في ذكرى تحرير جنوب لبنان وانتصار المقاومة.
ونحن على اعتاب ذكرى تحرير جنوب لبنان من العدو الصهيوني وانتصار المقاومة بقيادة حزب الله على الصهاينة الغزاة. لا بد لنا من استعراض شريط سريع للاحداث التي عصفت بلبنان و فلسطين.
في منتصف الستينات من القرن الفائت تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بدعم أساسي من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبالرغم من أنف كل الأنطمة العربية المهترئة، التي لم تكن فلسطين همها، كما ولازالت حتى يومنا هذا غير مهتمة بفلسطين، الا في حالة تصفية القضية الفلسطينية. لذا تنشغل الانظمة العربية في بناء علاقات علنية واخرى سرية مع كيان الاحتلال الصهيوني.وتشاركه التخطيط لتصفية وانهاء القضية الفلسطينية، عبر انهاء المخيمات الفلسطينية وتفريغها من لاجئيها من لاجئي النكبة سنة 1948 . عبر حصارها او تدميرها او تجويع سكانها واذلالهم. واجبارهم على الرحيل والهجرة الى الغرب من اوروبا الى أمريكا واستراليا وكندا حتى امريكا اللاتينية. يبدو تنفيذا لقرارات القمة العربية في بيروت التي تخلت عن حق العودة بموافقة رسمية عربية و فلسطينية. باستثناء الموقف القومي المشرف للرئيس اللبناني السابق االعماد اميل لحود وحليفه السوري الرئيس بشار الاسد.، مع ان وضع الفلسطينيين في لبنان من أصعب الاوضاع الفلسطينية خارج فلسطين. حيث تمارس صدهم قوانين عنصرية وعدائية وغير انسانية سنها البرلمان اللبناني، الذي سبق له وصوت للفاشي العميل بشير الجميل رئيسا للبنان بقلنسوة صهيونية.
بدأ العمل الفدائي الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني بالذات من داخل فلسطين ( الضفة و القطاع) ثم من مخيمات الاردن، فمخيمات سورية ولبنان بعد نكسة حزيران يونيو 1967 .وتوالت انطلاقات فصائل العمل الفلسطيني المسلح والمقاوم. وكانت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج المزود الأول للثورة بوقود العطاء والفداء. وانتشرت معسكرات تدريب الفدائيين في مصر والاردن والعراق وسوريا بالذات. ثم في لبنان بعد انتقال المقاومة الفلسطينية من الاردن غداة مجازر ايلول الاسود التي اقترفها النظام الاردني ضد الفلسطييين. ليصبح لبنان اهم تجمع للفلسطينيين وثورتهم وقواتهم الفدائية بمؤازرة وتضامن وتعاطف ومساندة من القوى الشعبية والوطنية واليسارية والقومية في لبنان العربي وبدعم من سوريا. انخرطت افواج الشباب العربي الثائر في صفوف المقاومة لانهم رأوا فيها شعلة الكفاح وارادة التحدي ووسيلة الانتصار والتحرير والعودة والانعتاق من عبودية الانظمة المهزومة والفاسدة والمستسلمة. فشهداء وجرحى ومناضلي الأمة العربية في صفوف الثورة الفلسطينية بالآلاف. لهؤلاء تحية وسلام وعهد بان نحفظ امانتهم وتضحياتهم.
سنة 1973 كانت اول مواجهة بين الثورة الفلسطينية والجيش اللبناني. وبعد ذلك بتاريخ 13 نيسان – ابريل سنة 1975 حصلت حادثة الاعتداء على باص عين الرمانة الذي كان عائدا الى مخيم تل الزعتر، والتي ذهب ضحيتها عشرات الفلسطينيين. والتي نفذتها عصابات آل الجميل وحزب الكتائب المرتبطون بالكيان الصهيوني. لتندلع عقبها شرارة الحرب الاهلية بين الفاشيين الانعزاليين اللبنانيين من جهة واحزاب القوى الوطنية و القومية واليسارية اللبنانية و الثورة الفلسطينية من جهة ثانية. ارتكبت على اثرها عصابات آل الجميل وحلفائهم من الفاشيين اللبنانيين مجازر عديدة وتصفيات عرقية ومذهبية وطائفية ضذ الفقراء اللبنانيين والفلسطينيين.
سنة 1978 ومع تزايد العمل الفدائي والعمليات الفدائية ضد الصهاينة في شمال فلسطين المحتلة اجتاح الصهاينة جنوب لبنان حتى نهر الليطاني.واقاموا فيما بعد الشريط الحدودي ونصبوا العميل المنشق عن الجيش اللبناني الرائد سعد حداد مسؤولا للشريط المذكور. وبعد وفاته عينوا العميل اللبناني المنشق انطون لحد مكانه. لكن لحد هزم فيما بعد وفر مع اسياده الصهاينة لينته به المطاف بائع حمص وتبولة في قلب فلسطين المحتلة.
