فلسطين وأوكرانيا المقارنة غير مقبولة – نضال حمد
أوكرإينا “أوكرانيا” وبالستينا “فلسطين” باللغة البولندية نفس نغمة الكلمة ونهاية الإسمين بالحرفين اللاتينيين. لكن هناك فرق شاسع جداً بين المعانتين والقضيتين إذ لا تجوز مقارنة ما يجري منذ أيام في اوكرانيا بما جرى ويجري في فلسطين منذ 75 سنة. ففي فلسطين هناك احتلال استعماري اقتلاعي صهيوني فاشي عنصري دموي همجي، قام بتجميع يهود العالم وكل مجرمينهم في بلادنا، وأحلهم مكان شعبنا، ففي لحظات صارت بيوتنا بيوتهم ومدننا مدنهم وقرانا قراهم وبلداتنا بلداتهم وحقولنا وحقولنهم وبساتيننا بساتينهم ومدارسنا مدارسهم وخوابي زيتنا خوابي زيتهم، ومونة بيوتنا مونة بيوتهم. وصارت فلسطيننا “اسرائيلهم. ولازلنا نقاتلهم ومن خلفهم نقاتل كل دول الغرب المنافقة التي زرعتهم في فلسطين المحتلة ولازالت تقدم لهم كل الدعم والاسناد.. فلسطين تتعرض للاحتلال والنهب والسلب والاستيطان والتهويد منذ 74 سنة و10 شهور.. منذ سنة 1948 وهي تحت الاحتلال والعدوان والغزو الصهيوني المبارك والمقدس والممول أمريكياً وغربياً.
أما أوكرانيا فالحرب فيها حرب المصالح بين أكبر قوتين في العالم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ومعها الناتو. حرب بالوكالة تخوضها اوكرانيا نيابة عن الناتو والولايات المتحدة، ربما تكون كبش فداء من أجل أنهاك واضعاف روسيا، التي لن تسمح بوجود الماتو في اوكرانيا مهما كلف الأمر. لكن يبدو أن المغامرة الروسية في اوطرانيا ستكون باهضة الثمن ومكلفة جدا. وربما لا تنتهي بنصر روسي ولا بنظام عالمي جديد. ففي هذه الحرب هناك تدمير شامل وسياسات أرض محروقة وكراهية متأصلة بين الطرفين. أكثر من عشرين يوماً من الحرب هناك ويشعر الانسان من خلاتل المةاقف الازروبية والغربية والخ كأنها أطول ,اقدم حرب في العالم. وأنه ليس هناك في الدنيا أي حروب أخرى أو قضايا أخرى. تتم تغطيتها اعلاميا بشكل مرسوم بدقة وعلى مدار اليوم بينما بالطاد وسائل الاعهلام الغربية والاوروبية كانت تقدم او تقول شيئاً عقلانيا وواقعيا وحقيقياً عن القضية الفلسطينية وعن الاحتلال الصهيوني. تلك الوسائل حعلت من الفلسطينيين ارهابيين ومعتدين بينما الارهابي اليهودي الصهيوني اللص والمعتدي والمغتصب والمحتل والغازي قدمته ولازالت تقدمه على أساس هو المسالم وصاحب الأرض ويدافع عن نفسه. تغطية حرب اوكرانيا سبقت وتخطت كل تغطيات الدنيا على مر السنين.
فلسطين!
أين فلسطين؟
يقول لك الأوروبيون الجهلة أو المتصهينون وما أكثرهم.. لا يوجد شيء اسمه فلسطين.
تقول له أيها الكاثوليكي أو البروتستانتي اللوثري او الأرثوذوكسي وشهود يهوه والخ..
تقول له ايها المسيحي الأوروبي والغربي والشرقي!
المستعمرون الصهاينة لا يهمهم الدين ولا الآخرة فما يهمهم هو الحاضر والدنيا ومصالحهم فقط لا غير. ولا ينتظرون المسيح ولا المسيح الدجال ولا شيء من هذا القبيل. كا يهمهم أنفسهم ومصالحهم وتفوقهم وأن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية قوية لتحميهم وتمولهم وتدعمهم. كذلك يهمهم بقاء ألمانيا لكي تواصل تقديم الاموال والتقينات والدعم كتعويضات عن اليهود الأوروبيين الذين قتلتهم النازية. وهؤلاء بطبيعة الحال لم يكن لهم علاقة لا بالصهيونية ولا “باسرائيل” التي كانت لازالت مج رد فكرة صهصيونية في عقلول الصهاينة والمستعمرين البريطانيين.
يأتيك متخلف ومتزمت ليقول لك فلسطين هي “اسرائيل”…واليهود شعب قديم (هو لا يفرق بين الأديان والشعوب لأنه حمار وجاهل) واليهود أصحاب تلك الأرض حتى لو جاءوا من بروكلين ومانهاتان وكاجمييج ووارسو وبارس ومينويخ واوسلو.. وحتى لو أتوا إليها من أي مكان في العالم، فهي أرض الميعاد، من بونيس ايريس واديسا بابا والسودان واليمن والمغرب والهند وكييف ولفيف وخاركيف وكل الاتحاد السوفييتي سابقاً من سيبيريا الى أذربيجيان…
عندما تسمع هكذا تخبيص وخرافات عليك أن تتوقف عن النقاش، فإذا استمريت في نقاش الجاهل ستصبح مثله، لذا فالأفضل أن لا تناقش جهلة ومتزمتين ومتشددين لأنه لا فائدة منهم والنقاش معهم مضيعة للوقت.
