فيلم 200 متر في مهرجان أوف كاميرا بكراكوف البولندية – نضال حمد
في مهرجان أوف كاميرا للأفلام العالمية المقام في مدينة كراكوف البولندية منذ الثالث من سبتمبر ويستمر حتى الثاني عشر منه. يوجد فيلمين فلسطينيين ضمن الأفلام المشاركة في المهرجان، والفيلمان هما (٢٠٠ متر للمخرج أمين نايفة) و (غزة مون أمور للمخرجين عرب وطرزان ناصر). تم عرض الفيلمين في اطار أعمال المهرجان وسوف يعاد عرضهما في صالات مغلقة وفي الهواء الطلق أي سينما خارج المباني ودور السينما أي في العراء ضمن أعمال المهرجان وتحت السماء ونجومها المنيرة هذه الأيام الجميلة، التي نودع فيها فصل الصيف هذا العام.
Festival OFF CAMERA. Krakow 3-12-09-2021
في مهرجان أوف كاميرا العالمي للافلام في كراكوف البولندية..
يوم الثلاثاء ٧-٠٩-٢٠٢١ شاهدت فيلم (200 متر) الفلسطيني لبعض معارفي وأصدقائي، مثل: المخرج أمين نايفة، المنتجة مي عودة، الممثلة سامية قزموز بكري والممثل علي سليمان.
فعلاً سعدت بوجودهم-ن معاً في عملٍ سينمائيٍ فلسطينيٍ يسلط الضوء على معاناة شعبنا الفلسطيني في ظل وجود جدار الفصل الصهيوني في فلسطين المحتلة.
قبل مشاهدة فيلم مي عودة وامين نايفة وعلي سليمان وسامة قزموز بكري لم أكن أعلم بأن هناك مافيات فلسطينية تأخذ خاوة من الفلسطينيين الذين يريدون تسلق الجدار والعبور للجهة الأخرى في بعض مناطق الضفة. وبأن هناك سائقي سيارات ينظمون عمليات الدخول السرية (التهريب) الى فلسطين ال ٤٨ والقدس المحتلة مقابل المال وبأسعار مرتفعة وباهضة. مافيا تذكرني بزمن المافيا في اثناء الحرب الأهلية اللبنانية. كما تنقلني الى الحدود السورية التركية واللبنانية السورية والتركية اليونانية والبيلاروسية البولندية، حيث تدور هذه الأيام أكبر عمليات تهريب اللاجئين الى أوروبا. لاجئين أفغان وعراقيين وسوريين وأكراد وفلسطينيين وأفارقة يعتقدون أن الجنة موجودة في أوروبا.
لاحظت خلال دخولي صالة العرض بأن هناك مشاهدين ومشاهدات جاءوا خصيصاً لمشاهدة الفيلم وكان الحضور جيداً، تقريباً كانت الصالة الكبرى في مجمع صالات سينما “ماوي أغروديك شتوكا” مليئة بالرغم من حالة الاستنفار العالمي والمحلي في بولندا بسبب وباء كورونا. بعض تلك الوجوه أصبحت أعرفها من خلال مشاركاتي في أعمال مهرجاني الفيلم العالميين في كراكوف منذ سنوات عديدة. مهرجان أوف كاميرا العالمي ومهرجان كراكوف للفيلم العالمي.
طبعاً تمنيت لو إلتقيت هنا بالمهرجان بأحد معارفي وأصدقائي من القائمين والقائمات عليه. فالعزيزة المنتجة مي عودة تعرفت عليها في أوسلو يوم كانت لازالت تدرس في مجال الأفلام والسينما في النرويج. كانت مي الفلسطينية تشاركنا النشاطات لأجل دعم ونصرة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
أما العزيزة الأخرى الممثلة القديرة سامية قزموز بكري فقد تعرفت عليها أيضاً في أوسلو قبل نحو ١٥ سنة، حين استضفناها في أوسلو مع مسرحيتها “الزاروب”، زاروب عكا التي (كعّت) نابليون بونابرت وجعلته يرتد خائباً الى فرنسا الاستعمارية، عكا ظاهر العمر وعيسى العوام وشهداء ثورة البراق والثلاثاء الحمراء. وهي أيضاً عكا التي عمل فيها والدي رحمه الله في بداية شبابه قبل النكبة سنة 1948. لازلت احتفظ بمجموعة من الصور من العرض المسرحي لسامية بدعوة من الجالية الفلسطينية في النرويج التي كنت رئيساً لهيئتها الادارية في ذلك الوقت. كما تعرفت على الممثل علي سليمان في مهرجان أبو ظبي للأفلام العالمية في دورته الأخيرة، حيث توقف المهرجان بعد ذلك. كما كنت مؤخراً تعرفت على المخرج أمين نايفة الشاب العملي المحب للسينما ورسالتها.
