قطعة قماش عرض متر بطول مترين:- جمال حلاوة
لا أود أن أجعل من قطعة قماش تلتف حول رأس إمرأة لحجب رؤية معالم وجهها جزئياً أو كلياً موضوع نقاش و مصدر توتر. ولكني أتساءل و أنا أتأمل حركة تاريخ البشرية وتطورها، هل يمكن إختزال الدين والأخلاق بقطعة قماش في القرن الواحد وعشرين؟ وهل يعني ما نريد حجب رؤيته هو النور الذي يضيء طريق المعرفة والتقدم؟ وألم تثبت عبر التاريخ الصلة العضوية بين الحركات الدينية الإسلامية الأكثر إنتهازية وعنف وتخلف ورجعية وبين أجهزة الإستخبارات لدول الإستعمار الغربية والصهيونية؟
كما نوهت مسبقاً، الموضوع لا يعني قطعة قماش عرض متر بطول مترين يلتف حول رأس إمرأة يجعل رأسها أشبه برأس الكرنب (الملفوف)، وإنما الحقيقة الثابتة هي: موضوع قطعة قماش يستخدمها الإستعمار عبر أدواته الخسيسة في مجتمعاتنا كي تلتف حول عنق القيم الإنسانية الدافعة للتطور والعدالة والمساواة بين جنباته، ولإعاقة أي نهضة فكرية-قومية-تقدمية قابلة لدفع حركة التاريخ نحو الأمام.
إن لم تتحرر المرأة في مجتمعاتنا، لن يتحرر الرجل أبداً ولن تتحرر الأوطان من التبعية والعبودية، وإن لم يضع المفكرون والمثقفون التقدميون العرب وغير العرب في مجتمعاتنا التي أعاد الغرب أسْلَمَتها على هواه، النضال من أجل المساواة ومن أجل تفكيك الأفكار البالية التي زرعها عملاء الإستعمار بإسم الدين قطعة قطعة، بدءاً بقطعة القماش التي تعيق نصف المجتمع من العمل والمنافسة بنفس الشروط، وبالتالي، إعاقة حركة التطور للمجتمع ككل، فإن أي حركة تحرر وطنية ستبقى منقوصة وغير قابلة لفرض حالة تغيير جديدة وجدية وسيكون مصيرها الفشل والتكلس كغيراتها.
جمال حلاوة