قصص وحكايات من ذاكرة المخيم الفلسطيني ومن الحياة
“في النهاية”
في النهاية ابتلعت الأرض كل شيء، الخيل والليل والبيداء والنخيل والجِمال والواحات، والقلم والتلة والنبع والجدول والحدائق والبنادق وآلات التصوير وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، وأبراج المشاهير وقصور الأمراء والتجار والمليونيريين والأغنياء.. ابتلعت ايضاً الفقراء والأحياء، وقبور الأموات وبيوت وأكواخ البؤساء. ابتعلت الشوارع والطرقات والأزقة والزواريب الضيقة والحارات …
في النهاية
دفنت تحتها القطارات والمركبات والشاحنات والدبابات والطائرات والبواخر والسفن والبوارج والناقلات. وكل ما أنتجته آلة القتل والدمار اللابشرية … في يوم الختام لا شيء ينفعا ولا أحد يشفع لنا.
في النهاية
ابتلعت النسور والصقور فوق القمم والأفاعي في الجحور والثعابين في القصور. الوحوش البرية في الأدغال والوحوش الآدمية في عالمنا… وكل ما انتجه عالمنا من معدات حديثة وأداوات ذكية.
في النهاية
لم يعد هناك ما يريده الانسان، سوى النجاة بحياته، لكن الحياة لا تدوم على أحد، فمهما أسرعنا فإن الموت كان دائماً هو الأسرع، كان يسبقنا الى أي مكانٍ ذهبنا إليه. كان الموت يحوم مثل النسور فوق الضحايا على هذه الأرض. لكن رحمة الله دائما موجودة، هكذا كانت تقول لي جدتي فاطمة، مذ كنت طفلاً صغيراً، في المخيم الفلسطيني، تضمني إلى صدرها وثوبها الشعبي الفلسطيني، احتضنها وتحتضنني، كلانا سندنا أنفسنا على جدار في الملجأ، أسمع دقات قلبها تعلو أصوات الطائرات المغيرة وانفجارات الصواريخ.. في ذلك الوقت كانت قنابل “اسرائيل” فوقنا قد حرقت اليابس والأخضر.
نضال حمد
11-4-2023