رغم أن قضيتنا الفلسطينية هي أقدم قضية لشعب تحت الاحتلال وأقدم قضية لاجئين مشردين خارج وطنهم، فهناك ست ملايين منهم لاجئين في دول العالم، وستة ملايين آخرين لازالوا فيها لكن جلهم لاجئين، موزعين في مخيمات الضفة الغربية وغزة أو في مدن وقرى وبلدات أخرى غير بلداتهم، لأن بيوتهم وممتلكاتهم سطت عليها دولة الاحتلال “الاسرائيلي” أو يحتلها المهاجرون الاستعماريون والمستوطنون اليهود الصهاينة، الذين جاءوا من اوروبا والعالم كله لأقامة دولة يهودية صهيونية فاشية عنصرية دموية اسمها “اسرائيل” ويتبع لها بتفاوت بين الدول كل النظام الأوروبي والغربي.
رغم ذلك فإن قضية فلسطين لا تحظى بواحد بالمائة مما نراه من تضامن شامل مع أوكرانيا سواء بشكل رسمي وحزبي أم شعبي ومجتمعي واعلامي. كأن حياة ومصير الشعب الأوكراني أهم من حياة ومصير بقية شعوب الأرض ومنها الشعب الفلسطيني. الشعب الاوكراني يجب أن يحترم ويتم التعامل مع لاجئيه بشكل لائق، وتتم مساعدته، لكن عليكم ان تكونوا عادلين ومنصفين وتساعدوا وتدعموا وتبرزوا قضايا الشعوب الأخرى وبالذات قضية فلسطين. وأن لا تنسوا اللاجئين الذين تركتمونهم يموتون غرقاً في البحار وفي الغابات على حدود الاتحاد الاوروبي.
لا يوجد نفس التضامن العالمي وبالذات الغربي والاوروبي ولا توجد نفس التغطية الاعلامية. ولا توجد حتى نفس المشاعر الانسانية حين يتعلق الأمر باللاجئين الفلسطينيين وأرضهم المحتلة وضحاياهم، الذين يسقطون يوميا منذ سنة 1948 وحتى فجر أول امس الاثنين 15-3-2022 حيث قتلت قوات الاحتلال “الاسرائيلي” 3 شبان فلسطينيين. حتى لا يوجد نفس التضامن مع اللاجئين من هؤلاء اللاجئين الذين وصلوا الى غابات الحدود بين بولندا وروسيا البيضاء، فمنهم من مات ودفن في بولندا وروسيا البيضاء لأن بولندا ودول الاتحاد الاوروبي رفضت ادخالهم، مع أن كل قوانين السماء والأرض الخاصة باللجوء تنطبق عليهم كلاجئين فارين من الحرب والموت. ومن بين اللاجئين عدد من الفارين من حروب سوريا والعراق واليمن وافغانستان وفلسطين ولبنان، فكل تلك الحروب وقفت وتقف وراءها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والصهيونية العالمية.
عند تغطية الحرب في اوكرانيا والغزو الروسي هناك نسمع بلا توقف أن الأوكران ضحايا والروس مجرمون ومعتدون وغزاة ومحتلون. أوكي .. لكن لماذا لا يقولون هذا حين يتعلق الأمر بالغزاة والمحتلين اليهود الصهاينة وهم بالمناسبة يهودهم – يهود أوروبا وأمريكا-، جاءوا الى فلسطين من اوروبا والغرب كعصابات استعمارية. وعلشان لا أحد يزعل مني لازالت غالبيتهم تحتفظ بالجنسيتين الصهيونية “الاسرائيلية” والأوروبية الغربية. مثل سفير “اسرائيل” السابق في وارسو البولندي أباً عن جد وبنفس الوقت “اسرائيلي”. أو مثلاً آخر الارهابي نتنياهو الذي لديه ثلاث جنسيات هي الأمريكية ومن البيرو والجنسية “الإسرائيلية”. سكان محمية “اسرائيل” الارهابية الصهيونية لديهم جنسيات عديدة لأنهم يعرفون أنهم دولة مؤقتة ومجتمع وشعب مصطنعان وأن نهاية دولتهم حتمية وهي مسألة وقت فقط لا غير. فشعب فلسطين لازال حياً وقضيته لازالت حية.
في الختام لاحظوا وقارنوا التغطية الإعلامية الأوروبية والغربية. في غزوات وحروب واحتلالات الناتو وأمريكا بلاد الآخرين كل شيء كان شرعياً ومثالياً ولأجل السلام وضد الارهاب. وكذلك فيما يخص الغزوات والاعتداءات والاحتلال “الاسرائيلي” فكل شيء له أسبابه المبررة والمقبولة غربياً. ما عدا ذلك أي عكل تقوم به دولة أخرى من خارج التحالف الأمريكي الغربي الرجعي يعتبر عدزاناً وارهاباً وجرائم حرب وضد الانسانية . في تغطية ما جرى ويجري في فلسطين، الضحية الفلسطينية تصبح هي المجرم والجلاد الصهيوني يصبح هو الضحية. هكذا هو الميزان الغربي الذي يكيل بمكيالين.
أيها الناس إن لم يتغير الأمر الآن فلن يتغير أبداً.
نضال حمد
17-3-2022