فى الذكرى 42 الرد على أنصار كامب ديفيد – محمد سيف الدولة
تتعرض فلسطين وكل الأمة اليوم لعدوان تطبيعى جديد على أيدى المحميات الامريكية فى الخليج المسماة بالامارات والبحرين، بالاضافة الى ما أعلن عنه الرئيس ترامب من ان هناك المزيد من الدول العربية على وشك ان تعترف (باسرائيل) وتقيم معها علاقات طبيعية.
وللاسف الشديد كان العدوان الاول واللبنة الأولى فى مشروع تفكيك الدعم العربى لفلسطين، على ايدى النظام المصرى تحت رئاسة الرئيس الراحل انور السادات، والذى قام فى مثل هذا اليوم من 42 عاما بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد فى 17 سبتمبر 1978 ثم معاهدة السلام فى 26 مارس 1979، والتى مثلت ضربة قاصمة لميزان القوى العربى بعد أن انسحبت منه القائدة العربية الكبرى الاقوى والاقدر على مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة الذى يهددها قبل أن يهدد فلسطين.
ومنذ ذلك الحين أخذت كافة المنابر الاعلامية ومؤسسات التعليم العربية تسقط الواحدة تلو الأخرى تحت سيطرة انظمة الحكم التابعة للامريكان والصديقة لهم والمتورطة بالفعل او على وشك التورط فى اتفاقيات سلام وتطبيع مع العدو الصهيونى وما ارتبط بذلك من فرض حصار على كل الوطنيين الرافضين للاتفاقيات وللعلاقات مع (اسرائيل)، ومنعهم من الظهور او المشاركة فى كل وسائل الاعلام ومنابره.
ولذلك وفى محاولة لكسر هذا الحصار المفروض علينا جميعا، ورغبة فى ايصال الرواية الحقيقية للجيل الجديد الذى طال تضليله وتزييف وعيه، فإننا سنحاول فى هذه الورقة تفنيد اهم الحجج التى كان يقدمها أنصار المعاهدة والصلح مع العدو ولا يزالون، على امتداد 42 عاما، للدفاع عنها والترويج لها وطمس حقائقها، ولعلها يكون فيها أيضا ما يفيد أشقائنا من شعوب الخليج، فى معركتهم القادمة ضد العدو الصهيونى فى بلادهم.
1) يدعون: “نحن نمثل القوم الاخيار المعتدلين فنحن انصار السلام، نكره الحرب وويلاتها. أما انتم فدعاة حرب ودمار.”
- ونرد: بأن الدعوة الى السلام مع المغتصب الصهيونى لفلسطين وغيرها، هو قبول للاغتصاب، وهو انحياز للعدو، وتفريط فى الارض، وضربا للسلام الحقيقى المتمثل فى قدرتنا على الحياة الآمنة المستقرة فى وطننا مثل باقى أمم وشعوب الارض. فالسلام المعروض علينا هو سلام (اسرائيل) وأمن (اسرائيل).
- ومع ذلك، فعندما نطالب بالغاء كامب ديفيد، فاننا لا نستهدف الحرب، وانما نستهدف التحرر مما فرضته علينا من قيود فى تسليح سيناء والدفاع عنها، وقيود فى السيادة، وفى اقامة العلاقات أو قطعها، وتوقيع المعاهدات أو الغاءها بما يتناسب ومصلحتنا الوطنية والقومية.
***
2) ويتفاخرون: “استرددنا سيناء وحررنا ارضنا المحتلة.”
- ونرد: بأننا كنا قادرين على استرداد سيناء بالقوة والقتال، فلقد نجحنا فى حرب 1973 فى التغلب على العقبة الاساسية فى المعركة وهى عبور قناة السويس، ومهما كانت العقبات والمصاعب الحربية الباقية لتحرير سيناء، فانها تظل أهون من المانع المائى.
