في ذكرى اغتيال الصديق جميل زيدان في 10-3- 2014 – نضال حمد
هكذا كتبت لحظة سماعي نبأ اغتيال الصديق جميل زيدان في مخيم عين الحلوة. مخيم جهنم على الأرض وفوقها. يبدو أنه ممنوع علينا أن نحظى بيوم هادئ لا موت فيه ولا قتل.. بيوم بلا اغتيالات وتصفيات أو انفجارات … يبدو أنه كُتِبَ على الناس في مخيم عين الحلوة أن يدفنوا أبناءهم بصمت، مع أن دوي القنابل وأزيز الرصاص أعلى من صمتهم وأقوى من سكوتهم. لكن أي سلاح وأي رصاص، هو سلاح الذين ماعادوا فدائيين ولا ثواراً. هو أيضا سلاح الذين لا هم ثوار ولا هم فدائيين ولا يعملون لأجل تحرير فلسطين. سلاح الاغتيالات ليس سلاحاً لحماية المخيمات وأهل المخيمات. سلاح التصفيات سلاح مأجور ومرتزق وحتى قد يكون عميلاً.
يا أيها الناس في مخيمنا ..”لا الصمت ينفع ولا السكوت يجدي مع مخطط معد لتصفية شباب المخيم ولتسريع وصول النار الى قلب الدار”. لا وقت للسكوت ولا وقت للصمت فإما أن ترفعوا أصواتكم عالية ومدوية، لتكن أقوى من أصوات الانفجارات والرصاص، الذي يحصد الناس أو أن تبقوا كما أنتم حتى اليوم رهائن للمقنعين القتلة، ورهائن للذين يرسمون بدماء شبابكم خارطة مستقبل المخيم وبقية مخيمات لبنان. فالاغتيالات مستمرة وفي تصاعد… وفي كل فرصة تحصد شاب من شبابنا الذي يحرص على أمن المخيم واستقراره وسلامة سكانه.
في اليوم العاشر من آذار – مارس ٢٠١٤ تناقلت وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي خبر اغتيال الصديق جميل زيدان. كان من رفاق الحارة والمدرسة والمخيم. جميل الذي قضى اليوم برصاص مجهولين في مخيم عين الحلوة، المختطف من قبل عصابات القتل والفتن. كأنه كان يودع نفسه ومخيمه فقبل أيام قليلة نشر جميل صورة له وهو يزور قبور الشهداء والأقارب في مقبرة المخيم. كتب هناك التالي:
حاسس حالي كئيب رحت زرت أهل القبور رحمهم الله ……
يبدو انه كان يعبد طريقه الى هناك من حيث لا يدري .. جميل إبن الشهيد، إبن الحارة، إبن المخيم، إبن الصداقة، تلك التي لا تموت، يموت اغتيالاً بأيدي مجهولين في قلب أكبر مخيمات شتاتنا الفلسطيني في لبنان. سوف تسجل القضية كما سابقاتها ضد مجهول، ستوضع في أحد المكاتب على رفٍ سيعلو فوقه الغبار مع الأيام.”… وقد غطاه الغبار الآن بعد سبع سنوات على اغتيال الجميل جميل.
كان جميل زيدان مثله مثل كل أبناء جيله، جيلنا شخصاً عادياً عجنته الحياة في المخيم. انضم الى صفوف جبهة التحرير الفلسطينية في عين الحلوة. بقي فيها سنوات طويلة ثم اختار الالتحاق فيما بعد بحركة فتح. بعد تشرد أعقب غزو لبنان سنة 1982 وإقامة في دولٍ عربيةٍ عديدة استقر جميل في عين الحلوة، مخيم أهله وناسه وشعبه.
في اجتياح عين الحلوة سنة 1982 قاتل جميل مع الشهيد عبد حمد والشهيد حاتم حجير ووالده جمال زيدان الذي استشهد في هذه المعركة، التي خاضها أبناء المخيم، وقاتلوا فيها قتال الأبطال وتصدوا للدبابات الصهيونية الغازية وأوقعوا بها إصابات مؤكدة.
لن أنسى زيارته الأخيرة لي في بيتنا بمخيم الحلوة قبل سنوات حيث جاء يسلم علي بعد سنوات من الفراق والغربة… ولا طلاته اليومية على الفيسبوك التي سوف نفتقدها إبتداءً من هذا اليوم.
الذين اغتالوا جميل زيدان هم أنفسهم الذين اغتالوا كل شيء جميل في مخيم عين الحلوة.
الذين اغتالوا جميل هم الذين يغتالون اليوم الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي في المخيم.
هم الذين يعملون في خدمة مشاريع معادية للشعب الفلسطيني وللأمة العربية. مشاريع تيئيس أهل المخيمات من أجل تهجيرهم وشطب حقهم بالعودة الى فلسطين.
هم بالتأكيد لهم مشغليهم وارتباطاتهم مع أجندات من خارج المخيم.
لا أملك يا صديقي جميل سوى أن أقول لك وداعاً وسلم على رفاقنا الشهداء.
في ذكرى اغتيال الصديق جميل زيدان في العاشر من هذا الشهر سنة ٢٠١٤
نضال حمد
ملاحظة، هذه المقالة التي عدلت عليها قليلاً هذا اليوم، سبق ونشرت في العاشر من آذار 2014