في الذكرى ال 40 لانتحار الشاعر خليل حاوي في بيروت المحاصرة
الشاعر اللبناني خليل حاوي الذي انتحر في بيروت المحاصرة يوم السادس من حزيران 1982، احتجاجاً على صمت وخيانة العرب للبنان ولفلسطين ولبيروت المحاصرة:
كانت بيروت تحترق وتقاوم وتقاتل وتصمد وتتحدى الغزاة الصهاينة وكانت اعداد الضحايا كبيرة جداً خاصة من السكان المدنيين الأبرياء. وكانت ماكينة الغزو الصهيوني تعمل على تدمير كل شيء وحرق الارض والانسان. وكان شهر حزيران بباياته التي تحمل ذكرة نكسة 1967 ثقيلاً ومظلماً بالرغم من حرارة الشمس وسحونة الأجواء في لبنان كله، من جنوب جنوبه الى شماله مرورا بصيدا وبيروت والجبل والبقاع… اندفع الغزاة الصهاينة من كل صوب وحدب، فكان المقاتلون الذين صمدوا في عدد من المواقع يقاتلون قتالاً شرساً وبلا هوادة، قتال حتى الشهادة. فصمدت قلعة الشقيف وصمدت المخيمات في صور وصيدا وقاتلت المجموعات الفدائية في الدامور والناعمة والجبل وخلدة والمطار وخطوط التماس بين شرق وغرب بيروت. وكان الصمت العربي سيد الموقف والتفرج على عاصمة عربية جديدة تستباح وتحاصر ويحاول العدو احتلالها كان أمراً عادياً، كأن الخذلان والمهانة والوقوف الى جانب الغزاة الأعداء صار شيئاً طبيعياً… كل هذا كان ثقيلاً وضاغطاً على عقل ةقلب شاعر لبنان خليل حاوي، الذي قرر أن يرسل رسالة قوية ومن نوع حزين وتراجيدي جديد الى أمة الصمت والخذلان والجبن .. فحمل بارودته وأطلق النار على نفسه ليضع حداً لحياته احتاجا على خيانة وغدر وجبن وخذلان ولا مروءة الأخوة العرب.
ولد الشاعر اللبناني خليل حاوي (1919 – 1982) في (الشوير) وهي بلدة الزعيم انطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري الاحتماعي..
ففي الشوير حيث قبر الزعيم وصاحب وقفة العز تعلم ودرس خليل حاوي في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة. وقرأت وأنا ابخث عن معلومات عنه فأنا لم أكن أعرفه بالرغم من انني عشت في بيروت وامضيت كل ايام حصارها محاصراً ومدافعاً عنها مع رفاقي واخوتي وأهلها… في تلك السن مرض والده فاضطر إلى احتراف مهنة البناء ورصف الطرق. وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.
وقرأت أيضاً أن حاوي “علَّم نفسه بنفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة، ثم الجامعة الأمريكية التي تخرج منها بتفوق مكَّنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية، فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد إلى لبنان ليعمل أستاذًا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته”.
يقول بعض النقاد أن شعر خليل حاوي بدا وكأنه قد (أدخل رعشة جديدة على الشعر) [العربي] كما قال (فكتور هيغو) عن شعر (بودلير). كما جاء في موقع ديوان الأدب الالكتروني. فاتلموقع ركز في الحديث عن حاوي على أن الأخير: ” ابتعد عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة، واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية، وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره”.
أذكر اثناء حصارنا وبعد نبأ انتحاره أن عدد من الكتاب والشعراء والأدباء العرب والفلسطينيين واللبنانيين كتبوا عنه ومن هؤلاء محمود درويش ورشاد ابوشاور وأنا كاتب هذه السطور وكذلك قرأت عنه في كتاب “ربيع لم يزهر بعد” للأديبة الفلسطينية المقيمة في سدني بأستراليا الصديقة نجمة حبيب، نجمة مخيم ضبية.
والشاعر الراحل خليل حاوي هو كاتب كلمات قصيدة “الجسر” التي أنشدها الفنان اللبناني مارسيل خليفة ونقتطف منها:
يَعبرونَ الجِسرَ في الصبحِ خفافًا
أَضلُعي امتَدَّتْ لَهُم جِسْرًا وطيدْ
مِن كُهوفِ الشرقِ, مِن مُستنْقعِ الشَرقِ
إِلى الشَّرقِ الجديدْ
أَضْلُعي امْتَدَّتْ لَهُم جِسرًا وطيدْ”.
من دواوين خليل حاوي المنشورة:
(نهر الرماد) (1957), (الناي والريح) (1691), (بيادر الجوع) (1965), (ديوان خليل حاوي) (1972), (الرعد الجريح) (1979), و(من جحيم الكوميديا) (1979). وبعد وفاة الشاعر, نُشرت سيرته الذاتية بعنوان (رسائل الحب والحياة) (1987).
نضال حمد في التاسع من حزيران يونيو 2022