في ذكرى النكبة الفلسطينية والعيد الوطني النرويجي
نضال حمد
يومان فقط هما الفاصل الزمني بين إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية الكبرى في 15 أيار من كل عام وبين إحياء العيد الوطني النرويجي المصادف 17 أيار من كل عام. وبما أننا نحن الفلسطينيين في النرويج أصبحنا نرويجيين بعدما حصلنا على الجنسية النرويجية وكافة حقوقنا أسوة بالنرويجيين جميعهم كبارا وصغارا، وذكورا وإناثا، وقادة ومسئولين، وبشر عاديين. لا فرق بيننا وبينهم فالكل صار نرويجيا سواء بيولوجيا أو بعد الإقامة والحصول على الجنسية. وبما أنه هنا في النرويج يوجد بضعة آلاف من الفلسطينيين، غالبيتهم الساحقة تحمل الجنسية النرويجية، وهناك منهم ومنهن ناجحون وناجحات في المجتمع وفي الحياة السياسية والحزبية والثقافية والإعلامية والطبية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية. وهناك فئة أخرى منهم أقل تأثيرا ولكنها أكثر عددا. صار لنا حضورنا العددي والكمي، ولكننا للأسف لم نحقق حضورنا النوعي بعد. ربما هذا يحتاج لأجيال جديدة من أبنائنا وبناتنا ربما يفعلونها ويضعون جاليتنا الفلسطينية في مصافي الجاليات الناجحة والفاعلة. خاصة أن الطريق ممهد والتعاطف الشعبي النرويجي مع الفلسطينيين وقضيتهم جامح وكبير جدا وشامل. مع وجود تاريخي للجان التضامن والمناصرة النرويجية المؤيدة للشعب الفلسطيني والتي صار لها ناسها وأتباعها في كل مكان بالنرويج.
عندما بدأنا العمل قبل أكثر من عشر سنوات على تأسيس الجالية الفلسطينية في النرويج لكي تشمل أكبر عدد من الفلسطينيين المؤمنين بالتضحية بأوقاتهم وأموالهم لأجل نصرة قضية شعبهم ولم شمل الفلسطينيين في النرويج، اتفقنا على دعوة كل الفلسطينيين الى هذا الإطار الجامع. لكن مع مرور الأشهر والسنوات تبين أن هذا الأمر شيء يستحيل تحقيقه، لأن الذين يضحون بأوقاتهم وأموالهم قلّة قليلة جدا جدا. بينما هناك كثيرين للأسف أرادوا أن يكونوا في أمكنة لا يستحقونها وفي أضواء ليست لهم، وفي مهام فشلوا بأدائها وسقطوا في عدة امتحانات وتجارب. ورفضوا التضحية بوقتهم أو مالهم … والغريب في الأمر كله ان هؤلاء لا يستفيدون ولا يتعلمون من التجربة النرويجية الرائدة في العمل والتنظيم والمساواة وإيجاد الفرص لكل شخص كي يبني نفسه بنفسه أو حتى بمساعدة الآخرين. فعلقوا بين جدارين إذ لا هم تأقلموا مع الحياة النرويجية ولا هم يستطيعون أن يحيوا حياتهم العربية كما هي في بلادنا المشرقية. وهم كمن يحيا نكبة خاصة كل 15 أيار وعيد خاص كل 17 أيار من كل عام.
في تعليق لي كتبته اليوم في صفحة الكاتبة الفلسطينية حنان بكير المقيمة في أوسلو وذلك على هامش ذكرى النكبة الفلسطينية والعيد الوطني النرويجي، قلت :
نحن هنا يا حنان لنتعلم ونستفيد من تجربة الشعب النرويجي.
