قراءة انطباعية “غير تقليدية” للرواية الدفترية “البوكرية”/2021 – مهند النابلسي
*قراءة انطباعية “غير تقليدية” للرواية الدفترية “البوكرية”/2021 :
*فقرات دالة معبرة “مختصرة ومحورية” لمحتوى الرواية:
*استلقيت في فراش مصابا بمغص شديد، والبارحة انتفخت بطني، وسمعت صوته واضحا ومرعبا يلمح لجرائم يمكن ان تحدث، ويلومني على ضعفي.
*سنة قحط انهكت البلاد وعاثت بالناس فقرا مدقعا: اقترب احد الرجال من النار اكثر، وراح ينفض شعره الكث وملابسه المهترئة باتجاه الجمر فتبعه الاخرون وطقطقات القمل تأتي متفاوتة وهو ينفق…كان الرجال الثلاثة اقارب الاقطاعي الشموسي، منهم من يرعى الأغنام…ولكل عائلة كهف في القرية: حيث استبد الجوع الى درجة أن خرج أحد الرجال يصرخ بصوت حزين متمنيا ان يتغوط!
*أما باقي جحافل القمل فكانوا قبيل القحط يكافحونه بالكاز، يبللون به شعورهم ويستخدمون مشطا باسنانهم خيطا ليصطادوا ما تبقى منه (معالجة بدائية معتمدة واقعية وطريفة)!
*وجوه أبناء المدينة تميل الى حمرة مختلطة بالبياض، وحتى السمر منهم فهم ذوي بشرة نقية ووجوه ممتلئة مع ملابس واحذية جديدة ملونة، عكس أبناء القرى ذوي الوجوه الضامرة وشعورهم كثة وعيونهم مندهشة مع حركات سريعة (تحاسد واضح)…
*أخذ وجه “سعيد مهران” ينبثق من سماء ذاكرتي: احمل هذا المسدس يا سعيد ثم عليك ان تعيد “كوازيمودو” من مخبأ ذاكرتك الذي داريته يه..أنسيته؟ بطل رواية احدب نوتردام، كم احببته؟
*بسرعة سلكت زقاقا يقع بجانب البنك ركضا، وأنا اخلع عني القناع، وأخلع المعطف، ثم خبات المبلغ بعد ان اخذت منه عشرين ألف دينار وداريتها في حقيبتي، واستلقيت على الفراش اتنفس الصعداء.
*…ثم وضعت المسروقات في كيس آخر والقيت الكيس الذي كنت قد خرجت به من البنك، ثم خلعت القفازات (ممارسات لص بنوك محترف) وعدت اجري والصوت يرافقني محفزا: “اركض يا ابراهيم، لا تتراجع ثم عليك وانت تخرج الى الشارع ان تتقمص شخصية الأمير الأمير(ليون) من رواية الأبله لدوستوفيسكي، فانت الآن “ميشيكين” بسذاجته…: (الغريب ان البطل ابراهيم “اللص الشريف المغوار والبائس المسكين المحتار” لا يتقمص الا شخصيات روايات عالمية كلاسيكية متقادمة عفى عليها الزمن، وينسى تقمص شخصيات عصرية ادبية لافتة جديدة وعصرية على سبيل التنويع والتجديد… وكأن الزمن والقراءة “التثاقفية” التبجحية قد توقفت عند هؤلاء الكتاب الكلاسيكيين الأفذاذ وقصص ابطالهم العتيقة المعروفة لنا جميعا، والتي أظهرتها السينما العالمية مرارا وتكرارا وأصابنا الصداع من كثرة معايشتهم لنا)/ملاحظة من كاتب المقالة/.
*لم يعد جادالله الى الاردن في اجازة، لأنه كان يهرب من عيني أبيه اللتين تلاحقانه حتى في المنام وتنتظرانه طبيبا، وجراء حزنه على حبيبته تاماركا “الروسية الحسناء” تعثرت حالته النفسية، وأصبح يميل الى العزلة…الى ان تخرج من الجامعة في صيف عام 1971.
*عليك أن تذهب الى احد المولات وتشتري ملابس جديدة تشبه ملابس الدكتور زيفاكو بطل رواية باسترناك…فلا تنسى أنك زيفاكو والا افتضح امرك/السذاجة تقوده هنا لعدم ملاحظة الفرق البين بين الملابس العصرية وملابس القرن التاسع عشر-ملاحظة كاتب المقالة-/.
