قانون القومية الصهيوني – مي أحمد شهابي
قانون القومية الصهيوني
دولة الكيان تتحول إلى أبارتايد (دولة فصل عنصري )
بقلم – مي أحمد شهابي
في الأيام القليلة الماضية صوت الكنيست الصهيوني بعد قراءة ثالثة على قانون القومية، حيث نال القرار 66 صوتاً ونجح بالأغلبية المطلقة. وقبل أن نخوض في تفاصيل القانون وتبعاته القانونية والسياسية داخلياً وخارجياً. لابد من الإشارة لأهمية التوقيت الذي صدر فيه هذا القانون. وأبرزها إعلان الرئيس الأمريكي ترامب في 6 ــ 12 من العام الجاري نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة لسلطة الاحتلال الصهيوني، وجرى تطبيق القرار عملياً في ذكرى النكبة الفلسطينية، بكل ما يحمله هذا التاريخ من معانٍ سياسية. وترافق مع هذا الإعلان، أو قبله بقليل عما سمي بصفقة العصر. والتي شكلت نعياً رسمياً أمريكياً لحل الدولتين. والاستعاضة عن حل الصراع العربي الفلسطيني ـ الصهيوني من خلال حل إقليمي صهيوني ـ عربي، يختزل القضية الفلسطينية من قضية شعب وحقوقه السياسية على أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وفق منطوق القرار الدولي 194… إلى قضية إنسانية واقتصادية تختصر الدولة الموعودة إلى كانتون يخضع اقتصادياً وأمنياً لسلطة الاحتلال وعلى أقل من 13% بالمائة من مساحة الضفة الفلسطينية، وضم القدس بكامل حدودها الإدارية لدولة الاحتلال واعتبار مدينة أبو ديس عاصمة للكانتون الموعود، وتصفية قضية اللاجئين بشكل نهائي، والسيطرة الكاملة على منطقة الأغوار، هذا عدا عن كون الكانتون سيكون منزوعاً من السلاح. وإن المدخل لهذا الحل والتطبيع العربي الصهيوني مع الدول العربية مع الكيان الصهيوني، وبكل ما يحمله التطبيع من معاني على الصعد كافة. وإن السر بهذا الحل الإقليمي سوف يجبر الطرف الفلسطيني على الموافقة على هذه الصفقة، حيث أن كل السبل ستغلق في أوجه الفلسطينيين، وترافق هذا مع توقف الولايات المتحدة عن دعم الأونروا والسلطة الفلسطينية، ودعت هيلي مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدول العربية والإسلامية إلى التوقف عن دعم الأونروا والسلطة الفلسطينية فهم بذلك لا يدعمون أمريكا كما يجب، ويجب دعم خطوات السلام واعتبار حماس منظمة إرهابية.
وبالعودة إلى قانون القومية فإنه وبهذا التوقيت يشكل بداية صهيونية استعمارية لتنفيذ صفقة العصر عبر التمهيد لها بسلسلة من الإجراءات من بينها قانون القومية، والتهديد بسحب حق المواطنة عن المقدسيين، والبدء بالعمل على بناء 20000 شقة جديدة في مستوطنات جديدة، والاستمرار في تقطيع أوصال الضفة الغربية وفصل جنوبها عن شمالها (الممارسات الصهيونية في الخان الأحمر). وبما يشكل تعبيراً وممارسة على الأرض لقانون القومية باختصار أن قانون القومية يعبر بشكل لا لبس فيه عن سعي صهيوني إلى السيطرة على كامل فلسطين التاريخية. وهو ما يعني وفق القانون (أن فلسطين هي البيت اليهودي للقومية اليهودية). وما يترتب على ذلك أن بقية السكان غير اليهود لا يملكون نفس الحقوق التي لليهود. وهو ما يعني أن اللغة العربية لم تعد لغة ثانية وأن البلدات والمدن الفلسطينية لن يكون لها نفس الحقوق للبلدات والمدن اليهودية. وأن على هؤلاء الإدانة بالولاء للوطن اليهودي وإلا فإنه سيواجه سلسلة من العقوبات تطال الإقامة والجنسية إلخ… من الممارسات والتي حولت دولة الكيان الصهيوني إلى دولة فصل عنصري بامتياز، بعد أن سقطت آخر قلاع العنصرية والأبارتايد في العالم في جنوب أفريقيا بفعل نضال الشعب هناك ودعم أحرار العالم لنضالهم وهو ما أسقط الدولة العنصرية وأقام دولة المواطنة والديموقراطية في جنوب أفريقيا.
وها هي دولة الكيان الصهيوني تريد إعادة التاريخ إلى الوراء ولتكون الدولة الوحيدة في العالم التي تتحدد المواطنة لساكنيها وفق الدين فقط ولا شيء غيره، نقيضاً لكل القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان وكل دساتير العالم. وهو ما سيشكل تهديداً لكل قيم الحرية والعدالة وقيم المواطنة لدول العالم أجمع. ويهدد مصير ومستقبل وحياة أكثر من مليونين ونصف فلسطيني يعيشون داخل ما يسمى الخط الأخضر إضافة للمقدسيين.
لاشك أن هناك عوامل ذاتية فلسطينية وعربية ساهمت عبر سياسات خاطئة على مدى أكثر من ربع قرن شجعت كلاً من اليمين الأمريكي المحافظ والمتشدد والذي التقى مع أقصى اليمين الصهيوني، على الجهر بهذه السياسات. والتي تطرح جملة من التحديات فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً بهدف التصدي لهذه الأوضاع التي ستكون المحور الأساس لمقال قادم.