فيلم أميرة في مهرجان أوف كاميرا – نضال حمد
فيلم “أميرة” سوف يعرض في مهرجان “أوف كاميرا” Off Camera 2022
المهرجان البولندي العالمي في دورته الخامسة عشرة التي تبدأ الجمعة الموافق 29-4 وتنتهي في التاسع من شهر أيار – مايو 2022. جدير بالذكر أن فيلم الأخوين الفلسطينيين عرب وطرزان ناصر فاز باحدى الجوائز الأولى في مسابقة العام الفائت.
اليوم وأنا اطالع برنامج عرض الافلام المشاركة في المهرجان المذكور عثرت على بعض الأفلام العربية المشاركة ومنها فيلم (أميرة)… الحقيقة أنني تفاجأت به لأنني كنت اعتقد أنه تم سحبه من العرض في دور السينما بعد كل اللغط الذي دار حوله مؤخراً.
نهاية العام الفائت وفي شهر كانون الأول 2021 قامت الدنيا في فلسطين وبعض البلاد العربية على فيلم “أميرة” ومخرجه المصري محمد دياب وأبطاله من الأردن وفلسطين، لأنه بحسب اجماع غالبية الفلسطينيين والعرب هو فيلم يسيء لقضية الأسرى، فالغباء لا يصنع الأفكار ولا الفن أما الضرر والسقوط فيصنعهما الانسان بنفسه.
يدعي الفيلم أن (النطفة) المهربة من السجن تعود لضابط “إسرائيلي” وليست لأسير فلسطيني. يعني بطلة الفيلم “اسرائيلية”. وهذا الطرح الغبي أو الأكثر من ذلك ينسجم مع الرواية الصهيونية حول تهريب (النِطَف) وحمل الزوجات الفلسطينيات وولادة أطفالهن.
أصحاب فكرة الفيلم والقائمون عليه تمثيلاً واخراجاً وانتاجاً يبدو أنهم لا يصدقون ولا يؤمنون بأن النطف المهربة فعلاً تعود للأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية. على الأقل يشككون في ذلك وحتى يعتبرونها “نطف” تعود للسجانين الصهاينة. هم بالطبع لم يقولوا ذلك علانية لكنها فكرة الفيلم، التي بالطبع ستروق للمهرجانات والنقاد وصُناع السينما في المهرجانات الأوروبية والغربية بالذات، حيث الجوائز والمساعدات والهبات.
معروف لنا أن أي فيلم يحصل على تمويل قطري، إماراتي، سعودي أو أوروبي لازم تتم متابعته بشكل دقيق. لأنها ببساطة تلك دول مطبعة ومتحالفة مع الأعداء وأيضاً لا أحد يدفع المال لوجه الله تعالى، فكل شيء له حسابه.
للاسف لم يفكر هؤلاء بمشاعر وحياة أطفال”النطفة” وأهاليهم، فالقول أنها تعود لحراس سجون “اسرائيليين” وليس للأسرى. هذا تشكيك بأبوة الأسرى للأطفال. وتحطيم لطفولتهم وحياتهم. وكذلك ترديد للدعاية الصهيونية وتماشي معها. لا أعرف ما الغاية من هذا الفيلم؟… وماذا أراد هاني أبو أسعد ومحمد دياب وصبا مبارك وعلي سليمان وكل من شاركوا وشاركن في هذا العمل الغبي من أوله الى آخره. لأن فلسطين وشعبها أهم من الأوسكار والدعم والتمويل والتمثيل.. فأي فيلم هو رسالة لأي مخرج وكاتب سيناريو وممثل وممنتج خاصة اذا كان عربي وبالذات اذا كان فلسطيني وينتمي لأمته ولشعبه ولقضيته.
