في المصالحة والوصاية.. وغضب الوصاة! – عبد اللطيف مهنا
في المصالحة والوصاية.. وغضب الوصاة!
لا يصدَّق أغلب الفلسطينيين حديث “المصالحة الوطنية” الجاري بين ظهرانيهم، ذلك لكونه المتجاذب بين خطين يُفترض أنهما نقيضان وفي غياب برنامج حد أدنى مقاوم، زد عليه، أنهم اعتادوا من مثله مسلسلاً من حفلات تكاذب وحدوي لا تلبث وأن تنقضي أهازيجها بانقضاء مواسمها.. لكنما، أما وهو يأتي هذه المرة في ظل هجمة تصفويَّة شبه كونية أداتها هوجة تصهين رسمي عربي، لم تعدم ساحتهم من يمنّون النفس بلعل وعسى، وآخرون يعزّونها بالقول “ريحة البر ولا عدمه”!
.. هذا الأفضل من عدمه بات حديث الساعة، ولحراجةٍ أملتها على متجاذبَيه خطورة لحظة مصيرية لا تستثني أحداً منهما، بدا وكأنما هما قد خرجا به قليلاً من قبضة وصايتي أجهزة مخابرات دكتاتورية الجغرافيا وإملاءات متصدّقي شحيح المساعدات، حين أوصلا هسيسه ودبيبه حتى موسكو..
هذا “المروق الفلسطيني التصالحي”، أمر جلل، أغضب إيما غضب محور التصهين الرسمي العربي، لا بد من فرك أذن المارق وإعادته صاغراً إلى بيت الطاعة الكامبديفدي الخليجي..
لسنا هنا بصدد الحديث عن حصار غزة المزمن، الذي وصل حد أن يعاقب صيَّادو غزة إذا ما أخطأوا فتجاوزت قواربهم المتهالكة حدودها أمتاراً في المياه الشقيقة بخمسين رصاصة لشهيد واحد، ولا التعرُّض للحصار المالي، أو قطع مساعدات الجامعة العربية عن الضفة وعنها..
بل ولا التحدُّث عن سياسة شيطنة الفلسطينيين، عن شتمهم، عن تبرير خيانة قضية قضايا الأمة العربية بتحميلهم مسؤولية، ليس نفض يد هؤلاء المبرّرين منها فحسب، وإنما خيانتهم الوقحة لها.. أو هذه التي باتت بضاعة اعلام الانهزامية العربية المتصهينة على اختلاف درجاتها وأشكالها، حد لم يعد سهلاً عليك تفرقةً بين فضائياتهم وفضائيات العدو، بين العربية والعبرية، لولا اختلاف اللغة!
ما لا يود الفلسطينيون عدم تصديقه استنفر عواصم أنظمة التصهين، أخرجوا دحلانهم من جراب أبو ظبي ولوَّحوا به في وجه رام الله، وكشَّرت أنياب معبر رفح في وجه غزة.. نحن الآن أمام لحظة التقت فيها مصلحتي الصهيوني والمتصهين، الأول يقلقه ويذكي فوبياه الوجودية مجرَّد وجود فلسطيني واحد، والثاني يحرجه ويدينه ويخيفه.. يخيفه لأنه يعلم أن فلسطين ليست فلسطينية بقدر ما هي عربية وهذه لن تسامح خائنها، وليسألوا شعوبهم.