فيلم “مدينة الملائكة” /سيتي اوف آنجيلز/1998: – مهند النابلسي
*فيلم “مدينة الملائكة” /سيتي اوف آنجيلز/1998:
*رومانس ودراما فانتازية من اخراج “براد سيبرلينغ”، وبطولة كل من نيكولاس كيج وميج ريغان، صور في لوس انجلوس، اعادة “تجارية” لتحفة الألماني: فيم فيندرس “أجنحة الرغبة” والمسمى “السماء فوق برلين” والذي صور في برلين القديمة ما قبل توحدها في العام 1987:
*الحبكة: سيث (نيكولاس كيج) هو احد الملائكة اللذين يراقبون البشر على مدار الساعة ويحمونهم بطريقة خفية. وتنحصر مسؤوليته الأساسية في الظهور لهؤلاء اللذين يقتربون من الموت لارشادهم في الحياة الاخرى…ومن ضمن مهماتهم هو وزميله الاخر كاسيل أن يسألوا الناس حول اهم الأشياء التي يحبونها في حياتهم…وبالرغم من مجابهاتهم اليومية، الا أنهما يواجهان صعوبة في فهم نفسيات البشر وطرائق تفكيرهم!
**وبينما يكون بانتظار شخص ما لم ينجو من الجراحة القلبية الدقيقة، يفاجىء سيث بالجهود القوية التي تبذلها جراحة القلب المتمرسة “ماجي رايس ( الممثلة ميغ ريان)، التي تسعى جاهدة لانقاذ حياة هذا الرجل باخلاص، فيقرر من كثرة اعجابه بها، أن يظهر لها، ولكنه يعجزعن أن يكون مقنعا بصدد اسمه الأخير وطبيعة مهنته…لكن بالرغم من ذلك فهما يكونان صداقة، تتحول تدريجيا لجاذبية متبادلة، بالرغم من تورط ماجي في علاقة عاطفية مع احد زملاءها في المستشفى “جو روان فيريسي (كولم فيور)، ثم يلتقي سيث لاحقا مع ناشينيل فينجرز (دينيس فرانز)، وهو احد مرضى ماجي، الذي يتمكن روحيا وتخاطريا من الشعور بتواجد سيث وباقي الملائكة، ثم يكاشف سيث بانه كان نفسه يوما ما احد الملائكة، ثم بالتمرين والارادة الحرة التي تتمتع بها الملائكة، فقد قرر ان يتحول لانسان عادي في عملية تسمى السقوط (فولينغ)…فبدأ سيث بالتدرب على امتلاك هذا الخيار حتى يرافق ماجي ويعيش معها في حالة فيزيائية وعاطفية كاملة…لكن عندما تتلقى ماجي عرضا للزواج من جوردان، تجد نفسها في حيرة الاختيار بينه وبين سيث “العاشق الجديد”!
***…وبعد ان تتأكد ماجي من مناعة سيث تجاه الجروح، تواجهه صراحة لتكتشف حقيقته، لكنها تعجزعن فهم واقع التحول وتصده مستاءة بغضب…ثم تتحدث لاحقا مع “ناشنييل” الذي يكشف لها حقيقة اصله الملائكي السري، ويفسر لها سبب اختياره ليصبح انسانا وبأن سيث يفكر بنفس الشيء…لكن سيث يقرر أن يصبح انسانا من خلال “العمل الايمائي” للقفز من فوق ناطحة سحاب. وبعد الاستيقاظ، يبدأ تلقائيا بخبرة المشاعر الانسانية الجديدة التي لم يكن يفهمها: ابتداء من الجروح الدموية والألم…وحتى هذه النقطة تبدأ شخصية سيث الملائكية بالاختفاء تدريجيا، والان في حالته الجديدة كانسان، يذهب سيث للمستشفى لملاقاة ماجي ومكاشفتها بالحقيقة، لكنهم يخبرونه بأنها قد ذهبت لبيت عمها الجبلي للاعتكاف كعادتها، والآن عاجزا عن القيام لوحده بالرحلة، يتم اختطافه مع قاربه من قبل مجموعة أشرار، ولكنه ينجح في مقاومتهم ويذهب عبر البحيرة الجميلة “تاهو” ثم يظهر فجاة على عتبة باب ماجي مبتلا وباردا، وتلاحظ ماجي انفاسه المتبخرة المتصاعدة من انفه وفمه في الهواء البارد، كمؤشر على تحوله لانسان أخيرا ثم يقعان في الغرام والدفء والمتعة أخيرا.
****في المشهد الأخير المستحضر من قبل “ناشنييل”، نرى سيث على الشاطىء حيث تلتقي الملائكة فجرا للاستماع للموسقى الكونية وهم يراقبون شروق الشمس…وفيما كاسييل وباقي الملائكة يراقبون المشهد الساحر للشروق، يظهر سيث غبطته لكونه اصبح انسانا، وانه ابتدأ حياة جديدة واصبح قادرا للخوض في مياه الشاطىء الباردة واللعب بالموجات المائية…ثم نرى كاسييل في لحظة نادرة من العاطفة الوجودية يضحك بغبطة لسعادة صديقه القديم.
**** فاز هذا الفيلم بعدة جوائز في العام 1999 وتميز باداء مميز لكل من نيكولاس كيج وميغ رايان وللممثل الداعم “دينيس فرانز”،ونالت اغنية الفيلم الصادحة جائزة الجولدن جلوب للعام 99: لكنه بالحق كان شريطا سرديا بقصة حب عادية ولم يصل لمستوى فيلم فيندرس الأصلي (أجنحة الرغبة/87)، الذي تميز بالفلسفة الشاعرية والمنحى الوجودي، والذي كان بمثابة رسالة حب هامسة وخالدة فريدة لمدينة برلين الجميلة، حيث تم تكريس لوس انجلوس هنا كمدينة امريكية ساحرة بديلة لكن القصة الدرامية العاطفية طغت على هذا المغزى وهمشته بامتياز، لكن لا يمكن انكار طرافة وتشويق السرد القصصي في هذا الشريط!