قراءة بين سطور خطاب مشعل – محمود فنون
أود القول أولا ان قادة حماس وقادة فتح يتبادلون التكاذب بشكل صريح حول ما يسمونه المصالحة وأهدافها .
تتخيل ان الطرفين يضغطان كل على الآخر من أجل إتمام المصالحة وأن كل طرف منهما هو المتوجه بقوة لما يسمونه المصالحة ويطالب الطرف الآخر بالقبول والموافقة وتطبيق شروط المصالحة التي يراها .والمصالحة كما تقول الأوراق هي تقاسم المكاسب والمغانم والمناصب .
قال مشغل :” إن “الحركة جاهزة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وفق الاتفاقات السابقة، مبديا تفاؤله بأجواء البيئة الفلسطينية في هذا الوقت.”
الحركة جاهزة ولم تحصل المصالحة وإنهاء الإنقسام ، وفتح كذلك جاهزة فمن الغير جاهز إذا.
ليس هذا كل التكاذب المتبادل . لنر ما يقوله مشعل عن النتائج المحققة إذا حصلت المصالحة :
” ودعا مشعل قيادة حركة فتح والرئيس محمود عباس وكل قيادات الفصائل الفلسطينية إلى الوحدة واستغلال المناخات الوطنية لكي ننهض من كبوتنا ونقاتل صفا واحداً.”
لنقرأ هذا القول :
أولا : قبل الإنقسام لم يكن إنقسام !! والله صحيح !! وكذلك لم تكن وحدة !! والله صحيح أيضا!!
قبل الإنقسام لم ننهض من كبوتنا ونقاتل صفا واحدا!! فهل سنقاتل صفا واحدا حقا؟ وهل سبق وقاتلنا صفا واحدا منذ تأسيس حماس حتى يومنا هذا؟
ثم هل عاشت حماس في وحدة وطنية منذ نشأت ؟ والأمر لا يقف عند حماس فالوحدة الوطنية غاية لم تدرك أصلا قبل وبعد ظهور حماس .
بعد ذلك يخطب مشعل : ” كي ننهض من كبوتنا ” وأسمح لنفسي أن أقول انه يقصد الجميع بقوله كبوتنا !!
هل ما نحن فيه كبوة ، مجرد كبوة ؟ هل إنتقال قيادة فتح من موقع مقاتلة العدو إلى موقع التنسيق الأمني لصالحه ومطاردة المناضلين بمن فيهم أنصار حماس ، هل هذا مجرد كبوة ؟ وهل ستكف السلطة بما هي سلطة فتح وكوادر فتح ، هل ستكف عن التنسيق الأمني ؟ أم أن مشعل لا يريدها أن تتفرد في التنسيق الأمني لوحدها ويريد مشاركتها ؟ ” أن ذلك يحتاج إلى إرادة وتوافق وشراكة وإلى تطبيق على الأرض في كل برامجنا السياسية والنضالية والأمنية،… “إن مشعل يعلم تماما أن توافقاً على هذا الطرح دون تردد علما ان السلطة تقوم على التنسيق الأمني أي أن أجهزة امن السلطة هي إمتداد وظيفي للأمن الإسرائيلي . وهذا بالضرورة يعكس نفسه على – برامجنا السياسية والنضالية والأمنية . أما النضال فهو المقاومة الذكية بالفيس بوك وما شابه.
وهناك كذلك جهاز أمني لحماس في القطاع ولا بد نتيجة للمصالحة أن يتوحد مع أجهزة أمن فتح !! ماذا تقول يا رجل ؟ إما انك ضمن لعبة التكاذب أو أنك توافق على التنسيق الأمني ، فلا مصالحة من غير التنسيق الأمني والإعترف بإسرائيل وجلوس الموظفين المتناظرين مع بعضهم .
إنك لا تقصد قطعا بأن المصالحة ستؤدي إلى إلغاء الإعتراف بإسرائيل من قبل المنظمة وتعبيرها السلطة.