- كان قد فات الكثير ولم يتبقَ الا القليل، ولكن يا خسارة!
- كما ان هناك فرق كبير بين استرداد الارض بقوتنا وعرق جبيننا ودماء شهدائنا وبين الاسترداد الحالى، فهو مرهون بشروط الاعتراف ب(اسرائيل) والتطبيع معها واعطاءها الاولوية على الامة العربية، والالتزام بالسياسة الامريكية فى المنطقة …الخ. فان اخللنا باى شرط من هذه الشروط، نكون عرضة لاعادة احتلال سيناء مرة أخرى.
- وكما قال اساتذتنا وشيوخنا الراحلون: “لقد أخذنا نحن سيناء، واخذوا هم مصر كلها.”
- كما اننا أخذناها منزوعة السلاح فى ثلثى مساحتها، ومقيدة التسليح فى الثلث الباقى الا بإذن (اسرائيل)، أى انها رهينة يمكن للصهاينة اعادة احتلالها فى أى وقت يشاءون.
- ليس هذا الكلام من عندنا، فآفى ديختر وزير الامن الصهيونى صرح عام 2008 فى احدى محاضراته، بانهم خرجوا بسيناء بشرط امكانية العودة اليها متى يشاءون بموجب ضمانات امريكية.
- ومع ذلك ان ذهبنا مذهبكم، وباركنا بنود الاتفاقية التى اعادت لنا سيناء منذ 40 عاما، ألم يأن الأوان بعد للتحرر من باقى البنود وقيودها والمتمثلة فى تقييد التسليح والتطبيع بالاكراه والانحياز لأمن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى والعربى.
***
3) ويعيرون: “فعلنا ما لم تستطع سوريا ان تفعله حتى الآن، فالجولان ما زالت محتلة. “
- ونرد: بان رفض خيار السادات وخيار كامب ديفيد لا يعنى على اى وجه قبول الخيار السورى، بل أن لدينا عديد من التحفظات على المواقف السورية.
- ولكن ليكن واضحا انه بعد انسحاب مصر من الصراع، لم تعد سوريا ولا غيرها قادرة على الحرب، فلا حرب بدون مصر، ولا نصر بدون مصر. هذه هى دروس 14 قرن من تاريخ امتنا.
***
4) ويشـمتون: “الفلسطينيون عادوا يطلبون الان بما سبق أن رفضوه فى كامب ديفيد.”
- ونرد: بأنه ليس صحيحا ان كامب ديفيد قدمت اى شيء ذى قيمة للفلسطينيين.
- بل على العكس لقد بيعت فلسطين للصهاينة مقابل استرداد سيناء، ولقد تم بذلك بموجب الاعترف ب(اسرائيل). وقد لخص بيجين ذلك فى مقولته عن السادات عندما صرح قائلا: ” فليأخذ لمصر بقدر ما يعطى من فلسطين “
- كما أن السادات لا يملك فلسطين لكى يتنازل عنها.
- كان يستطيع أن يعقد ما يشاء من معاهدات بدون الاعتراف ب(اسرائيل) والتنازل عن فلسطين.
- ان ما خص الفلسطينيين فى كامب ديفيد هى وثيقة الحكم الذاتى، وهي لا تتعدى كونها حكما ذاتيا للسكان مع بقاء الارض تحت الاحتلال.
- ومع ذلك الذين وقعوا اتفاق اوسلو مع (اسرائيل) عام1993 ، ماذا أخذوا حتى الآن؟ لم يأخذوا شيئا، ولن يأخذوا.
- كما انه ليس صحيحا ان كل الفلسطينيين يطلبون الصلح مع العدو الصهيونى.
- لقد رفض الفلسطينين وكل العرب الاعتراف ب(اسرائيل) منذ 1948
- وكان الحق معهم، لانه لا يجوز لأحد ان يتنازل عن جزء من وطنه للعدو، حتى ان اختلت موازين القوى.
