في ذكرى شهداء مسيرة العوده، عادوا إلى فلسطين – محمد عادل
اقتحم العائدون كل الحواجز وحقول الألغام وحملوا أرواحهم على كفهم ورددوا كلمات الشاعر عبد الرحيم محمود …
ســأحمل روحــي عـلى راحـتي …. وألقــي بهـا فـي مهـاوي الـرد فإمــا حيــاة تســر الصــديق … وإمــا ممــات يغيــظ العــدى
وصلوا إلى مجدل شمس ، محاطين بإخوتهم أهالي القرية، ودموع اللقاء في عيونهم، قبلوا الأرض وغرسوا أيديهم في التراب الطاهر لالتقاط حفنة تراب من أرض الجولان الصامد ، واشتبكوا مع الجنود الصهاينة وسال الدم الفلسطيني والسوري على تراب ارض مجدل شمس ليجسدوا وحدة الهدف والمصير في مواجهة هذا العدو الغادر … حملوا معهم أماني كل الأحبة الذين لم يروا هذا المشهد العظيم هتفوا باسم كل الشعب الفلسطيني عائدون يا فلسطين… كتبوا بالدم اسم مدن وقرى وجبال وسهول كل فلسطين
رسالتهم إن العدو لن يستطيع مهما حول إن يغيب قضيتنا …. ستظل حاضرة وحية ومتقدة . وتأتي الذكرى الثالثة والستون لاحتلال فلسطين هذا العام في وقت اعتقد فيه الصهاينة وأسيادهم المستعمرين أنهم عبر أدواتهم وعملائهم الصغار وعبر اتفاقيات الذل والعار وما جرى من احتلال ونهب للأرض الفلسطينية قد اكتملت مرحلة.. النسيان وان الكل الآن يتحدث عن ما أسموه بالعملية الديمقراطية والانتخابات وأن مرحلة المواجهات والاشتباكات مع هذا العدو وإن كانت حتى بالحجارة… قد ولت وأن عصرا جديدا لهذا الكيان الدخيل قد بدأ عبر وكلاء العدو وخطوط دفاعه الجدد …. جاء هذا اليوم المجيد ليصفع كل هؤلاء الأعداء والمتخاذلين والمترددين…. وليقول أن الشعب العربي الفلسطيني ومعه كل المناضلين من أبناء امتنا العربية يواصلون النضال ويواصلون حمل راية الكفاح والنضال والمسيرة المعمدة بدم الشهداء الإبرار الذين قدموا أرواحهم الطاهرة مشاعل تنير لنا الطريق نحو فجر الحرية والتحرير الذي سيأتي مهما كانت الصعوبات ….والحواجز والعراقيل ومارينز الفضائيات التي تنطق بالعربية وهي ليست عربية والتي ترقص على الدم والفتنه والتضليل …
أننا نرى أن حالة الوعي العام المخزون في طاقات شعبنا العربي الفلسطيني ، والآتية من عشق هذا الشعب للحرية والاستقلال والكرامة والتحرير لكل فلسطين ، قد أرتفع منسوبها، وصرنا نلاحظ بعض الإشارات التي توحي بأن شعوب أمّتنا باتت تدرك المعادلة جيداً، وبأن نتوءات انفجارها تنبئ بأن انقلابا ً كبيراً سيشهده الشارع العربي، ولو بعد حين… في مواجهة هذا العدو الصهيوني الامبريالي الذي أدمى قلب الأمة العربية باحتلاله لأرض فلسطين والجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا والعراق وسيطرته العسكرية على وطننا العربي.من خلال عشرات القواعد الأمريكية فوق الأرض العربية. لنجعل من تضحيات أبناء شعبنا العربي في المسيرات باتجاه فلسطين مع حلول الذكري الثالثة والستين لاحتلالها بداية انطلاقة جديدة علي طريق التمسك الحازم بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي كامل التراب الوطني الفلسطيني ، ووقف ونبذ ومحاصرة سراديب التفاوض و” التسوية ” السياسية التي مكنت العدو الصهيوني من ابتلاع فلسطين وتهديد وإخضاع امتنا العربية، ورفض الاعتراف بشرعية ” دولة إسرائيل ” والنضال من اجل إلغاء وقبر كل اتفاقيات الذل والعار في كامب ديفيد .. وأوسلو ووادي عربه …
أن الشبان الشجعان الذين رفعوا علم فلسطين وسوريا عاليا فوق ارض الجولان الطاهرة …. والقوا بالعلم الصهيوني على الأرض للتأكيد على أن العدو مهما حاول ومهما اتخذ من إجراءات غير قادر على وقف المد الشعبي الهادر الذي لن يستطيع العدو منعه من الوصول إلى ارض وطنه الغالية وتذكير الصهاينة الغزاة قبل غيرهم أن وجودهم على هذه الأرض باطل وان لهذه الأرض أصحابها وسيواصلون النضال حتى تعود فلسطين لامتها ومحيطها العربي وتزول دولة الاحتلال والى الأبد ….