*في هذه الحياة عليك ان تكون الف شخص لتعيش: ام ترى أن اللصوص مثلي في دواخلهم كائن كهذا الذي دفعني الى أن اصبح سارق بنوك ثم سارق بيوت…أخباري تتصدر الفيس، فهم يتحدثون عن لص نبيل يسرق ليعطي الفقراء: (في تقمص لشخصية روبن هود القديمة أيضا: لكن المؤلف لم يظهر لنا الروائي المبجل العادل النزيه: كيفية احسان وتوزيع النقود المسروقة للفقراء كما كان يفعل روبن هود الأصلي):
حتى أنهم رسموا لي صورة كاريكاتورية غريبة.
* ضغطت على الرابط فوصلت لغلاف رواية كونديرا ” كائن لا تحتمل خفته”، فاخترت روايته (لا نعرف المغزى من هذا النص سوى أن الكاتب يستنجد هنا بكونديرا ليتملص من سمة الخفة التي شعر انها تنطبق عليه تماما في طرحه الروائي المضطرب والمفتعل والمأزوم/ ملاحظة كاتب المقالة/)، ووجدت أن كثيرا من القراء راحوا ينشرون مقاطع من روايات: جين أير، أنا كارنينا، قصة حب مجوسية، ثم تحت ظلال الزيزفون …
*كانت الكهرباء لم تصل القرية بعدعندما عاد جاد الله في ليل احد أيام 1971. لم يخبر احدا انه قادم الى البلاد، حيث كان يتوقع ان يلقى القبض عليه، جراء ممارسته لأنشطة سياسية خلال سنينه في موسكو…
*أعرف انك حزين على زوجتك، كنت اتمنى أن تأتي برفقتك، لكنه امر الله يا ولدي.
*لقد امضيتم يا ابي سنين رعاة عند أبي جريس، في الشتاء يسكن ببناء بينما نعيش في الكهوف، وفي الصيف تمضون نهاركم جريا تتبعون الأغنام، وهو مستلقي في بيته، وفي آخر العام يلقي لكم بالقليل.
*لم ينم جاد الله في تلك الليلة، أدرك انه على مقربة من خسران ابيه اذا علم بأنه لم يدرس الطب.
*هذه المرة عليك ان تتقمص شخصية “أحمد عبد الجواد” بطل ثلاثية محفوظ /ولا نعرف لماذا؟/.
*ما أقسى أن يكتشف الواحد أن حياته تشكلت على نحو لم تكن لنا يد فيه.
*طلبت من سائق السيارة أن يقلني الى عبدون وان يوصلني الى الجسر…حيث ذهب قبل عام الى العقبة/فهمنا ان جسر عبدون هو جسر المنتحرين ولكن لم نفهم لماذا اختار العقبة كوجهة للانتحار؟!/…استنجد بالموت من الحياة في صباح طلعت لي فيه امرأة جاء الأمل معها وغادر الى غير عودة.
*فتشنا شقتك البارحة، وعثرنا على هذا الدفتر الذي تسجل فيه تفاصيل ما قمت به من جرائم تسميها كوابيس، ثم ان جارتك اخبرتنا برؤيتها لك كيف دفعت بالكرسي الذي تسبب بقتله مشنوقا (فكيف تشاهد الجارة في المنزل المجاور المنفصل هكذا تفاصيل هذه الجريمة او الانتحار وكأنها كانت تستخدم منظارا مكبرا كما في أحد أفلام هيتشوك اللافتة الشيقة؟!/ملاحظة كاتب المقالة/!) .
* في تلك الأثناء رأيت الطفل الذي خرج من بطني يقفز الى النافذة الى الخارج، وكان بوجه حزين، غاضب، محبط.
*حدق بي بعينين محمرتين، ثم قفز في الهواء، واخترق زجاج النافذة فانتشرت الشظايا في المكان: صرخ وهو يقف على مكتب الضابط: أنت لم تقتلهم!
*ثم الفقرات الاخيرة:
*ها انا أفرغت كل ما بي على بياض دفتر وجدته اعظم هدية قدمتها لي “ناردا” التي تاتي مرتين في الاسبوع لزيارتي، وتحدثني في كل شيء.