- وما زالت الغالبية العظمى من الشعب الفلسطينى ترفض الاعتراف ب(اسرائيل).
- وما زالت المقاومة وقيادتها فى الارض المحتلة ترفض التنازل عن فلسطين 1948
- أما اولئك الذين قبلوا الصلح مع (اسرائيل)، فهم مكرهون. ألم يرضخ ابو عمار ورفاقه لذلك، بعد ان تم طرده من لبنان عام 1982 ونفيه الى تونس؟
- واضيف للاكراه الصهيونى، اكراه جديد هو انسحاب مصر من المعركة، فلا حرب بدون مصر، ولا نصر بدون مصر.
***
5) ويتخاذلون: “لا نستطيع ان نواجه امريكا”
- ونرد مذكرين: ان المبدأ الوحيد فى مواجهة الاعداء الذين يهددون وجودنا واختصاصنا باوطاننا، وسيادتنا عليها، ويسرقون خيراتها، ويسلبوننا ارادتنا، ويسعون الى تبعيتنا، هو ان ” الدفاع عن الوطن واجب مقدس “
- هكذا علمتنا الشرائع والاديان والدساتير ومواثيق القانون الدولى والأمم المتحدة وتجارب التاريخ ونضال الاجداد والاجيال السابقة، وتجارب الشعوب المحترمة فى كل اقاصى الارض
- ان التنازل عن الاوطان والخضوع للعدو بحجة انه الاقوى، وأننا لا قبل لنا به، هى مغالطة مفضوحة، وجريمة تصفها قوانين العقوبات بالخيانة العظمى، لان الاحتلال اساسا لا يتم الا عندما تختل موازين القوى لصالحه. فان انطلقنا من قاعدة ان القوة فوق الحق، فان هذا يعنى ان نستسلم له منذ اللحظة الاولى.
- كما ان التنازل للاقوى، تزيده قوة وتزيدنا ضعفا، فنقدم تنازلا جديدا، وهكذا فى دوامة جهنمية لا تنتهى الا بالقضاء علينا.
- لقد كانت معظم بلاد العالم الثالث محتلة فى وقت من الاوقات، ولكنها نالت حريتها بالجهد والنضال والتضحيات
- بل ان العديد من الدول الكبرى الحالية قاتلت لتتحرر من الاحتلال الاجنبى مثل فرنسا فى الحرب العالمية الثانية والصين فى الحرب العالمية الاولى وما بعدها، بل أن امريكا ذاتها قاتلت الاحتلال البريطانى.
- فالقاعدة الثابتة تاريخيا هى ان الاستعمار لا يدوم والسبب واضح ومنطقى وهو ان الاحتلال بالنسبة للمعتدى هو مجرد مكاسب اضافية يمكنه ان يستغنى عنها ويعيش بدونها، اما الاحتلال بالنسبة الى المعتدى عليه، فهو تهديد لوجوده ذاته.
- ولذلك تنجح الشعوب دائما فى التحرر ويحمل الاستعمار عصاه ويرحل.
- وبالتالى فحجة اننا لا قبل لنا بالولايات المتحدة او بغيرها، هى حجة غير مقبولة وغير لائقة، ويجب الامتناع عن مناقشتها اساسا، فهى خارج السياق الوطنى.
- ومع ذلك، عندما خاف الرئيس السادات من امريكا وقرر السير فى ركابها، والخضوع لشروطها، لم تكن وحدها فى الميدان، فقد كان هناك ايضا الاتحاد السوفيتى. وكان لدينا ارادتنا الوطنية، وكان معنا كل الدول العربية وكل دول العالم الثالث وعدم الانحياز.
- وبعد سقوط الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بالعالم، اصبحت اشد خطورة علينا، وهو ما ثبت فى احتلالها للعراق وفى دعمها اللانهائى ل(اسرائيل)، وفى سعيها الى تفتيت السودان وغيرها، وفى ضغوطها المستمرة على مصر. وأصبح التحرر من هيمنتها اهم من ذى قبل، والصمود امامها وليس الخضوع لها، هو الموقف الوطنى الفطرى والطبيعى.
