قانون المواطنة… تكريس لسياسات الفصل العنصري – مي أحمد شهابي
أقر الكنيست الصهيوني بتاريخ 11/3 (قانون المواطنة) وذلك بعد قراءات ثلاث جاء التصويت بأغلبية كبيرة، والمؤسف في الأمر أن أعضاء القائمة الموحدة الفلسطينية صوتوا بمعظمهم على القرار، وجاءت الموافقة على هذا القرار ترجمة وتكريساً لمبدأ يهودية الدولة بعد صدوره من خلال قانون عبر الكنيست.وعدا عن تكريس مفهوم يهودية الدولة عبر هذا القانون (أي أنها دولة لليهود) وهو ما يعني حرمان الأقلية العربية من العديد من الحقوق التي يتمتع بها اليهود، إضافة إلى أن هذا القانون يضم قانوناً يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية لمناطق 48 للرجال والنساء الذين يتزوجون من فلسطينيين مقيمين في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وكذلك المقيمين في سورية ولبنان والأردن وايران, بمعنى أن أي امرأة أو رجل يتزوج من هذه المناطق أو الدول لن يتمكن أو تتمكن من استقدام الزوج أو الزوجة للعيش معاً.
وقد بدء بتطبيق هذا القرار من خلال أمر عسكري منذ عام 2003 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، دون أن يكون هناك قانون يشرع هذا الأمر. وهو ما جعل ثلاثة عشر ألف عائلة فلسطينية مهددة بأن تخسر الإقامة والهوية لاسيما بعد صدور هذا القانون، ورغم أن المشرعين الصهاينة برروا صدور هذا القانون من خلال مفهوم يهودية الدولة، إلا أن الدافع الفعلي لصدور مثل هذا القانون، هو ما تسميه الاحصاءات الصهيونية (بالقنبلة الديموغرافية) حيث تؤكد هذه الاحصاءات أن عدد الفلسطينيين بمناطق 48 سيساوي عدد اليهود في العام (2030) أي أن يصبح عدد الفلسطينيين مساوياً لعدد اليهود.
وفي العام في (2035) سيصبح عدد الفلسطينيين أكبر من عدد السكان اليهود، ولذلك فإن سلطات الاحتلال شرعت هذا القانون كي تؤخر أو تلغي زيادة عدد سكان الفلسطينيين من عدد سكان اليهود، ومن الأسباب التي شجعت اليمين المتشدد الصهيوني على المسارعة على التصويت على هذا القانون – بعد أن أجل التصويت عليه عدة مرات – هو ادراكم أن جميع القوى بما فيها القوى اليسارية والقائمة العربية الموحدة المشاركة بحكومة رئيس الوزراء بينيت سيضطرون الى الموافقة على هذا القرار خوفاً من إسقاط هذه الحكومة، نظراً لأنها لا تمتلك إلا أغلبية محدودة.إن أبرز معاني صدور هذا القرار هو أنه يكرس سياسة الفصل العنصري بشكل واضح وذلك أنه وضمن مفهوم قانون المواطنة، فإن المواطنين الفلسطينيين لا يمتلكون نفس الحقوق التي يمتلكها اليهودي، ويكرس أيضاً ويشجع على سياسات التضييق والترحيل ومصادرة أراضي الفلسطينيين تحت عناوين شتى، كما يجري في القدس والنقب وغيرهما من القرى والمدن والتجمعات الفلسطينيين كما أنه يرمي أيضاً، إلى تكريس تجزئة الشعب الفلسطيني وذلك من خلال قطع علاقات فلسطينيي 48 الاجتماعية مع أهلهم وامتداداتهم في الضفة الغربية وغزة وبلدان الشتات ويشمل هذا القرار أيضاً مدينة القدس بعد القرار الذي اتخذ في العام الماضي بضم مدينة القدس.
من هنا على إخوتنا في مناطق 48 والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، مجابهة هذا القرار بمختلف الوسائل القانونية سواء عبر محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية ولجنة حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبار هذا القرار يشكل تجسيد العنصرية بأسوأ أشكالها وبالمقابل فإن جهداً كبيراً يقع على عاتق أهلنا في مناطق 48 باعتبارهم المتضررين الأكبر من هذا القرار ويقع عليهم توحيد القوى والجهود الفلسطينية والقيام بأوسع التحركات والنضالات الجماهيرية الشاملة من اضرابات ومظاهرات واعتصامات والتي يمكن أن تصل الى مستوى العصيان المدني، وتجييش أوسع رأي عام داخلي وخارجي عبر مختلف الوسائط الإعلامية والسياسية وتوجيه الكتب والمذكرات إلى كل مسؤولي العام والهيئات الدولية بالترافق مع أوسع الحملات الجماهيرية داخل الوطن المحتل مسلحين بقرارات منظمة العدل الدولية والمفوضية العليا لحقوق الإنسان والتي أقرتا بوجود انتهاكات عنصرية لدولة العدو حيال الشعب الفلسطيني داخل وخارج الوطن المحتل.ويبقى الجهد الأبرز يقع على عاتق الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وبمختلف أشكال النضال المتاحة جماهيرياً وسياسياً ودولياً في سبيل التوصل إلى كسر قرارات حكومة الاحتلال والكنيست الصهيوني. وأخيراً، لابد من تنسيق وتوحيد الجهود الفلسطينية مع الجهود العربية والاقليمية والدولية وبناء شبكة تضامن مع أهلنا في الأراضي المحتلة باعتبارها معركة ضد العنصرية والاحتلال وهي معركة تمس أصحاب الضمائر الحية في العالم أجمع.