في الانتفاضة الثانية كانوا أطفالاً …جيل من المسافة صفر
كتب نضال حمد مدير موقع الصفصاف:
في ذلك الوقت من سنة ٢٠٠٠ كانت أعمار الأطفال الفلسطينيين الذين ولدوا في زمن الانتفاضة الثانية من سنة الى ١٥ سنة. أولائك الأطفال في ذلك الوقت وهؤلاء المقاتلون الأبطال في هذه الأيام، كانوا عاشوا ملحمة الانتفاضة الثانية بكل تفاصيلها وشاهدوا وحزنوا في عقولهم وقلوبهم خزنوا كل ما لاحظوه وشافوه وعاشوه هم وعائلاتهم وشعبهم. أولائك الأطفال هم الأىن هؤلاء المقاتلون في ميادين غزة. يقاتلون جيش الصهاينة الارهابي من مسافة صفر.
هؤلاء الأطفال رجال اليوم:
منهم من رشقوا الدبابات الصهيونية بالحجارة وكانت اعمارهم في بداية الألفية الثانية لا تزيد عن عدة سنوات. سيبقى الفتى الشهيد فارس عودة (١٥ عاماً)، أيقونة الانتفاضة الثانية في غزة الى جانب الشهيد الطفل محمد جمال الدرة.
ها هي صورته بقيت وصارت من أشهر الصور. صورته وهو يقذف حجراً على دبابة ميركفاه صهيونية من مسافة صفر.. صورته لازالت حية في ذاكرة كل العالم.
استشهد الفتى فارس في الثامن من نوفمبر ٢٠٠٠. فأصبح أيقونة من أيقونات انتفاضة شعب فلسطين. وصارت حكايته تتناقلها الألسن في كل الدنيا. كذلك الأمر نفسه مع صورته التي عبرت القارات… صورته المعبرة لازالت حية لغاية اليوم، نستحضرها في كل مرة تحضر فيها غزة وشعبها بقوة. لو عاش فارس عودة لكان عمره اليوم عض سنة ولديه أطفال وزوجة ومنزل، ولكن ربما كان سيعاد قتله وهذه المرة مع عائلته في حرب الابادة التي تشنها “اسرائيل” ووالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا ومعظم الغرب على شعب فلسطين في غزة.
الأطفال والفتية في ذلك العام ٢٠٠٠، والسنوات التي تلته كانوا يواجهون العدو بالصدور العارية والحجارة من مسافة صفر… فيصعد بعضهم فوق الدبابات وأبراجها ويسحب رشاشاتها وعتادها. ثم ينسحب منتشياً بالنصر على الدبابات الغازية وعلى وجنود الارهاب الصهيوني، المدججين بالسلاح وأحدث تكنولوجيا الحرب في العالم. كان البعض الآخر منهم يقذف حجارة من سجيل على إرهابيي ومجرمي دولة وجيش ومستوطني “اسرائيل”.
قتل الصهاينة مئات وربما آلاف منهم لكنهم لا يموتون، فقد ولدوا من جديد مع أشقائهم وشقيقاتهم ومع أجيال صنعت هذه المقاومة الفلسطينية العظيمة، التي تقاتل اليوم العالم كله بدون كبالغة، وتلحق الهزائم بجيش الاحتلال الصهيوني، الذي يقتل المدنيين ويجزر بالأطفال والنساء والمرضى والعجزة.. أنظروا لنتن ياهو وجيشه وكل قادة “اسرائيل” سترون الهزيمة والذل والعار في زجوههم.. هذا جيش المهزومين على شوارع غزة وفي مخيمات اللاجئين وفي بلدات قطاع غزة.
مرت السنين الى أن تطورت واستطاعت المقاومة الفلسطينية طرد شارون وجيشه من غزة كما سبقها الى ذلك المقاومة اللبنانية التي تمكنت من هزيمة باراك وجيشه وتحرير لبنان في 25 أيار 2000. ثم أعادت الكرة وهزمته في حرب تموز سنة 2006. ها هي اليوم تنصر غزة وتستنزف جيش الاحتلال في جبهة شمال فلسطين وجنوب لبنان.
بنى الفلسطينيون جيشاً صغيراً من الفدائيين المقاومين المؤمنين بالتحرير والنصر والعودة. هذا الجيش هو اليوم جيش أطفال الانتفاضة بالأمس. هو الذي يواجه الدبابات الغازية من مسافة صفر. حيث يتوجه الشبان الشجعان (أطفال الأمس والانتفاضة) الى المدرعات والدبابات، يلصقون بها قنابلهم أو يضعون العبوات الناسفة التي يسمونها في غزة “عبوات العمل الفدائي”، لتتحول المدرعة والدبابة فيما بعد الى حطام وأنقاض هي ومن فيها من أرهابيي جيش العدو.
هؤلاء واجهوا الجيش الذي لا يقهر من مسافة صفر بالحجر في سنة ٢٠٠٠ واليوم يواجهونه من نفس المسافة بالقنابل والعبوات الناسفة والقواذف المقنبلة.
هؤلاء يحبون الحياة الحرة والكريمة بلا احتلال وعدوان وابادة وتصفية عرقية. ويؤمنون أنهم يستشهدون فداء للوطن وللأمة.. فهم مقتنعون بأنهم يموتون لأجل فلسطين، بينما جنود الصهاينة ليس لديهم الاستعداد لأجل كذبة كبيرة اسمها دولة “اسرائيل”.
نضال حمد
٢٣-١١-٢٠٢٣