- وكل الدول المحترمة فى العالم تفعل ذلك، وتصر على التمسك باستقلالها وسيادتها وأقربهم الصين والهند وإيران وفنزويلا.
- ومع ذلك فليس السبيل الوحيد للتعامل مع امريكا، هو الاشتباك معها عسكريا، وانما قد يكون باستعادة ارادتنا الوطنية، ولم الشمل العربى، وتجميع عناصر قوتنا، والتعامل معها بندية، وحصار مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية فى بلادنا للضغط عليها لتغيير سياستها من قضايانا القومية. هكذا فعلنا بسلاح النفط عام 1973. وهكذا يجب ان يكون سلوك الامم الحرة.
***
6) ويتنازلون: “(اسرائيل) امر واقع وهى عضو فى الامم المتحدة ومعترف بها دوليا ولن نستطيع استرداد فلسطين منها أبدا.”
- نعم هى امر واقع، ولكن بمعنى انها عدو قائم بالفعل، حقيقى وليس وهمى، وإلا من الذى كنا نحاربه طوال هذه السنين، ومن الذى كان يعتدى علينا ويقتلنا، ويغتصب اراضينا طول الوقت. فلم نكن نحارب طواحين الهواء، نعم هى امر واقع بهذ المعنى.
- اما (اسرائيل) التى نرفض الاعتراف بها، فهى دولة (اسرائيل) المشروعة الطبيعية، فالاعتراف الذى يطلبه منا الصهاينة والذى اعطاها اياهم السادات هو الاعتراف بشرعية الاغتصاب الصهيونى لفلسطين، والاعتراف بان هذه ارضهم التاريخية، وانهم نجحوا فى تحريرها من الاحتلال العربى الذى قائما فيها منذ الفتح العربى.
- ان مثل هذا الاعتراف قد رتب آثاراً خطيرة اهمها: دعم الرؤية الصهيونية المزيفة للتاريخ والتى تنطلق من أن الوجود العربى فى المنطقة هو وجود استعمارى غير مشروع يجب ان يزول، وهو ما ينطبق على فلسطين 1948 وعلى الضفة الغربية وغزة، وينطبق علينا نحن ايضا فى مصر. انه انتحار.
- ومن آثاره ايضا ان اكثر من 80 دولة اعادت علاقتها ب(اسرائيل) بعد اعترافكم بها، مما ساعد على ضخ دماء جديدة فى اقتصاد الكيان الصهيونى أطالت عمره لعدة عقود قادمة، وخففت العبء على كاهل حلفاؤه الرئيسيين امريكا واوروبا الغربية.
- وايضا اعطى اعترافكم، الضوء الاخضر لكل القوى الطائفية فى الوطن العربى، وبمساندة من الصهاينة، لتكرار نموذج الدولة اليهودية وتأسيس دويلات طائفية شيعية وسنية وكردية ودرزية ومارونية وقبطية وامازيغية وهكذا، فى اتجاه مزيد من تفتيت الامة العربية. وتهديد لكيان دولكم ذاتها، القائمة منذ الحرب العالمية الاولى.
- كما ان فى تاريخنا القديم والحديث امثلة ونماذج ناجحة وملهمة على قدرتنا على تحرير ارضنا المغتصبة، فلقد سبق ان حررنا المشرق العربى من الاحتلال الفرنجى الذى دام ما يقرب من 200 عاما (1096 ـ 1291). والجزائر تحررت بعد احتلال فرنسى دام 130 عاما (1830 ـ 1962) والامثلة كثيرة. فلا تضعفوا من عزائمنا.
