قمم ترامب الثلاث في الرياض أكبر كارثة على قضية فلسطين
د. غازي حسين:
بنى أمراء وملوك النفط والغاز آمالاً كبيرة على رؤساء دول غربية ، وعقدوا معهم صفقات أسلحة خيالية ، وموّلوا حملاتهم الانتخابية وعمليات المخابرات المركزية القذرة في أمريكا اللاتينية وبقية دول العالم التي كان الكونغرس الأمريكي يرفض تمويلها، ودفعوا لهم بسخاء كي يفوزوا بالانتخابات.
وذهبت وعود أوباما في جامعة القاهرة والتي وعد بها بعض الحكام العرب أدراج الرياح وتلقت منه اسرائيل أضخم المساعدات العسكرية والأمنية وأغدق عليها الأموال الضخمة ، وكان موقف وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ليس مشرّفاً تجاه قضية فلسطين وبقية القضايا العربية ، بل ساهمت في استمرار تنفيذ المخططات التي وضعتها إدارة بوش للبلدان العربية ، وساعدت هيلاري كلينتون جماعات الإخوان المسلمين في مصر وليبيا على تسليم الحكم لهم انطلاقاً من تجربة حزب أردوغان الإسلامي في تركيا .
استغلّ المحافظون الجدد ومعظمهم من اليهود والليكوديون في إدارة بوش الابن والمسيحية الصهيونية واليمين السياسي الأمريكي تفجيرات 11 أيلول لإشعال الحرب الصليبية العالمية على الإسلام كما وصفها مجرم الحرب بوش الابن ولفرض هيمنة أمريكا الأحادية على العالم ، وتبنّى الكونغرس الأمريكي ومجرم الحرب بوش مشروع المستشرق اليهودي الحقير برنارد لويس لتفتيت البلدان العربية والإسلامية بإشعال الفتن الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية والحروب الأهلية بين السنّة والشيعة، وإعادة تركيبها من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير لإقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية ، والإطاحة بالأنظمة الوطنية المتمسكة بعروبة فلسطين في سورية والعراق وليبيا والقضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية وإضعاف الجيوش العربية الكبيرة والثورة الإسلامية في إيران .
ورفعت إدارة بوش شعارات نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق وأشعلت الحرب عليه بإكذوبة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية (انتراكس) وعلاقاته مع القاعدة التي ابتكرتها المخابرات المركزية وموّلتها السعودية ولنشر الديمقراطية فيه .
وظهر بجلاء من خلال الإطاحة بالنظام وتدمير الجيش العراقي والمنجزات العراقية ، وبث الفتن والحروب الأهلية فيه أنّ الهدف الأمريكي من الحرب على العراق هو النفط ومصلحة اسرائيل ، وإقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد وتصفية قضية فلسطين وتفتيت وتدمير العراق وسوريا وإيران وليبيا .
استغل الرئيس الأمريكي بوش الذرائع الكاذبة لارتكاب الحرب العدوانية وغير الشرعية على العراق تحقيقاً للإستراتيجيتين الأمريكية والإسرائيلية لتدمير المنجزات ونهب الثروات والإطاحة بالأنظمة وتعيين قيادات سياسية لإنهاء الصراع العربي الصهيوني ، ودور العرب في العصر الحديث لصالح إسرائيل الاستعمارية والعنصرية والإرهابية وعلى حساب الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، ولم تتحقق الديمقراطية في العراق ولا يزال الإرهاب الذي نشرته أمريكا والموساد يقتل ويدمّر ويحرق البشر والحجر والشجر مستمراً .
وتعمل إدارة ترامب اليوم على تسخير جامعة الدول العربية التي تقودها السعودية للقضاء نهائياً على الوحدة العربية والتعاون والتنسيق العربي وتصفية قضية فلسطين والحيلولة دون زوال إسرائيل وتخليد وجودها وهيمنتها ، ويستغل ترامب المتأمرك والمتصهين ومجرم الحرب محمد بن سلمان لإقامة تحالف شرق أوسطي جديد ، بحيث تكون فيه إسرائيل بمثابة المركز والقائد والحكم، ويتحول الاستعمار الاستيطاني اليهودي في فلسطين إلى إمبريالية إسرائيلية في جميع بلدان الشرق الأوسط بمساعدة دول الخليج .