هذا الشعب يخرج عن بكرة أبيه صغيرا وكبيرا لإحياء العيد الوطني النرويجي. فتزدان البلاد بالرايات وأعلام الدولة فقط لا غير، فمن المستحيل أن ترى صورة للملك او لرئيس الوزراء أو لأي شخصية سياسية أو غير سياسية، فهذه العادات موجودة فقط عند العرب والأفارقة واليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة. وكذلك كانت موجودة في دول المعسكلر الاشتراكي سابقا. وفي فلسطين مثلا اوجد في كل مكتب توجد صورتان واحدة للرئيس الراحل ياسر عرفات وثانية لرئيس السلطة الحالي محمود عباس. وفي الفصائل الأخرى مثل حماس والجهاد والجبهات توجد صورا كثيرة للقادة الأحياء وكذلك للقادة الشهداء.
تتزين النسوة باللباس الشعبي التقليدي العريق والمرتفع الثمن، المسمى “بوناد” كما هو في الصور التي نشرناها في موقع الصفصاف صباح اليوم الجمعة 17 أيار الجاري، لنسوة نرويجيات من بينهن الوزيرة الشابة من حزب اليسار الاشتراكي و صديقة شعب فلسطين مارتا انغا ثورشيلدسن.
لباس أو زي “بوناد” النرويجي النسوي شبيه بالأزياء الشعبية الفلسطينية التقليدية التي تمتاز بها المدن والبلدات والقرى الفلسطينية. كما أنه يختلف بشكله وألوانه الجميلة من مدينة الى مدينة ومن قرية الى قرية ومن محافظة الى محافظة.
في مثل هذا اليوم تتقدم الفتيات والنسوة مسرح الحياة النرويجية بزيهن التقليدي الشعبي العريق، بال (بوناد) الذي تعتبره أكثرية الرجال والشباب في النرويج مصدر إغراء جنسي ومتعة.
يتوجب على كل فتاة نرويجية أن يكون لديها هذا الزيّ لكي ترتديه وتلبسه في المناسبات الكبيرة مثل التعميد في الكنيسة أو في اليوم الوطني النرويجي المصادف 17 أيار – مايو من كل عام. أو في حفلات ومناسبات خاصة جدا مثل العُرس وعيد الميلاد والشهادة أو التخرج الدراسي والجامعي و..الخ.
في 17 أيار- مايو عادة تكون كل البلاد جاهزة ومحضرة للاحتفال بالعيد، فتتجمع الباصات لنقل التلاميذ والطلبة من المدارس المختارة في وقت سابق للمشاركة في المسيرة الرئيسية التي تعبر بعض شوارع أوسلو وقرب مبنى البرلمان النرويجي. ثم تقطع شارع الملك كارل يوهانس وسط العاصمة لتتجه الى القصر الملكي حيث عادة تكون العائلة المالكة، الملك والملكة وولي العهد والأميرة والخ على شرفة القصر يقفون ويلوحون بأياديهم تحية للجماهير التي تحييهم بدورها أجمل التحيات .. وبعد أن ينتهي العرض المركزي تنفض المسيرة ويهذب الناس للاحتفال بقية اليوم والليل في حفلات خاصة وعامة بكل البلاد.
أول أمس قمنا في أوسلو بإحياء ذكرى النكبة وكم كنت أتمنى أن يكون الحضور الفلسطيني قويا وكبيرا لكنه كان مقتصرا على نفس المجموعة التي تحضر دائما مع تغييرات طفيفة. أما الحضور الأكبر فكان لأصدقائنا النرويجيين الذين نحتفل معهم اليوم بعيد النرويج الوطني صادقين كما هم صادقون معنا في تضامنهم. ولأنه أيضا عيدنا نحن الذي أصبحنا جزءا لا يتجزأ من هذه البلاد.
تحية للنرويج في عيدها وتحية لشعب فلسطين العربي المقاوم في نضاله العادل والمشروع والصلب لأجل الحرية والعودة والاستقلال.
رابط ذو صلة بالموضوع
الوزيرة مارتا انغا ثورشيدسين من حزب اليسار الاشتراكي ومن أهم أصدقاء وأنصار فلسطين في الحكومة النرويجية وفي النرويج ، تعرفت عليها شخصيا قبل نحو 14 عاما في أوسلو ومن خلال نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني. استطيع القول أن الصديقة مارتا مازالت كما كانت. تحية لها في هذا اليوم الجميل.
17-05-2013