- اما الامم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية فلا يجب ان تكون مرجعية لنا على اى وجه، فكل الشرعيات الدولية والقوى الكبرى على امتداد قرنين من الزمان هى التى سلبت منا حياتنا واحتلت اوطاننا وناصبتنا العداء ولا تزال، انهم العدو الاصلى.
- وها هى الصين لم تعترف ابدا بانفصال تايوان عنها، وكذلك لم تعترف المانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية بشرعية المانيا الشرقية، ونحن فى مصر لم نعترف ابدا بشرعية الاحتلال البريطانى لنا، وكذلك فعلت كل الشعوب العربية وباقى شعوب العالم فى مواجهة مستعمريها.
- وأخيرا، افيدونا، افادكم الله، بأى منطق تطالبون الشعب الفلسطينى بالتنازل عن ارض 1948 ل(اسرائيل)، فى الوقت الذى رفضتم، عن حق، التنازل عن شبر واحد من الارض المصرية فى طابا.
***
7) ويراوغون: “لا يجب ان نتورط فى اى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل كما حدث فى 1967”
- ونرد: انكم تتناسون ان ما حدث فى 1967 كان عدوانا صهيونيا بدعم أمريكي، مخطط له سلفا منذ عدة سنوات.
- وهو العدوان التوأم لعدوان 1956، وفى المرتين لم نكن نحن البادئين.
- وأى عدوان يجب ان يُرَد. أم أن لكم رأيا آخر ؟؟
- وأن الخطأ الكبير الذى وقعنا فيه فى 1967 لم يكن التورط فى الحرب، وانما كان فى عدم الاستعداد لها.
- ولقد استعددنا جيدا فى 1973، وكدنا أن نفعلها، لولا خوف السادات وخطاياه العسكرية وتنازلاته الوطنية.
- والموقف الصحيح الآن ليس هو الهروب من الحرب، بالصلح مع (اسرائيل)، وانما هو الاستعداد الدائم للعدوان القادم.
- وألم تدعوا ان حرب أكتوبر هى آخر الحروب، فاذا بكم تحاربون مع الامريكان فى حرب تحرير الكويت؟ وتقدموا تسهيلات لوجيستية للقوات الأمريكية ساعدتها فى غزوها للعراق؟ وتنخرطون حتى يومنا هذا فى كل التحالف العسكرية التى يؤسسها الأمريكان فى المنطقة؟
- ومع ذلك، فنحن عندما نطالب بالغاء كامب ديفيد، فاننا لانطالب بدخول الحرب، وانما نسعى الى التحرر من قيودها واستعادة حريتنا فى تسليح سيناء والدفاع عنها، واستعادة حقنا فى اقامة او قطع العلاقات مع (اسرائيل) مثلها فى ذلك مثل اى دولة اخرى، وحقنا فى العودة الى الصف العربى بما يحقق مصالحنا الوطنية والقومية، وحقنا فى الاختيار طوعا بين التطبيع او المقاطعة مع (اسرائيل) بما يخدم مصالحنا الوطنية وليس فرضا واكراها.
- وأنتم ترددون حجة التوريط هذه، كلما وقع عدوان صهيونى جديد على اى قطر عربى، وكلما طالبناكم بالتحرك لدعم الحقوق العربية ونصرة الاشقاء.
- ولكننا عندما نطالبكم بدعم اهالينا فى فلسطين، وبفتح المعبر أو سحب السفير أو تجميد العلاقات، او الضغط فى المنابر الدولية، فان كلها مطالب بسيطة وممكنة لا يمكن ان تؤدى الى حرب، الا ان كان التزاماتكم بموجب المعاهدة أسوأ بكثير مما نعلم.
***
8) ويتحايلون: ” كفانا حروب من أجل فلسطين، ولننتبه الى انفسنا قليلا “
- ونرد: هذه مغالطة كبيرة اخرى، فاننا لم نحارب الحروب الاربعة الاخيرة من اجل فلسطين، فـحرب 56 و67 والاستنزاف و73 هى حروب من اجل تحرير الارض المصرية المغتصبة من العدوان الصهيونى
- ونكرر أننا لم نكن نحن فى اى مرة من هذه الحروب، البادئين بالعدوان.