في ذلك الوقت حصل نقاش حول الفيلم على بروفيلي في فيسبوك بيني وبين الأصدقاء والصديقات ومنهن الصديقة المخرجة الفلسطينية راما كيالي التي علقت بالتالي:
“اتفق مع ما تقوله، القصص لها معاني مبطنة، وبالأحرى تلك هي المعاني الوحيدة الحقيقية. لكن لنتفق أيضاً أن خلافنا مع هذا الفيلم هو في الأفكار وبالتالي يحارب أيضاً بالأفكار. ان اردنا لهذه التجربة أن تضفي شيئاً جديداً في حوار “الرواية الفلسطينية” المطالبة بسحب أو منع الفيلم ليس هو الحل. من الأجدر تحليله ضمنياً وفكرياً. من الأجدر أن يحضره نقاد وكتاب ويكتبون عن التشويه في الرواية والتجربة الانسانية البطولية للنطف. بصراحة لا اعتقد ان صناع الفيلم كان لهم فكر، كل ما أراد المخرج عمله هو إضافة شيء مثير أو فانتازيا ما، فهذة حبكة مبتذلة أشبه بمسلسل درامي سخيف. هناك خلل عميق يصيب القصيدة منذ عقود، هذا فقط مثال واضح، مليان أمثلة مش هالقد واضحة قامت بتبييض وجه الاحتلال عن طريق تسخيف وتبسيط تاريخ نضالي وروايته بشكل يليق بما يسمى بالجمهور العالمي. بنفس الوقت حرام التخوين إلي عم بصير، الفيلم هذا استفزني لمجرد انه تجاهل البطولة الجمعية التي تمر بها العائلة في هذه التجربة وحولها الى قصة هزيمة وكذب. بس مش خاينيين. في كتير عملاء اجدر التركيز عليهم لمحاكمتهم من صناع فيلم سخيف”.
كنت في معرض نقاشي مع الصديقة المخرجة راما كيالي سألتها ما هو رأيهم وكيف يبررون ذلك؟ وهل يحق لهم الفنتزة بمثل هذه القضايا المقدسة؟. فأنا ايضاً ضد التخوين ولا أحبذ ذلك. لكن عليهم الاعتذار وتقديم مبرراتهم وموقفهم للشعب. فهناك عشرات وربما مئات عائلات الأسرى التي مسها هذا الموضوع مباشرة ويمس كرامتها ومستقبل أطفالها. عدا عن المس بالبعد الوطني للقضية ولو بغير قصد.
كان رأي راما أن يقوم مخرج الفيلم بتنزيله أونلاين وفسح المجال للناس لمشاهدته كي يحكموا عليه لأهداف غير تجارية. بطبيعة الحال الفيلم ضعيف وربما لا ولم يلاقي نجاحات تجارية. بحسب الصديقة راما فحتى مجلة “فارايتي” وصفته بالهزلي والمستحيل تصديقه..
أما أنا شخصياً فقد هاجمتهم في حينه على اختراع الفكرة وتبنيها وقبولها لأجل أهدافهم الشخصية. فالفكرة جهنمية وغير عقلانية وتشكيكية وتضر بالفلسطينيين وتخدم الرواية المعادية.
في نفس ذلك التاريخ من العام الفائت وفي خضم احتدام الجدل حول الفيلم، قام مخرج فيلم ” أميرة” بنشر بيان جاء فيه أن الفيلم يسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني. سمعت أيضا كلاماً شبيها من المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد وهو منتج الفيلم، ففي تسجيل من دقيقة ونصف نشر على موقع يوتيوب برر فكرة الفيلم وقال انها لمساعدة الفلسطينيين. كأن هذا هو أعلى سقف طموح السينما العربية والفلسطينية ومخرجوها ومنتجوها وممثلوها أن يبرز الفلسطينيين كضحايا مهزومين.
في الثامن من شهر كانون الأول سنة 2021 وجهت سناء سلامة، زوجة القائد الأسير وليد دقة وأم الطفلة ميلاد، التي ولدت من نطفة مهربة من السجن، كلمة حول فيلم (أميرة) الذي يسيء للأسرى ولأطفالهم وتضحياتهم ونضالاتهم. أرادت من خلالها أن تؤكد أن الأطفال ومنهم ابنتها ميلاد يخضعون لفحص
DNA
قبل زيارة آباءهم في السجون الصهيونية”.
هل يريد هؤلاء أكثر من هكذا دليل على جهنمية وغباء فكرتهم وتخيلاتهم حول النطف المهربة من قبل الأسرى؟.
بصراحة هناك من العرب والفلسطينيين ناس يشعر الواحد منا أنه ما لهم علاقة بفلسطين. فمعظم الأفلام الفلسطينية التي نشاهدها منذ عدة سنوات وتحديداً بعد مذبحة أوسلو الانهزامية التطبيعية الاستسلامية وأخواتها ومشتقاتها، تأخذ بعين الاعتبار الجهات المانحة والممولة والسلطة والاحتلال والمطبعين العرب. يبدو أن قضية فلسطين صارت آخر همهم وبكرا وبعدو ممكن نشاهد ما هو أبشع من فكرة فيلم أميرة.
نضال حمد
29-4-2022