كنت في العام الفائت قرأت في صحيفة الأيام الفلسطينية عن الفيلم. حيث أكد مخرج الفيلم أمين نايفة على (أهمية الحضور الذي حققه الفيلم، والذي يأتي بعد فوزه بجائزة الجمهور في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، لافتاً إلى أن تحقيق “200 متر” هذا الحضور العالمي والعربي يعنيه الكثير، خاصة أنه الفيلم الروائي الطويل الأول له.
وأضاف: ما أثرّ فيّ أن الفيلم يتحصل للمرة الثانية على جائزة يمنحها الجمهور، فبعد جائزة الجمهور في مهرجان فينيسيا السينمائي، تحصّل على جائزة الجمهور (السينما من أجل الإنسانية)، ما يعني أن كل ما أردت إيصاله إلى الناس وصل بالفعل، وهذا برأيي مهم خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشه فلسطين وقضيّتها هذه الأيام.. أتمنى أن أكون قدّمت لفلسطين، ولو الشيء اليسير من الكثير الذي تستحق).
ويوم أمس كتبت لأمين عن الفيلم فأجابني سائلاً عن كيفية تفاعل الجمهور مع الفيلم. والحقيقة أنني لم أرى شيئاً لأن القاعة كانت مظلمة وعند انتهاء العرض غادرناها على عجل كي لا نمكث طويلاً في قاعات مغلقة، بسبب جائحة أو وباء كورونا. لكن معرفتي بطبيعة البولنديين تجعلني أؤكد أن الفيلم نال إعجابهم وترك أثره فيهم لأنهم ببساطة يتعاطفون مع مثل هذه القضايا الانسانية. والفيلم يشد المشاهد ويجعله يعيش لحظاته وينتظر مصير مغامرة أبطاله بقيادة الممثل القدير علي سليمان، الذي أتقن دوره وشد المشاهدين لمتابعته.
في تعليق لها على الفيلم الذي شارك في مهرجان فينيسيا العالمي ونال جائزة الجمهور قالت الكاتبة والصحافية الإيطالية نينا روث عن الفيلم بأنه “تحفة الفلسطيني أمين نايفة الهادئة، هو جزء غير عادي من النظرة إلى الحياة اليومية الشبيهة بالحرب لكل الفلسطينيين. الأمور ليست بسيطة على الإطلاق بالنسبة إلى الرجل الفلسطيني. إن ذهاب الفلسطينيين إلى العمل ورؤية أحبائهم، والسفر عبر بلادهم هو دائما عمل بطولي”. هذا بحسب ما جاء في صحيفة الأيام الفلسطينية في تقرير لها عن الفيلم سنة 2020.
سوف يعاد بث الفيلم (200 متر) يوم السبت الموافق 11-09-2021 الساعة الثامن مساء في سينما بالهواء الطلق على ضفة نهر الفيتسولا قرب قلعة فافل الشهيرة ضمن أعمال المهرجان. أما عصر يوم الأربعاء 8 أيلول 2021 سوف أشاهد الفيلم الفلسطيني الآخر بعنوان (غزة مون أمور) للفلسطينين الأخوين عرب وطرزان ناصر. وهو فيلم أيضا جيد ونال كما فيلم ( ٢٠٠ متر) جوائز عديدة في مهرجانات عالمية وعربية.
فعلاً أنا كفلسطيني مقيم في اوروبا وأنشط في القارة العجوز سعيد بوجود أفلام فلسطينية في المهرجان في كراكوف بالذات، لأنها مدينة التاريخ والثقافة والفنون في بولندا. كما يقع بالقرب منها معسكر اوشفيتز الشهير الذي يذكرنا بفلسطين المحتلة كمعسكر اعتقال جماعي لشعب كامل منذ 72 عاماً. هذا ويحج الى كراكوف ملايين الزوار سنوياً، وإن كان الآن أقل بسبب وباء كوفيد ١٩. الجدير ذكرة أن الأفلام الفلسطينية ذات الجودة والقيمة لم تكن تشارك في الدورات السابقة. لا أعرف لماذا … سؤال مفتوح. خاصة أنه باعتقادي لم يكن هناك ما يمنع مشاركتها في الدورات السابقة لمهرجان “أوف كاميرا”. مع العلم أن بعض الافلام الفلسطينية المتواضعة شاركت وتواجدت بعض المرات القليلة في المهرجان العالمي الآخر للفيلم وهو مهرجان كراكوف للافلام العالمية، لكن هذا المهرجان فيه حضور يهودي بولندي وصهيوني (اسرائيلي) قوي جداً وثابت المشاركة والحضور حتى في لجنة التحكيم الرئيسية، كما هناك تعاون وتبادل بينه وبين مهرجانات أفلام صهيونية في كيان الاحتلال في فلسطين المحتلة.
رابط للمهرجان والفيلم:
https://offcamera.pl/event/782
نضال حمد في 8-09-2021