قصيدة من وحي رسالة الأسير أمجد عواد/سجن ريمون الصحراوي – صلاح أبو لاوي
تنفّسْ:
تنفّسْ
مهداة الى الأسير أمجد عواد
تنفّسْ
فإنك تقهر هذا الظلام
إذا تتنفسْ
تنفسْ
اذا ما استطعت الوقوف على قدميكْ
وقد أمطروك بحقدٍ قديمٍ قديمٍ عليكْ
إذا سقطوا
دون أن يسقطوك بغاز مسيلٍ
ولم يهزموا رئتيكْ
تنفسْ
لتنجُ مصادفة من زفير الصدأْ
وتعلو قليلاً
إلى أن يمر الزمان الخطأْ
تنفسْ
لتمحُ لهاث أساطيرهم
عن دفاتر لحمكَ
تمحُ العواء الثقيل بليلكَ
رائحة الموت من بين أنيابها
وتنفسْ
إذا ما استطعت الثبات
ولم تنس وجه الحبيبة أمّكَ
أو عطرها
أو جدائلَ كانت تلامس وجهكَ
حين تنام كطفل على صدرها
وتنفسْ
وإنْ حرموك الهواءَ
وإن وضعوك بزنزانة عَجَنَ الموتُ فولاذها
وتنفسْ
لتعرف عصفورةٌ خارج القفص الدمويِّ
بأنك حيٌّ
وأنك تقهر هذا الظلامَ
إذا تتنفسْ
تنفسْ
إذا ما استعدتَ مشاعرَ حزنكَ
قبل اعتقال الهواء العليلْ
وقد أبلغوك – وإنْ صَدَقوا –
إنّ أمك صارت من الذكريات
وأن أباك قتيلْ
وأن زمانك ولّى
– وهذا زمانٌ عميلْ –
تنفسْ
لأنك رغم الزنازين لم تغتربْ
عن هواكَ
ولم تتنازلْ كما فعلوا
عن هواء الجليلْ
وأنك ما زلت في وطن المستحيلْ
تنفسْ
وإنْ سَرَقَ البلهاءُ نشيدَكْ
ولم تستطع أن تقولَ لهم: (كاذبون)
ولم تستطعْ كسْرَ شاشاتِهمْ وهي تنطق باسمكَ
من غير أنْ يعرفوكَ
ومن غير أن يفهموكَ
ومن غير أن يسألوكَ
ولم يحْظَ واحدهمْ شرفاً
أنْ يزورَ عرينكْ
وخذْ نَفَسَاً واسعاً كالوطنْ
وحلّقْ
كأنك طيرٌ وحيدٌ لهذا الزمنْ
تنفسْ
فإنك تقهر هذا الظلام إذا تتنفسْ
تنفسْ
إذا ما استطعت عناق رفيق تحرّرْ
وصُبحٍ بقلبك أزهرْ
وأبصرتَ عبّادَ شمسك خلف النوافذ أخضرْ
تنفس
إذا ما استطعت التسللَ عبر القصيدةِ
نحو الحياةِ
ولم يلمحوكَ
ولم تتعثرْ
تنفسْ
إذا رفرفتْ خلف شباك سجنك قبرةٌ
أو سمعتَ نشيدَ أنوثتها في الصباح المعطّرْ
تنفس لأنك لم تتغيّرْ
تنفسْ
إذا عانقتْ ذات صبحٍ يداك عميداً
تجاوز حلم الشبابِ
وما زال مثلك يحلم بالورد والبندقية
وما غادرتْ روحَه ضحكاتُ طفولته
حلوةً أو شقيةْ
وما زال يكتبُ قبل المنام رسائلَهُ لحبيبتهِ
وكأنَّ الزمانَ تجمّدَ في وجهِ تلك الصبيةْ
تنفسْ
لأنكما لا تزالان للحب تختصمانِ
ولا تكبران سوى في القضيةْْ
تنفسْ
إذا خانتْ الأمنياتُ رفيقاً
ولمْ يستطعْ أنْ يتمَّ الصلاةْ
فحلّقَ – مثل البنفسج في الضوءِ – سهماً
تفلّتَ من قوس هذي الحياةْ
تنفسْ
لأنك حيٌّ وحرٌ وبين يديكْ
سرُّ روح الصباحِ
وإن أغلقوا كل باب عليكْ
تنفسْ
فإنك تقهر هذا الظلام إذا تتنفسْ
تنفّسْ
تنفسْ
تنفسْ
_____________________________
هذه القصيدة من وحي رسالة الأسير أمجد عواد
سجن رامون الصحراوي
18/6/2021