- وهم لم يعتدوا علينا، لاننا حاربنا من اجل فلسطين، ولكن لكى يرغموننا على الاعتراف ب(اسرائيل)، وعلى الانصياع لسياسات الولايات المتحدة.
***
9) وينسحبون ويتملصون: ” مشكلة فلسطين ليست مشكلتنا “
- ونرد: تنتمى كل من مصر وفلسطين الى امة واحدة ووطن واحد منذ الفتح العربى الاسلامى. بما يعنيه ذلك من وحدة الشعب والارض والتاريخ والحضارة واللغة والمصير ومن ثم وحدة العدو والصديق.
- وتجاهل هذه الحقائق يرتد بنا الى ما قبل الميلاد، عندما كنا نحن وفلسطين وكل الشام تحت الاحتلال الاجنبى لاكثر من 9 قرون متواصلة. فعزل مصر عن امتها العربية الاسلامية هو عودة الى حلول واختيارات ثبت فشلها منذ أكثر من 2300 عام.
- فان لم تستوعبوا ذلك، فيكفيكم ان المشروع الصهيونى تأسس فى مواجهتنا جميعا، واستهدف اوطاننا جميعا طبقا لوثائقه وسياساته على امتداد قرن من الزمان.
- فان لم يكن، فلأن الكيان الصهيونى ما زال يستهدف إعادة احتلال سيناء، وما زال يتحرش بها بالاختراق والتجسس والارهاب ومحاولات التدويل المستمرة.
- فان أصررتم رغم كل ذلك، على التخلى عن فلسطين فلا تقايضوها بسيناء، لأن فى هذا مشاركة فى العدوان، وانحياز الى المغتصب.
***
10) ويكذبون: “تخلى عنا العرب وتركونا نواجه اسرائيل منفردين “
- ونرد: أن هذا ليس صحيحا على الاطلاق، فبعد هزيمة 1967، قررت الدول العربية مجتمعة فى مؤتمر الخرطوم، دعم مصر بكافة الامكانيات المطلوبة، وتعويضها عن خسائرها الناجمة عن اغلاق قناة السويس.
- وقبل ذلك واثناء العدوان الثلاثى، قامت سوريا بتفجير انابيب البترول فى 14 نوفمبر 1956، مما أدى مع اغلاق قناة السويس، الى حرمان انجلترا وفرنسا من البترول العربى، ومثل ذلك ضغطا كبيرا على قوى العدوان.
- وفى حرب 1973 تاكد هذا الدعم وشاركت دول النفط العربية بتوظيف البترول كسلاح للضغط على الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية وهو ما مثل سلاحا شديد الفاعلية. وكان الرئيس السادات هو الذى طلب من دول النفط الكف عن هذا السلاح فى 22 فبراير 1974.
- كما شاركت دول عربية اخرى مثل العراق والجزائر وليبيا بدعم عسكرى مباشر للقوات المصرية
- فلم يتخلَ عنا أحد أبدا طوال ايام المعركة، ولكن بدأت المشاكل مع ظهور اتجاهات السادات حول قبول وقف اطلاق النار والدخول فى مفاوضات فض الاشتباك مع العدو.
- ولكن حتى لوصح ذلك، وهو غير صحيح، فان الموقف المبدئى من العدو لاتحكمه مواقف الدول العربية وأنظمتها. وانما تحكمه المصالح الوطنية والقومية التى يجب ان تنطلق من ان وجود واستمرار هذا الكيان الصهيونى يمثل تهديدا حالا ومستقبليا لوجودنا وأمننا القومى.
