قرية بتير الفلسطينية تنتصر في معركة التاريخ والتراث – غسان مصطفى الشامي
قرية بتير الفلسطينية تنتصر في معركة التاريخ والتراث – غسان مصطفى الشامي
حققت فلسطين انتصار أمميا كبيرا، في معركة التاريخ والتراث والحضارة، انتصرت في معركة الأسماء والصور والأرض وأشجار الزيتون الفلسطينية، فقد أعلن حديثا عن إدراج قرية ” بتير” الفلسطينية التاريخية على لائحة التراث العالمي، هذه المدينة التاريخية التي تتعرض للتهديد الصهيوني الدائم، حيث حصلت هذه القرية على صوت (11 دولة) مع إدراجها على قائمة التراث العالمي، فيما صوتت (3 دول) ضد القرار الأممي، كما امتنعت 7 عن التصويت، في اجتماع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الأخير الذي عقد في دورته الـ38 بالعاصمة القطرية الدوحة.
تاريخ فلسطين التراثي يزخر بمئات القرى والمدن الفلسطينية التاريخية، خاصة أن فلسطين من أول البلدان العربية تزخر بالآثار، كما يوجد فيها أقد المدن العربية في التاريخ وهي أريحا، واشتهرت فلسطين على مدار التاريخ بكثرة المواقع الأثرية التاريخية فيها، ويكفي فلسطين شرفا وفخرا أن المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد بني على الأرض بعد المسجد الحرام في مكة المشرفة.
إن الصراع مع العدو الصهيوني هو بالأساس صراع تاريخي حضاري .. صراع وجودي .. صراع على الأرض والتاريخ والتراث.. لذلك يبذل الصهاينة جهودا كثيرا من أجل إيجاد آثار لهم على أرض فلسطين أو أية دلالة أو رموز تشير إلى وجود يهودي على أرضنا المباركة؛ ولكن رغم كافة المحاولات والأباطيل التي يروج لها الصهاينة، أشارت كافة الحقائق والشواهد والحقائق التاريخية أنه لا أثار ولا تاريخ لليهود على ارض فلسطين منذ آلاف السنين.
لقد سجلت فلسطين انتصارا هاما سيكون له دورا بارزا في إنقاذ هذه القرية الفلسطينية التاريخية العريقة ذات المدرجات المائية الأثرية من التهويد والتدمير الإسرائيلي الممنهج الذي تتعرض له هذه القرية الزراعية بسبب جدار الفصل العنصري الصهيوني الذي يفصل بين المزارعين الفلسطينيين وحقولهم التي يزرعونها منذ مئات السنيين.
إن قرية بتير الفلسطينية الممتدة على مساحة (12 ألف) دونم عانت الكثير الكثير جراء السياسات العنصرية التعسفية ضدها ، كما أن مخطط بناء جدار الفصل العنصري الذي سيقسمها شطرين يهدف إلى إنهاء من التاريخ والتراث، حيث برزت أطماع الصهاينة في هذه القرية التاريخية الأثرية بصورة علنية.
وتتميز قرية بتير التراثية الواقعة على جبال الضفة بالقرب من القدس المحتلة بكثرة الوديان المائية العذبة والمصاطب الحجرية الخلابة، وتشتهر بتدفق المياه عبر نظام ري تاريخي يعود لزمن الحقبة الرومانية إلى وادٍ عميق، كما يوجد في القرية طريق للسكك الحديدية وهو بالأساس جزء من سكك حديد الحجاز التي ربطت بين يافا والقدس وشيُدت في زمن الإمبراطورية العثمانيين عام 1892م.
ولقد ناضل الفلسطينيون أصحاب قرية بتير العريقة منذ سنوات ضد المخطط الصهيوني الذي أعلنه الصهاينة عام 2007م حيث يمر من وسط القرية جدار العزل العنصري ويقسمها إلى نصفين ويعمل على تدمير الأراضي الزراعية وتخريب مجاري تدفق المياه والمدرجات الأثرية في هذه القرية الخلابة..
فعلا حقق الفلسطينيون انتصارا مشهودا في المحافل الأممية والدولية، هذا الانتصار أزعج وأغضب الصهاينة كثيرا وهو انتصار في معركة الحضارة والتاريخ والتراث، وهو انتصار في معركة الأرض والإنسان الفلسطيني صاحب الجذور العميقة على أرض فلسطين منذ آلالاف السنين .. نعم المعركة والصراع بيننا وبين الصهاينة هو صراع تاريخ وصراع حضاري وصراع فكري وعقائدي كبير؛ خاصة أن الصهاينة يبذلون الجهود الكبيرة ويعملون ليل نهار لتشويه التاريخ وتزييف الحقائق .
والمطلوب عربيا وإسلاميا دعم ومساندة الفلسطينيين في نضالهم الأممي من أجل الحفاظ على باقي القرى والمدن التاريخية التراثية الفلسطينية من التخريب والتهويد الإسرائيلي، من أجل الحفاظ عليها من طمس معالمها وتشويه أثارها لتبقى شاهدا على فلسطين الأرض والتاريخ والحضارة، ولن يهزم الإنسان الفلسطيني الراسخ في الجذور صاحب التاريخ العريق .. لن يهزم الفلسطيني الكنعاني الأصيل وستبقى الأسماء والصور الفلسطينية شاهدة على نضالات شعب فلسطين من أجل الخلاص من المحتلين الغزاة.
يدرك الصهاينة القيمة التاريخية والأثرية والتراثية لقرية بتير الفلسطينية، هذه القرية التي تؤكد على جذور الفلسطيني العربي في أرضه، وتؤكد على أنها أرض فلسطينية خالصة لا يوجد لليهود والإسرائيليين أية أثر فيها ولا حق فيها، ويدرك الصهاينة أهمية الإرث الحضاري والتراثي الكبير لهذه القرية العميقة في الجذور، هذه القرية التي تشهد على حضارة الفلسطينيين وتاريخهم الزراعي منذ آلاف السنين .
إلى الملتقى
قلم / غسان مصطفى الشامي