*لكني لست متاكدا من قناعتي بتسليمها دفترا دونت فيه كوابيس رأيت خلالها والدي يدفع بنفسه عن الكرسي، وابن انيسة يقتل عماد الأحمر، ويوسف السماكي يقتل اياد نبيل، ورأيت لبنى تقتل سناء محمود. لن افعل ذلك لأن علينا الصمت اذا ما اختلط الوهم بالحقيقة (بالحق فهذه نهاية ذكية روائية يتملص فيها الكاتب من كافة الجرائم ويسعى كذلك لتبرئة أبطاله وكأن شيئا لم يحدث قط على أرض الواقع ثم يصل لحكمة ختامية يختم بها روايته المضطربة/ملاحظة كاتب المقالة/) .
*ومضات نقدية مختصرة في الصميم بلا مراوغة وتبجيل وتضليل:
*لاحظت كثرة وتراص الأحداث في النص الروائي الطويل والمترهل والمتداخل، مع كم كبير من المبالغات والميلودراما الغير واقعية (مثل قصة مقتل كل العائلة على الطريق الصحراوي في حادث مفاجىء وبقاء البنت الكبيرة وحيدة)، ناهيك عن ضعف وصفي واضح وسلق لغوي معلب، ثم هناك ضعف المبررات والحوافز والدوافع لدى بطل الرواية ابراهيم، كم أن هناك كم كبير من الفبركة والنقل والاسقاط والتقمص عدا عن الضعف الواضح في التقنيات الروائية…
*أما الرواية فهي تعج بقصص المعاناة والحرمان والفقر المطقع كما فقدان المل والانتحار و”القمل مجازا”، وهي تغوص بحكايا فاشلة لخيبة البطل واحباطه المستديم …وتتعرض لقصص بنات الملجا المشردات فاقدات الهوية بطريقة فاضحة اتهامية، ولا تتعمق بالوصف الدقيق المعبر الا نادرا، ويبدو البطل “ابراهيم” مدعيا ومتظاهرا وعبثيا الى اقصى الحدود…
*وتفوح من الرواية روائح “النكد والشكوى والمسكنة”، حيث يحشر الكاتب المبجل قصص ومقولات وشخصيات كتاب وروائيين عظام مثل “باسترناك ونجيب محفوظ وهيجو ودستوفيسكي” بلا مبرر حكائي أحيانا: وكمثال فهو يتحدث عن حدبة “أحدب نوتردام” الذي مثلها بقطعة قماش أخفاها داخل قميصه من جهة الظهر، ثم ازالها بعد انتهاء السطو على البنك، بينما من المؤكد أن كاميرات البنك سترصد شكله وهو هارب بالنقود مع الحدبة مما سيسهل القبض عليه بسهولة مطلقة لاحقا ولن يفيده أبدا هذا التخفي الساذج ، فالدقة مطلوبة تماما للروائي حتى يقتنع القارىء بروايته ويصدقها … وهو لا يتجاهل كذلك “كونديرا وشاعر مجري مجهول” وغيرهم ضمن السياق، وأحيانا بطريقة قصرية مفتعلة، وكأنه يلجأ لهم لانقاذ سطحية ودوافع بطله الفذ “ابراهيم” المغامر المغوار من مصيره العبثي/العدمي المحتوم!
*كما أنها تكاد تشبه “عريضة شكوى” طويلة قدمت في مخفر شرطة محلية ولا أحد يهتم بقراءتها، وهي تحفل بالشرح المطول البيروقراطي بلا تطوير للشخصيات، بل تسير بنفس النمط المونوتوني بلا بارقة امل وفسحة تنفس حتى النهاية!
*لقد تعرض الكاتب بالتفصيل تقريبا لقصة دراسته وتعليمه في موسكو، التي انتهت بفشله في دراسة الطب وتحوله للفلسفة كبديل غير مقبول لدى اسرته وسكان قريته الفقراء البائسين، ثم لتفاصيل عشقه لروسية حسناء، توفيت لاحقا بحادث سيارة تراجيدي، مما ادى لانهياره النفسي تبعا لذلك، وعودته لقريته في مآدبا، وقد خيب أمل الجميع وأولهم والده “الطيب الصبور” لعدم تحوله لطبيب يداوي بؤس وامراض سكان قريته المعدومين.