***
11) ويبررون:” لم يكن أمام السادات بديلا آخر”
- ونرد: أن هذا ليس صحيحا على الاطلاق، فلقد نجحنا فى تخطى العقبة الاصعب وهى عبور قناة السويس
- وكان وضعنا بعد حرب اكتوبر، أفضل كثيرا من وضعنا بعد 1967 حين قررنا الصمود ومواصلة القتال.
- كان يملك ان يعيد تنظيم صفوفه ويستعد لاستكمال معركة التحرير ولو بعد عدة اشهر او حتى عدة سنوات
- وكان يملك ان يصفى الثغرة عسكريا، بدلا من ان يقبل بانسحاب القوات المصرية التى عبرت، ويعيد 90 % منها مرة أخرى الى غرب القناة مقابل انسحاب القوات (الاسرائيلية) من الغرب الى الشرق.
- وكان يمكن أن يستمر فى توظيف التوازن الدولى بين امريكا والسوفيت، بدلا من وضع 99 % من الاوراق فى يد الامريكان.
- وكان يمكن ألا يطلب من دول النفط بوقف سلاح البترول كما فعل، وأن يستمر الضغط الى حين الانسحاب.
- وكان يمكن ان يرفض ادخال المراقبين الامريكان الى سيناء فى اتفاقية فض الاشتباك الثانى 1975
- وان يرفض نزع سلاح ثلثى سيناء وتقييد الثلث الباقى.
- وان يرفض ان تكون الرقابة الاجنبية الحالية فى سيناء، امريكية الادارة والتكوين والسيطرة
- وان يرفض المعونة الامريكية، خاصة العسكرية منها
- وان يرفض الشروط الامريكية الخاصة بمصر اقتصاديا وسياسيا والتى صاغت مصر على المقاس الامريكى.
- كان هناك الكثير الذى يمكن ان نفعله، بحرب أو بدون.
- لم يكن هناك اكثر من البدائل.
***
12) ويقايضون: ” السلام هو الرخاء.”
- ونرد: دعونا نتفق أولا على أن قضايا الوطن والوجود والاستقلال ليست مجالا للمقايضة فى بورصة الارباح والخسائر الاقتصادية. كما أن الشعوب لا تحسبها بهذ المنطق وإلا ما قدمت ملايين الشهداء دفاعا عن أوطانها وأراضيها، وما نجح أحدا أبدا فى التحرر من الاستعمار الاجنبى.
- ولنتفق ثانيا على أنه فى الحساب الختامى، لن يتحقق الرخاء الحقيقى الا بتحرير كامل التراب الوطنى، فالارض هى مصدر الخير والامكانيات، لنا وللاجيال القادمة.
- ومع ذلك فإن ذهبنا مذهبكم، فدعونا نرصد من الذى حصد سلامكم مع (اسرائيل) ؟؟
- لقد حصدته طبقة رجال الاعمال التى صنعتها المعونة الامريكية للدفاع عن السلام وعن التبعية لامريكا، أما باقى الشعب الطيب الذى صنع النصر وقدم التضحيات، فلقد خرج من المولد بلا حمص.
- ولنقرأ معا ما ورد فى تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2007، بعد 33 سنة من السلام:
- 14 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر
- منهم 4 مليون لا يجدون قوت يومهم
- وان 55 % من المصريين فقراء
- وان مصر تحتل المركز 111 فى ترتيب البلاد الاكثر فقرا
- وانه فى المقابل هناك 20% من المصريين يملكون 80 % من ثروات البلاد
- وان 1 % من فقط من هؤلاء يمتلكون 50 % من حجم هذه الثروات
- ويتشارك الـ 99 % من باقى الاغنياء فى الـ 50 % الباقية
- كانت هذه ارقام 2007، واليوم فى 2018 فان الارقام الرسمية المصرية ذاتها، تؤكد ان احوال غالبية المصريين الاقتصادية، قد ازدادت سوءا اضعافا مضاعفة ما كانت عليه منذ 10 سنوات، خاصة بعد تعويم الجنيه والغاء الدعم والرفع الهائل للاسعار.