سنة 1980 – 1981 اندلعت مواجهات عنيفة وطويلة بين الصهاينة وقوات الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وعرفت بحرب الجسور. دمرت خلالها قوات الصهاينة الجسور في لبنان وقصفت بيروت العاصمة مستهدفة عمارات وبنايات سكانية على من فيها من المدنيين الأبرياء..
في حزيران – يوينو 1982 قام الصهاينة بغزو لبنان وحصار بيروت الطويل،ثم خرجت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بحرا الى دول عربية عديدة، عقب تفاهمات مع المبعوث الامريكي اللبناني الأصل فيليب حبيب. وبعد خروج المقاومة بقليل ارتكبت عصابات القوات اللبنانية الفاشية وحلفاءها بدعم من الجيش الصهيوني وشارون شخصيا، مجزرة صبرا وشاتيلا على اثر قيام الحزب السوري القومي الاجتماعي بتصفية العميل و الرئيس اللبناني الفاشي بشير الجميل، الذي جاءت به رئيسا دبابات شارون. يومها سجل التاريخ للنائب الوطني نجاح واكيم رفضه التصويت للجميل حيث كان الحالة الوحيدة في البرلمان التي تجرأت على الرفض.
بعد ذلك بفترة قريبة انطلقت المقاومة الوطنية اللبنانية التي تشكلت من الاحزاب الاساسية في الحركة الوطنية اللبنانية. مثل الحزب الشيوعي اللبناني و منظمة العمل الشيوعي و الحزب السوري القومي الاجتماعي و التنظيم الشعبي الناصري ..الخ. وجاءت عملية الويمبي وسطشارع الحمراء في بيروت الغربية، التي نفذها البطل القومي السوري الشهيد خالد علوان ( قتله فيما بعد الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط). لتعلن بدء العمل الفدائي المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني في لبنان وعاصمته بيروت. على اثر ذلك انسحب الصهاينة من بيروت الغربية. ثم تتالت هزائمهم تباعاً.
بدأت طلائع حزب الله اللبناني في الظهور في معركتي خلدة والاوزاعي اثناء حصار بيروت سنة 1982.ويقال ان حزب الله هو الذي نفذ عمليتي استهداف القوات المتعددة الجنسيات الامريكية و الفرنسية في بيروت سنة 1983 . وعملية مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور.
بعد انسحاب الفلسطينيين من لبنان بسنوات قليلة تأسس حزب الله واصبح قوة مقاومة مميزة ومنظمة وقوية وفاعلة ومؤثرة. واستطاع خلال سنوات قليلة مواصلة المشوار مع الاحزاب الوطنية والقومية واليسارية. ثم تحول الى القوة الرئيسية والاولى في الصراع مع الصهاينة في لبنان. وخلال سنوات قليلة استطاع شن مئات العمليات ضد الصهاينة وتكبيدهم خسائر فادحة. ثم تكللت مقاومة حزب الله مع مقاومة من سبقه ورافقه في التضحيات من لبنانيين وفلسطينيين وسوريين بتحرير جنوب لبنان كله في أيار – مايو سنة 2000 . وقبل ذلك الصمود والتألق في عملية عناقيد الغضب سنة 1996 يوم ارتكب الصهاينة مجزرة قانا الأولى. استمر الحزب مقاوما ومعه حلفاء الكفاح حتى دحر و هزيمة العدو الصهيوني على ارض الجنوب وفرض توازن الرعب مع كيان الصهاينة، توازن رعب لازال قائما حتى الآن. فبطولة حزب الله اجبرت الكيان الصهيوني للمرة الأولى خلال تاريخ وجوده على استخدام نفس اللغة الرسمية العربية ( نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين)..
في عدوان تموز – يوليو 2006 انتصرت مقاومة الحزب على الصهاينة ووصلت صواريخ المقاومة الى عمق فلسطين المحتلة. وحررت المقاومة الاسرى اللبنانيين وعلى رأسهم العميد سمير القنطار بالرغم من أنف كل بني صهيون وجنرالاتهم وقادتهم ووزراءهم الحاقدين الدمويين.
تأتي الذكرى هذه الأيام والحزب يقاتل في سوريا ولبنان دفاعا عن الشرق العربي والقضية الفلسطينية ولاجل استمرارية وديمومة نهج المقاومة حتى التحرير والعودة والنصر. ولأجل امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. ففي زمنت التكفيريين فقدت الأمة، الوحدة والرسالة والانتماء الوطني، فأصبحت مقسمة ومجزأة ينخر عظامها سوس الطائفية والمذهبية، ويتلبسها شبح العمى الظلامي التكفيري، الأمريكي الصهيوني.
في ايار 2015 المجد للمقاومة التي تواصل معركة تحرير الأمة من العبودية والتكفير ومن والاحتلالات الاجنبية وعلى رأاسها الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة، لأن مقاومة لبنان توأم لمقاومة فلسطين وكلاهما جزء لا يتجزأ من مقاومة سوريا والعروبة.
نضال حمد – مدير موقع الصفصاف.
21-5-2015