أنت تتحدث في خطاب بلغة الإنشاء وتقول عبارات منمقة وشاعرية وتعتقد أن الجمهور كله مثل مريديك يسمعك ويزلط كلماتك دون تفكير ويفرك يديه انفعالا بما تقول . إن الأمر ليس كذلك .
ويقول مشعل : ” ” لا تحرير بلا وحدة صف، ولا استقلال إلا بإنهاء الانقسام وتعزيز وحدتنا وتحقيق مصالحتنا بحيث نبني وطننا معا، ونقاتل معا، ونتحرك في السياسة معا.”
ما شاء الله ما أحلى هذا الكلام وهو لا يحتاج سوى لأربع عجلات يمشي عليها وهو كما يريد مشعل عند فتح ، أما حماس فهي جاهزة لكل شيء .
ولكن مثلي ينتبه لكلمة ” ونبني وطننا معا ” ثم أسرح في الخيال بحثا عن الوطن الذي سيتم تحريره واستقلاله وبناؤه بمشاركة كل من فتح وحماس . ما معنى
استقلال وما معنى وطن وما هي حدوده وما هو البناء المشترك ؟
ثم انتقل مشعل إلى نقطة كبيرة هي منظمة التحرير . يقول مشغل : أن “منظمة التحرير الفلسطينية هي ممثلنا ومرجعتينا لكننا نريدها أن تحوي الكل الفلسطيني، وأن يكون لكل فلسطيني في الداخل والخارج نصيب فيها”.
نعم . مشعل يريد انضمام حماس للمنظمة ويكون لحماس مثل البقية نصيب فيها .
وقبل التعليق لا بد من التذكير أنة مشعل في اتفاق مكة عام 2007م أعلن عن ” إحترام حماس للإتفاقات والمواثيق التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية ” وهكذا لم يبق سو الدخول فيها وهو اليوم يؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا ويضيف مؤكدا أنها مرجعيتنا – والضمير المتصل ” نا ” يعود للجميع بما فيه حماس ونفهم بالتالي انه يعني حماس بالتحديد ما دام هو ناطق باسمها فقط .وهذا موقف متوافق مع اوسلو.
واليوم لم نعد نسمح بأن تمر المصطلحات مر الكرام . فماذا تعني ب “الإحتلال الصهيوني ” هل ما زال الإحتلال الصهيوني يعني احتلال كل فلسطين أم فقط إحتلال الضفة والقطاع ؟ وهذا امر يجب أن لا يفوتك ولا يجوز التعمية في ظل فيض من الطروحات التي ترى أن إسرائيل المقامة في أراضي فلسطين عام 1948 م هي معتدية ومحتلة لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وفقط . إن هذا لا يجوز لو كنت تقصد احتلال كل فلسطين أما إذا كنت تتحدث عن الضفة والقطاع فهذا منسجم مع خطابك الحالي ومع خطابات سابقة أعلنت فيها عن استعدادك لقبول إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع على يد المجتمع الدولي . وتكون مستقلة على يد المجتمع الدولي أي مثل موقف فتح!!
وفي الختام ما هي ” أجواء البيئة الفلسطينية في هذا الوقت.” التي ابدى مشعل تفاؤله بها ، وأنها تساعد على المصالحة وانهاء الإنقسام والوحدة والتحرير والإنضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية ؟.
الأجواء الآن هي أجواء مؤتمر فتح وهذا المؤتمر كما طرح خطاب عباس أجهز القطع نهائيا مع فتح المنطلقات ورسخ فتح المناسبة والمتناسبة مع أجواء ومناخات التنسيق الأمني المقدس وما شابه . لا بد أن تكون الأجواء هي مجرد حضور ممثل عن حماس لمؤتمر فتح والسماح له بإلقاء كلمة والسماح لحماس ان تقيم احتفالا بعيد ميلادها مع إطفاء الشموع كما هي احتفالات انطلاقات كل الفصائل الوطنية والإسلامية بدلا من الإحتفالات الكفاحية قبل التغيير حضور ممثلين عن فتح والقائهم كلمات مشجعة عن الوحدة الوطنية ..
قراءة بين سطور خطاب مشعل – محمود فنون *