***
13) ويرهبوننا: “الالغاء يعنى الحرب”
- ونرد: ان كان ما تدعونه من ان الغاء المعاهدة يعنى بالضرورة حربا مع (اسرائيل)، فان هذا دليلا لنا وليس علينا، على ان هذه معاهدة بالاكراه، يجب التحرر منها.
- واذا كان ذلك كذلك، فالى متى نظل نعيش تحت التهديد والاكراه؟ فاتفاقيتكم ليس لها مدة زمنية مثل باقى الاتفاقيات المماثلة.
- ولكن ما تدعونه غير صحيح، ف(اسرائيل) والولايات المتحدة ستفكران ألف مرة قبل أن تزجا بمصر مرة أخرى فى الصراع.
- ولقد سبق أن قامت مصر فى 8 أكتوبر 1951 بالغاء معاهدة 1936 من طرف واحد، فى وقت كانت قوات الاحتلال البريطانى لا تزال فى القنال.
- كما قامت فى نفس اليوم والتاريخ بالغاء اتفاقتى 19 يناير 1899 و10 يوليو 1899 الخاصين بالسودان.
- وفى 1956 نجحت مصر فى تأميم قناة السويس، والغاء لاتفاقية القناة الموقعة فى 1869.
- وفى 5 مارس 1984نجحت القوى الوطنية اللبنانية فى الغاء المعاهدة مع (اسرائيل) التى كان قد تم توقيعها بالاكراه فى 17 مايو 1983.
- والامثلة كثيرة، وكلها كانت فى نهاية المطاف خطوات ناجحة فى طريق التحرر.
***
14) ثم يخادعون: ” نحن مضطرون ومجبرون على الاستمرار فى المعاهدة حتى لا نعرض مصر لمخاطر جسيمة، نحن نحمي الشعب ونقود السفينة الى بر الامان.”
- ونرد: ان كنتم مجبرين بالفعل، فانتم مكرهون، والاكراه كما قلنا من قبل يبطل التصرف، طبقا لقواعد القانون الدولى.
- ولكن الحقيقة غير ذلك، فانتم راغبون ولستم مجبرين. والا فلماذا تفتحون شواطئ سيناء للسياح الاسرائيليين 14 يوما بدون تأشيرة، ولماذا تصدرون البترول وتستوردون الغاز من(اسرائيل)؟ ولماذا وقعتم اتفاقية الكويز ولماذا تغلقون المعبر، وتحاصرون أعداء (اسرائيل) من القوى الوطنية، ولماذا توالون امريكا فى كل صغيرة وكبيرة…الخ
- ان كنتم مجبرين بحق، ففرملوا الهرولة الحالية فى اتجاه التطبيع. وخططوا لمستقبل متحرر من كامب ديفيد وامريكا، ولو بعد حين.
***
15) واخيرا يتحدوننا ويسألون: “كفى مزايدة علينا، هل لديكم الآن من بديل؟ “
ونرد: بالطبع، هناك العديد من البدائل الواقعية والممكنة، آخرها خلال ثورة يناير قبل أن يتم اجهاضها، حين أضعنا جميعا فرصة تاريخية للتحرر للأبد من قيود المعاهدة.
أما اليوم فان الخطوة الاولى على أضعف الايمان هى أن ترفعوا الحظر المفروض على الشخصيات والتيارات الوطنية والمناهج التعليمية والكتابات الصحفية والسياسية الرافضة للتبعية الامريكية والمناصرة لفلسطين والمعادية للصهيونية و(اسرائيل)، من اجل تربية واعداد جيل وطنى جديد قادر على المواجهة والتصدى لكل انواع الضغوط والتهديدات والمخاطر الامريكية والدولية والاسرائيلية.
*****
17 سبتمبر 2020