواشي ورعيها على اعتاب المستوطنات المقامة على أراضي المزارعين والرعاة الفلسطينيين الحقيقيين. وهذا التوجه على ما يبدو تبنته حركة فتح في نهجها السياسي الحالي والمستقبل. وفرضته على ما ملكت يمينها من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة أوسلوستان.
تذكرني الفعلة الشنيعة للسفير حليمة بأفعال أشنع منها قام بها سفراء فلسطين في الدول الاوروبية والغربية. يكفي أن نذكر منها تعطيل تقرير غولدستون من قبل السفير الفلسطيني .. وقبله تعطيل مشروع قرار قطري لاعمار غزة في مجلس الأمن الدولي من قبل سفيري فلسطين والكيان الصهيوني.. والأمثلة وفيرة .. كما تذكرني هذه الحادثة بما سمعته قبل أيام من كادر فتحاوي، جاء ليحاضر في مخيم فلسطيني أممي أقيم للشبيبة والأطفال والعائلات الفلسطينية مؤخراً في ايطاليا. هذا الكادر قال لنا ولأطفالنا الذي استمعوا لكلامه وكلام أصدقائه الطليان، الذين زاروا فلسطين المحتلة، قال أن ” المقاومة السلمية مثلما تجري في نعلين وبلعين والمعصرة هي الحل وأنه مع هذا الحل وأنه ضد المقاومة المسلحة أو العنيفة”..هذا كلام كادرات فتح أوسلو وهذا الكلام يجعلنا متأكدين من أن نهج سلطة رام الله هو نهج استسلامي، لا يرى في الأفق حلاً آخر غير الاستسلام للشروط الأمريكية الصهيونية.
وما التنسيق الأمني بين السلطة في رام الله والاحتلال الصهيوني سوى خير دليل على التنسيق الدبلوماسي بين الطرفين. فالسفير حليمة تصرف دبلوماسياً كما يتصرف المسؤولون عنه. فكلكم تذكرون سلام فياض حين شارك في مؤتمر هرتسليا لحفظ أمن الكيان الصهيوني .. ببساطة المسؤولون عنه ينسقون وهو بدوره ينسق، فيما يدفع شعبنا الثمن من صموده وحقوقه وأرضه ودمه.
* مدير ورئيس تحرير موقع الصفصاف
فضائح سفراء مغتصبة منظمة التحرير الفلسطينية – نضال حمد