*وفي الختام ارجو التنويه لجاذبية الرواية التي تجبرك على اكمال قراءتها، وهذه تسجل كميزة لموهبة الكاتب السردية وبراعته التلقائية في خلط الحكايا ورواية القصص والتنفيس عن الاحتقان داخل النفوس بواقعية احيانا، وكنت قد اخترت عنوانا آخرا “سجعيا” طريفا للمقالة يعبر باختصار عن مجريات أحداثها هو : “مغامرات الدفتري الدوارة في الأماكن المختارة بكل جدارة مع التقمصات البراقة”!
*وهكذا ارجو أن اكون قد نجحت لحد بعيد في كشف حيثيات وخفايا الرواية الكبيرة المعقدة في مقالة مختصرة متوازنة، كما أني اعتقد في الختام بان أي نقد أدبي لا يشمل بشكل متوازن عناصر: اللغة والوصف والحبكة ورسم ملامح الشخصيات والبيئة الحاضنة…كما البعد النفسي والتاريخي والجغرافي، فانه يعتبر نقدا قاصرا سطحيا لا يفي بالغرض.
*هكذا لاحظت ان الرواية تتحدث ضمنا عن “بيوغرافي شخصي” لبؤس حياته ونشأته وفقر قريته وخيبته الدراسية والعاطفية في موسكو، وبدا بالمحصلة وكانه يسطو على حياة الوراق المناضل المسكين، وقصص اليتيمات البائسات في الملجأ بتبجح فضائحي غير مبرر ومبالغ فيه أحيانا، ويعود دوما ويكرر كل هذه الحكايا والقصص بشكل دائري قد يسبب الصداع، مقتبسا ومتقمصا لشخصيات كل من “البؤساء لفكتور هيجو واللص والكلاب لمحفوظ ود. زيفاكو لباسترناك” وغيرهم مما يبعث على الملل لكثرة التكرار، في محاولة بائسة للتقليد والاسقاط الغير مبرر احيانا، ثم يدفع بكل هذا المزيج الغير متجانس لخلاط كوكتيل جاهز”روائي” ليخرج برواية غير متجانسة ومفبركة وفاقدة للمغزى والنكهة والأمل ايضا…
*لكن يجب بالحق التنويه وتقدير مصداقية الكاتب الكبيرة في وصف حالات بؤس قريته ومظالم التفاوت الطبقي…كما نجح ببراعة واقعية في طرح تفاصيل مذهلة سينمائية لحالات سرقة البنوك والبيوت الثرية في عمان، محاولا اسقاط محاولاته اللصوصية على شخصية “روبن هود” المعروفة كلص شريف معروف روائيا، دون أن يعلمنا بكيفية توزيع الأموال المسروقة للفقراء كما ادعى، بل يبدو من السياق وكأنه قد احتفظ بها لنفسه حصريا!
*في الخلاصة فالنص الروائي شيق ويثير الفضول لاكمالها على غرابته… وهذه تحسب ميزة جينية للكاتب المحترف الموهوب، وهي بالمحصلة النهائية ليست سيئة تماما، ولكنها بالحق “مفكفكة ومتشتتة ومفتعلة”، وتحفل بالاقتباس والتقمص والتحاسد والتظاهر والتثاقف كما وضحت في سياق “اقتباسي” أعلاه لفقرات معبرة عنها، ولا ينفي ذلك كذلك احتواءها على فصول صادقة ومعبرة لحالات “الفقر والسرقة والعزلة والتوحد والبؤس”….وربما تستحق الجائزة بجدارة وخاصة ان كانت الروايات الاخرى المرشحة “ضعيفة وهزيلة وتفتقد للاصالة والابداع والتجديد والتشويق والتقنية السردية والتميز والبعد الروائي المتماسك والرؤيا الجديدة المذهلة مع بارقة الأمل الضرورية”/وربما هذا ليس واقعا لا اعرف/… وهذا ما يجب على لجنة الجائزة الموقرة أن تجيب عليه بصراحة وعمق وشفافية معلنة لوضع الامور في نصابها وحسم الجدل وتفاوت الأراء النقدية المتجددة، (علما بأن ذلك حق مطلوب ومحبذ وممارسة عالمية في الجوائز الاخرى المعتمدة وليس خيارا مزاجيا خاصا)!
