فكر بغيرك
إفطاره أمامه ولكنه في وعاء الطعام كان يرى بعض الجياع يسبحون مع قطع اللحم.. جوع اليتامى وألم الفقراء ذكره بماضيه الصعب.. صدته نفسه عن الأكل والشراب… عاتبها لأن واجب الصائم أن يفطر عند موعد الإفطار… ففي رمضان، شهر الإحسان، يتذكر فيه الناس إخوانهم الناس الفقراء والجياع… ويتذكر الصائم أن هناك من يصوم ولا يجد ما يقتاته عند الإفطار… فكيف يأكل وغيره قد لا يجد ما يأكله.
رأسه يصدعه فيما إمعاؤه ترد الطعام عنه… مع أنه بالأمس أطعم عشرات الجياع، في مآدب الرحمن، وأركن إلى أنه قام بالواجب خير القيام.. يبدو أن كل هذا لا يكفي، فعالمنا مليء بالذين ينامون بلا عشاء، بالذين يفترشون الأرصفة الباردة وأزقة المدن، أسرّة للنوم والسماء من فوقهم لحافاً لا يرد البرد ولا الأمطار…
إفطاره أمامه ووجه أمه وهي تعجن الطحين وتخبزه في فرنية الدار قرب شجرة التين… وهناك أمهات لا يعجن سوى التراب والثلج، ويغلين الحجارة في الأوعية الفارغة إلا منها ومن الماء… هناك الأم التي تعجن القهر خبزاً وأولائك الصغار الذين يلوكون الكلام بدل اللحم والطعام .. ترى هل عرفوا لون اللحوم وطعمها؟
الفقراء يعرفون طعم شوربة العدس، أكلات الفقراء، في كل مكان وزمان..
كم أحببت في طفولتي وصبايّ ويوم كنت على خط الجبهة والقتال، تناول شوربة العدس في المخيم الفلسطيني… في المعسكر الفلسطيني …
وجبة الفقير ةوالفدائي واحدة وتتكون من عدس مجروش برتقالي اللون وخبز يابس مجفف وبصل، وفي بعض الأحيان قطعة دجاج أو عظم مجروم مع قليل مما تبقى عليه من اللحم…
في أوقات الحرب والحصار كان العدس مخلوط مع السوس وكنا نعتبرالسوس بروتينات لتغذية ولتقوية المناعة في الجسم. فالعدس وجبة الأقوياء والفقراء، لقد كانت وجبة شوربة العدس هي وجبة الفقر المسلح بالايمان والقناعات، وجبة الفدائيين المقاتلين ووجبة الفقراء في المخيمات…
إفطاره أمامه فيه قليل من العظم واللحم وقليل من الخضار وكثير من الأرز وفيه ريحة فلسطين، وأكلاتها الشعبية، يقلب الوعاء فتظهر طبخة المقلوبة الشعبية الفلسطينية مثل قالب كاتو، يتصاعد منه البخار ويفوح بالروائح الطيبة والتوابل والبهارات … وجبة المقلوبة الشعبية الفلسطينة حين تتم وتقدم على الطاولة نراها تخاطب القلوب والبطون والأرض والسماء.
نضال حمد
١٣-٤-٢٠٢٣