ويعمل ترامب مع محمد بن سلمان المجنون بمعاداة إيران والعروبة والإسلام الصحيح وحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية انطلاقاً من تربيته الوهابية التكفيرية لتطبيع العلاقات وإقامة التحالف الجديد مع العدو الإسرائيلي عدو العروبة والإسلام والبشرية جمعاء ، وبيع فلسطين لقاء استمرار الحماية الأمريكية للعرش السعودي من شعبه العربي الأبي .
ونظّم مجرم الحرب محمد بن سلمان مع حليفه المتصهين والمتأمرك محمد بن زايد زيارة ترامب إلى الرياض ، وعقد القمة الأمريكية العربية الإسلامية في 23 أيار /2017 في الرياض وبحضور 54 دولة .
ويأمل ترامب تحقيق جميع المصالح والأهداف والمخططات الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط دون تورّط أمريكي في حرب جديدة بالمنطقة من خلال قيادة التحالف الخليجي الإسرائيلي الجديد ، والقضاء على عروبة فلسطين من البحر إلى النهر وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم ، واستعادة أرضهم وممتلكاتهم، والتحرّش المستمر بإيران ومحاولة إضعافه ونشر الإرهاب التكفيري فيها باستغلال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية وتشديد الحصار والعقوبات عليها .
شكّلت قمة ترامب مع دول الخليج بالإضافة إلى القمة العربية الإسلامية أكبر كارثة على قضية فلسطين ومدينة الإسراء والمعراج ، وأكبر خطر حقيقي على المسجد الأقصى المبارك للإسراع بتدميره وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وجاءت زيارة ترامب من الرياض مباشرة إلى تل أبيب وزيارته لحائط البراق لتطبيع العلاقات بين السعودية ودول الخليج وبين إسرائيل أولاً ، ثم الاستقواء بدول الخليج في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لإجبار المفاوض الفلسطيني الهزيل والمروّض والمخصي الموافقة على الحل الإسرائيلي لقضية فلسطين وإنهاء الصراع العربي الصهيوني .
استجاب محمد بن سلمان ومحمد بن زايد لرغبة ترامب ، واقترحت مشيخات وممالك الخليج مبادرة خليجية لإقامة علاقات أفضل مع إسرائيل في القمة ، إذا قدّم الغاشمي نتنياهو مقترحاً جادّاً يهدف إلى إطلاق عملية المفاوضات تتضمن :
-
السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجوائها .
-
رفع القيود عن المستوردات من إسرائيل .
-
منح تأشيرات للفرق الرياضية الإسرائيلية أو الوفود التجارية للمشاركة في مناسبات بالدول العربية ز
-
دمج إسرائيل في الهيئات التجارية والاقتصادية في المنطقة .
ومن الجدير بالذكر إنّ فقدان البصر والبصيرة في العداء الخليجي لإيران ومعارضة توقيع اتفاق اللف النووي أدّى إلى تصاعد التعاون السعودي الإماراتي مع إسرائيل لمواجهة إيران الداعمة لقضية فلسطين .
ويرغب ترامب بتشكيل قوة نارية لمواجهة إيران بالأموال الخليجية تحاكي القوة الأطلسية بمواجهة روسيا ، وبعبارة أوضح ناتو عربي إسلامي إسرائيلي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
وبحث ترامب مع الفاشي نتنياهو ثلاث قضايا :
-
تعزيز العلاقات الثنائية .
-
العمل ضد التهديدات المشتركة .
-
سبل دفع عملية السلام ( أي عملية الاستسلام الخليجي والنظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من النيل إلى الفرات) .
تحسّنت العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج بعد توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو ، وخرجت في السنوات الأخيرة وإبّان الحروب الأمريكية والخليجية والإرهاب التكفيري على سورية والعراق وليبيا من السريّة إلى العلن .
وانحاز ترامب الذي يجهل ويتجاهل عدالة قضية فلسطين انحيازاً أعمى لإسرائيل أفقده البصر والبصيرة لعقد صفقة القرن بتوقيع الحل النهائي لتخليد وجود إسرائيل لفترة أطول في فلسطين وتأخير زوالها المحتوم . وتخلى آل سعود وثاني ونهيان والسيسي عن عروبة القدس وفلسطين وحق عودة الاجئين الى ديلرهم ووافقوا على صفقة القرن وتصفية قضية فلسطين وتطبيع العلاقات مع العدو وانهاء صراع الوجود واقامة الناتو الاسلامي واسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الكبير بموافقة القمة العربية القادمة في الرياض