*راجيا أخيرا ان أكون قد وفقت في طرحي النقدي العميق “الحيادي” المغاير(الانطباعي) المتوازن هذا والله من وراء القصد… «وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً».
*هامش منقول: من تعليقي في حينه على مقالة لكاتبة تبجل رواية “حرب الكلب الثانية” لابراهيم نصرالله /الفائزة ايضا ببوكر 2018/: والمقالة للكاتبة نادية حرحش ومنشورة في “راي اليوم” اللندنية:
- * مهند النابلسيMay 1, 2018 at 7:23 am: أعتقد أن الكاتب استغل جهل اطلاع لجنة البوكر على روايات وأفلام الخيال العلمي واقنعهم بروايته الهجينة (حرب الكلب الثانية) هذه المشتقة من هذه الأفلام والتي قدمت مرارا في أفلام حديثة وروايات عديدة…وهذا مؤسف حقا، فقد قدم هنا خلطة مزعجة غير منطقية متضاربة مكررا ما سبق وقيل ولم يأتي بالجديد، وعينه على الجائزة المالية لا غير، طامحا للعالمية والترجمة والرواج، وقد سبق ولخصت للكاتب روايتين ونشرتهما هنا في موقع “الرأي الاخر”، وهما “أرواح كليمنجارو وملك الجليل”، وقد لاحظت طموح الكاتب “المستعجل” بمقاربة القصص الوطنية الواقعية والترائية، ولكن اسلوبه يعاني بصراحة من الترهل والاطالة والتكرار وبالحد القليل من النفس الوصفي الابداعي العميق والمؤثر (لنقارن كتابته مثلا مع منهجية جورج اورويل في “أيام بورمية” مثلا وغيرها من الروايات الضخمة الممتعة والحافلة بالرسائل المجازية الذكية)…كما لاحظت ان نفس الكاتب متطفل على الكتابة السينمائية التي لايأخذها على محمل الجد، وربما سمحت له هوايته بمشاهدة الأفلام الهوليوودية الخيالعلمية باقتباس الكثير من الأفكار ووضعها في روايته الفائزة بلا تنقيح وفلترة ووعي حقيقي بمدى خطورة الاقتباس لمن لا دراية حقيقية له بالخيال العلمي “الخلاق”، مما جعله يجافي المنطق في حالات كثيرة لأنه انغمس في تدفق كتابي غزير طموح بلا تعمق بحثي أصيل، كما فعل الكاتب الجزائري مثلا في رواية العربي الأخير (التي كتبت عنها هنا ايضا في ملخص وأثرت النقاط النقدية بجلاء)….وأرجو اخيرا أن يقنعه حصوله على هذه الجائزة العربية- العالمية الهامة لأن يهدأ قليلا ويتروى ويحاول أن يبذل جهدا بقراءة الروايات العالمية الرفيعة المستوى لكي يتعلم منها أن الفن الروائي الابداعي الحقيقي، والذي يكمن في المنهجية الرصينة والأصالة الابداعية وعدم التكرار والاستعجال وليس في ما نسميه بالعامية المعبرة ” الشلفقة”، وعليه ان يعي وغيره من الروائيين “العرب” المتسرعين الطامحين بالشهرة والمجد المزيف، وكذلك مع دور النشر المتسرعة الساعية للربح لا غير، أن كتابة الرواية عمل رصين شاق وهادىء وليس مثل كتابة المقالة العاجلة والقصة القصيرة، راجيا ان لا يغرق في بحر الغرور والصلف والادعاء والتبجح ، ثم لتبقى قضية فلسطين “اولا واخيرا” هي الغالبة على النهج الروائي الفلسطيني العربي، وليس مجرد الاستنساخ المكرر لقصص أفلام هوليوودية التي مللنا حقا من كثرة مشاهدتها في قاعات السينما ومن ثيماتها المتطابقة….وأرجو ان لا يفسد اختلافي بالرأي للود قضية، ويحيا منبر “رأي اليوم” التفاعلي، شاكرا جميع المتفاعلين معي، ونهاركم سعيد.