في الجزائر التي لم أزرها بعد.
– نضال حمد
في الجزائر يعشقون فلسطين ويعلمون الأطفال في البيوت والمدارس أن فلسطين عربية وقضية مقدسة وأنهم معها ظالمة أم مظلومة.
في الجزائر شعب مناضل وعريق مشبعٌ بعروبته وبكفاح أسلافه من جيل الثورة والحرية والانتصار على فاشية واستعمار الفرنسيين الطغاة.
في الجزائر أينما وليت وجهك وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي تجد فلسطين حاضرة في كل مكان وزمان. حاضرة في السياسة والاعلام والثقافة والفن والرياضة والخ….
في الجزائر وعرفت هذا من رفاقي وأصدقائي، عندما يعلمون أنك من فلسطين يرحبون بك خير ترحيب وكأنك قادم من السماء …
في الجزائر بلد الشهداء يحترمون ويحبون ثورة الشهداء في فلسطين، ويفتحون قلوبهم للقادمين من ريحة الوطن المحتل ومن مخيمات اللجوء والتشرد والشتات والكفاح في البلدان العربية، جارة فلسطين. يعرفون كل شيء تقريباً ولديهم معرفة بوضعنا الفلسطيني ومحيطه العربي الجغرافي، يعرفون عن عذابات الفلسطينيين في بلدان الطوق وفي المخيمات هناك. يعرفون عن الفصائل وأنواعها وقادتها وأبطالها وعملياتها المميزة وعن فساد وخسة بعض قادتها.
أشهد أنني لم ألتقِ بعد بجزائري لا يعرف الكثير عن قضية فلسطين فكل من التقيت بهم يملكون تلك المعرفة. هذا يعود لما ذكرناه بداية حديثنا أنهم يتعلمون عن فلسطين منذ الطفولة في المنازل وفي المدارس. للعلم نحن في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كنا نتعلم خارج المناهج الدراسية المدرسية عن الجزائر وكانت ثورة بلد الميلون ونصف مليون شهيد ملهمة لنا في الكفاح.. على الأقل أنا هكذا عشت طفولتي وصباي في مخيم عين الحلوة الفلسطيني بلبنان.
تحيا الجزائر التي لم تطأها قدمي بعد ولا أعرف إن كنت سأتمكن يوماً ما من زيارتها. فقد كنت خلال حصار بيروت سنة 1982 وفي شهر أغسطس – آب فكرت بمغادرة بيروت الى الجزائر مع المقاتلين الفلسطينيين المنسحبين من العاصمة المحاصرة والمنهكة. أقول فكرت ولم أقل قررت، يعني لو حسمت أمري بالخروج كنت سأبحر الى الجزائر، لكنني حسمت أمري بالبقاء أنا وبعض رفاقي من “ج ت ف” في بيروت. ناقشنا القائد الشهيد طلعت يعقوب أمين عام الجبهة في الأمر فوافق على بقائنا هناك. لأشارك بعد أسابيع قليلة مع رفاقي الفلسطينيين والعرب من ثوار “جبهة ت ف” في معركة الدفاع عن العاصمة وعن مخيمي صبرا وشاتيلا خلال المجزرة في منتصف سبتمبر ايلول 1982، حيث أصبت إصابات خطرة بقذيفة أطلقتها علينا دبابة ميركفاه صهيونية كانت تتمركز على مدخل مؤدي لمخيمي صبرا وشاتيلا. بالنسبة لأصابتي لازالت آثارها ترافقني ولازلت أعاني منها حتى يومنا هذا حتى أنني في هذه اللحظة وأنا جالس وأكتب موضوعتي هذه، أشعر ببعض الألم لأن الشظايا تتقلب في جسدي مثل تقلب حالة الطقس في هذه الأيام.
تحيا الجزائر وتحيا فلسطين وتحيا الأمة العربية الواحدة التي تلتزم بالعروبة وبالكفاح وبرفض الاعتراف بكيان العدو وبالتطبيع معه.
نضال حمد
١٧-٦-٢٠٢٣