المخيم الصامد، مخزون الثورة الإستراتيجي، حامل راية الثورة ومشعلها وشاهد المرحلة ومعلم الأجيال، ومعلم الأيام أيضا، والذي قدم التضحيات كما لم يقدمها مكان آخر … والذي نسيه البعض وغيبه البعض وساوم عليه البعض وتاجر باسمه البعض…الذي طور له لغة خاصة ومصطلحات خاصة، ورؤى خاصة وأعاد ربط ما انقطع، وسمّى الأشياء من جديد وأوصل صوته للعالم أجمع ولمن يزعمون أنهم يمثلون الشعب الفلسطيني… قال لهم من خلال الاقتحام الشجاع والجريء لكل الحواجز وحقول الألغام لا نريد المخيمات ولا نريد الانتظار أكثر…. نريد تحرير فلسطين نريد العودة…نريد أن نرى قرانا ومدننا وبياراتنا وبحرنا وجبلنا وقدسنا وأقصانا وكنيستنا … نريد كل أرضنا…
وكل ما قمتم به باطل… يا من تدعون أنكم تتحدثون باسم الشعب وقضيته….لقد تقدم الشجعان من أبناء فلسطين وسوريا ولبنان والأردن ومصر باتجاه أرض فلسطين وفي الجنوب اللبناني والجولان ليقولوا كلمتهم أن التحرير ممكن… وان النصر ممكن … وان تغيير الواقع المر من احتلال إلى استقلال ممكن … وان رحيل العدو المحتل عن أرضنا ممكن … وان رحيل رموز أوسلو وكل اتفاقيات الذل والعار ممكن …وذلك من اجل أن تتحرر بلادنا من الاحتلال الصهيوني ويرفرف علم فلسطين عاليا فوق قمم وروابي فلسطين الغالية والعالية لقد منحنا هؤلاء الشجعان الأبطال في هذا الزمن الصعب والمرير الأمل والوعد … وكسروا حواجز التردد والضياع وقلبوا الطاولة أمام من أدمنوا المفاوضات… وجعلوها وسيلتهم الوحيدة لبقائهم في أماكنهم … نعم … من الشعب نتعلم … من الشعب العظيم صانع معاني الصمود والمواجهة …. لا حقول الألغام منعته … ولا الأسلاك الشائكة المكهربة… أوقفته ولا رصاصات الغدر منعته من الوصول إلى أرضه وتقبيل ترابها الطاهر … لتزهر مع الحنون في هذا الربيع الذي يكتب بالدم لفلسطين والجولان وجنوب لبنان …
لقد قال الشهداء الشجعان كلمتهم … ومعهم رددت جماهير شعبنا الفلسطيني والعربي أن فلسطين…هي قضية العرب الأولى … والدفاع عنها واجب مقدس على كل العرب والمسلمين … ومن يتنكر لها أو يساوم على ذرة من ترابها المقدس والغالي….
ملعونٌ ومنبوذ ٌ …من يفاوض ُعلى ترابِ هذا البلد ْ تلفظه فلسطين كلها … من ترابها وقدسها إلى الأبدْ ! ليس منا … من يخون تاريخ َهذا البلدْ
…! ننزعه من تراثنا وعقولنا ونلقيهِ في أتون اللهب ْ…فلسطين أرضنا… وحلمنا …وعشقنا وروحنا نرددها في المكان … والزمان هذا الوطن لن يأخذه منا أحدْ … سنظل نقاتل ونضحي حتى تورق الأزهار في كل أنحاء هذا البلدْ ولنتذكر جميعا ً أن لفلسطين خطية ٌ من يفرط بها … ستلعنه الأجيال للأبدْ ! ومن يكون وفيا ً لها ستذكره ُهذه الأرض الحبيبة ُ… إلى الأبدْ …إلى الأبدْ.
عادوا إلى فلسطين من مجدل شمس ومارون الراس عودة ولو حتى لعدة ساعات …. سال الدم … عاش الدم …ووصلت رسالتهم التي أرادوها أن تصل، لا يهم كم استمرت عودتهم بالبقاء على الأرض التي عشقوها، بل المهم أنهم عادوا وانتصروا بهذه العودة حين بعثروا أحلام الغزاة وعبروا إلى فلسطين….عادوا إلى فلسطين ..ووصل حجازي إلى يافا وبحر يافا … وعانق تراب الوطن … وردد بأعلى صوته هذه البلاد لنا … هذه الجبال لنا وفلسطين كلها لنا … وستعود لنا طال الزمن أم قصر …
محمد عادل كاتب واديب فلسطيني مقيم في دمشق